حافظت دورة كأس الخليج كعادتها على إثارتها ورفضت "خليجي22" أن تبوح بكل أسرارها في الدور التمهيدي وأبقت فصول الراوية مفتوحة حتى نصف النهائي، عندما قدمت منتخبات قطروعمان والسعودية والإمارات مباراتين من طراز رفيع سجل فيها لاعبو الفرق الأربعة تسعة أهداف رفعت نسبة التسجيل في الدورة بعد أن كدنا أن نسميها بطولة الشح التهديفي. ليس أدل من صحة هذا المعطى إلا ما أكده خبير الإحصاء الإماراتي الزميل منصور عبدالله المتتبع لفرق القارة الآسيوية إن على صعيد المنتخبات أو الأندية عندما قال: "كانت نسبة الاستحواذ على الكرة في مباراة السعودية والإمارات مرتفعة جداً إذ بلغت 59 دقيقة من أصل 90 دقيقة، وهو رقم مرتفع جدا بالنسبة للمباريات التي تقام في قارة آسيا". أكدت المباريات الأربع أن كل فريق من الفرق التي لعبت نصف النهائي تستحق التأهل للمباراة النهائية قياسا على ما قدمه لاعبوها من عرض رفيع توازى مع مكانة كل فريق وحرصه على بلوغ اليوم النهائي. لكن كرة القدم لا تعترف إلا بمن يزور الشباك ويسجل، ففي مباراة قطروعمان يبدو أن لاعبي المنتخب الأحمر (عمان) قد تأثروا سلبا بالنتيجة العريضة التي اتخموا بها الشباك الكويتية، وظهرت استكانتهم للإنجاز التاريخي ويبدو كذلك أن أفراحهم بتسجيل خمسة أهداف أنستهم مباراة قطر وما ينتظرهم من مواجهة لا تعترف إلا بالعطاء داخل الملعب، ومع هذا فكتيبة المدرب الفرنسي بول لوغوين ينتظرها مستقبل مشرق فجل اللاعبين من فئة الشباب وينقصهم الخبرة التي سيحصلون عليها في قادم المشاركات. جاء التأهل القطري لينصف "العنابي" الذي قدم كرة ممتعة توجها بثلاثة أهداف مستحقة، قوة الفريق القطري تكمن في نجاح مدربه الجزائري جمال بلماضي في كيفية توظيف قدرات لاعبيه الشبان لخدمة الفريق، وبالتالي فهو مدرب واقعي يمتلك خطا دفاعيا محكما وفريقه يقدم أداء متوازنا وهو الأمر الذي يميز القطريين. وفي المباراة الثانية قدم فريقا السعودية والإمارات نفسيهما بصورة تعكس مكانتهما الخليجية والقارية، وكانت مباراتهما تمثل تنافسا حقيقيا بين فريقين كبيرين تبادلا فيه السيطرة والتسجيل فبعد شوط أول سعودي صرف توجوه بهدفين استلم الإماراتيون الشوط الثاني وعادلوا النتيجة وكانوا قريبين من التسجيل، لكن خبرة لاعبي الأخضر وبراعتهم حسمت الموقف بهدف "التورنيدو" سالم الدوسري. مباراة المنتخب السعودي أعادت لنا جزءا من شخصية الفريق الذي يلعب للفوز ولا غيره بفضل القدرات الهجومية لدى أغلب لاعبيه، كما أن المباراة أظهرت لنا الروح التي كان يلعب بها السعوديون من قبل وهي الوقود الحقيقي الذي أوصلت منتخبنا لمنصات التتويج من قبل. خاتمة قبل اليوم النهائي أخشى أن يركن لاعبو المنتخب السعودي إلى نتيجة مباراتهم أمام الإمارات، والخوف أن ينتهي بهم المطاف إلا هذا التأهل فقط، وأن لا يعطوا المباراة الختامية حقها من التركيز خارج الملعب والعطاء داخله. أتمنى أن تعمل الأجهزة الفنية والإدارية لمنتخبنا على إخراج اللاعبين من الهالة التي تحيط بهم بعد التأهل، وأن يترجموا الفوز السابق بتحقيق اللقب، فجل اللاعبين من صغار السن وظروف كهذه لم يمروا بها من قبل ودور لاعبي الخبرة مهم جدا في تهيئة زملائهم، والتأكيد على أن كل ما تحقق لا يعتد به في حال عدم الفوز بالكأس.