تواصلت أمس السبت في فيينا المفاوضات بين ايران والدول الكبرى للتوصل الى اتفاق حول البرنامج النووي لطهران، علما بان اي اختراق ملحوظ لم يتم تسجيله قبل ثلاثة ايام من انتهاء المهلة المحددة. فبعد خمسة ايام من المفاوضات الشاقة، لم يتحقق الاختراق المأمول به رغم أن وزير الخارجية الاميركي جون كيري ونظيره الايراني محمد جواد ظريف كثفا لقاءاتهما حتى وقت متأخر من مساء الجمعة. وقال اريك شولتز المتحدث باسم الرئيس الاميركي باراك اوباما في ختام أعمال يوم أمس "سأكون صادقا، لا تزال هناك تباينات وهي تباينات كبيرة". وتجتهد مجموعة الدول الست الكبرى (الصين والولايات المتحدةوفرنسا وروسيا وبريطانيا والمانيا) وايران لبلوغ اتفاق يضع حدا لاثني عشر عاما من التوتر الدولي وذلك في موعد اقصاه الاثنين. ويريد المجتمع الدولي من ايران ان تقلص قدراتها النووية تفاديا لاستخدامها لاغراض عسكرية. وفي المقابل، تطالب طهران التي تؤكد ان برنامجها سلمي بحت، بحقها في امتلاك قدرة نووية مدنية في موازاة مطالبتها برفع العقوبات الاقتصادية التي فرضت عليها. واضاف شولتز "نخوض سباقا مع الوقت. المهلة هي الاثنين وفرقنا تعمل من دون كلل للتوصل الى اتفاق". وتوجه وزيرا خارجية فرنسا لوران فابيوس وبريطانيا فيليب هاموند الى فيينا الجمعة على ان ينضم اليهما الوزيران الالماني والروسي في نهاية الاسبوع. وبات معروفا ان ثمة نقطتين خلافيتين: وتيرة رفع العقوبات من جهة والقدرات الايرانية على تخصيب اليورانيوم من جهة اخرى. وصرح مصدر قريب من الوفد الايراني لوكالة الأنباء الفرنسية بان "الجميع يحاولون التوصل الى اتفاق حول اطار عام لنتمكن بعدها من العمل على التفاصيل. ليس هناك سيناريو آخر ممكن في هذه المرحلة. ولاحقا يمكننا ان نمنح انفسنا بعض الوقت". من جهته، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من موسكو ان "كل المكونات من اجل اتفاق باتت على الطاولة"، مضيفا "ربما هناك محاولة، في هذه المرحلة المتقدمة من المفاوضات، لاقتراح بعض الافكار الاضافية بهدف الحصول على اكثر بقليل مما يحتاج اليه" كل طرف. والجمعة، دعا فابيوس ايران الى "انتهاز فرصة" بلوغ اتفاق. وفي السياق نفسه، اعتبر هاموند ان لدى الجمهورية الاسلامية "الكثير لتكسبه: الوصول الى مبالغ كبيرة من الاصول المجمدة، القدرة مجددا على ممارسة التجارة بحرية مع العالم واعادة اطلاق العلاقات مع المجتمع الدولي". ومن شأن التوصل الى اتفاق ان ينعش الاقتصاد الايراني، وخصوصا بفضل رفع الحظر الدولي عن النفط الايراني. كما سيمهد لتطبيع العلاقات بين ايران والغرب ويفتح نافذة التعاون وخصوصا حول ازمتي سورية والعراق. وعدم امكان تجاوز الصعوبات يدفع العديد من الخبراء الى طرح احتمال اتفاق انتقالي جديد. لكن هذه الصيغة سترفع من اسهم من يعارضون الاتفاق سواء في الجانب الغربي او الايراني. ونبه المفاوض الروسي سيرغي ريابكوف الى "انها لحظة مصيرية وعدم انتهازها سيكون خطأ كبيرا مع تداعيات وخيمة جدا". وبعدما كان الرئيس باراك اوباما طليق اليدين للتفاوض مع ايران من دون اي تدخل للنواب في واشنطن، فان خصومه الجمهوريين سيسيطرون اعتبارا من يناير على مجلسي الكونغرس الاميركي. كذلك، فان فشل مفاوضات فيينا سيضعف موقع الرئيس الايراني المعتدل حسن روحاني الذي قد يخسر جزءا كبيرا من صدقيته في حال لم يؤد انفتاحه على القوى الكبرى الى النتائج المرجوة.