تنتشر المخيمات البرية في كل عام مع دخول موسم الشتاء بشكل لافت للأنظار على أطراف المدن، وفي المواقع البرية الذائع صيتها والمشهورة بنمو النباتات الربيعية والأعشاب، حيث تزداد حركة بيع المخيمات ومستلزماتها، ويكثر العرض والطلب على تأجيرها بأسعار متفاوتة، بناءً على مدة الاستئجار، ومواصفات المخيم، والأدوات المطلوب توفيرها، من مساحة المخيم، وعدد الخيام، ودورات المياه، ومستوى الفرش، وتجهيزات المطبخ، وكذلك مدى توفر أدوات الترفيه للكبار والصغار. ورغم انتشارها العشوائي الملحوظ في كل مكان، إلاّ أنّها لم تخضع إلى تنظيم من قبل الجهات المسؤولة، لكي تؤدي دورها في الترفيه والترويح على الأسر والشباب بشكل حضاري وخدمي وأمني، ومستوفية لشروط الأمن والسلامة، وكذلك للحد من الفوضى السائدة في انتشارها وما قد يقع فيها من مخالفات أمنيه وأخلاقية. تشديد الرقابة حمد الدوسري ورأى "حمد بن عبدالرحمن الدوسري" -مقدم برامج تلفزيونية– أنّ ارتفاع أسعار الاستراحات داخل المدن ساهم بشكل كبير في انتشار المخيمات، كما يفضل المجتمع السعودي حاضرة وبادية -خاصةً أبناء المدن- التخييم الشتوي، باعتباره متنفسا لهم للنزهة والاستمتاع بالأجواء الباردة، وإشعال النار، وتبادل أطراف الحديث مع الأصدقاء والأسرة، فيما يستغله بعض كبار أفراد الأسرة في تنظيم اجتماع شهري أو أسبوعي لاجتماع الأبناء والأقارب، وتجديد التعارف بينهم ببساطة وأريحية، بعيداً عن النمط الرسمي المعتاد للاجتماعات داخل المنزل، مطالباً أن يكون هناك تشديد دقيق ورقابة على الأماكن التي يكثر فيها التخييم، مع إصدار تراخيص موقتة لها من قبل الأمانات، أو الجهات الأمنية التي تكون المخيمات في حدودها الإدارية؛ لكي لا تستغل في أعمال قد تضر بأمن الوطن والمجتمع، كترويج المخدرات، وتناول المسكرات، أو التخطيط والتنظيم لأي عمل مخالف للدين والأخلاق والنظام. أسعار متفاوتة وبيّن "أبو عبدالله" –صاحب مخيمات تأجير- أنّ سعر المخيم يختلف باختلاف المواصفات المطلوب توفيرها من عدد الخيام، ومساحاتها، وخزانات الماء، ودورات المياه، وعدد الإنارات، ووسائل الترفية، كالدبابات، وملعب الطائرة، وشاشات التلفزيون، وملاهي الأطفال، ومستوى الفرش وجودته، ومدى توفر حارس، وطباخ، وقهوجي، لإعداد كل ما يرتبط بالمشروبات الساخنة، مشيراً إلى أنّ أسعار المخيمات يبدأ من (1000-8000) ريال لليوم الواحد، ويختلف السعر في الأيام العادية عن عطلة الأسبوع، وكذلك الإجازات نظرا لكثرة الطلب، موضحاً أنّ تأجير المخيمات باب رزق ممتاز في موسم الشتاء وغيره نظرا لكثرة الإقبال عليها من قبل الشباب والأسر، كتفضيلها منهم على الاستراحات. تنظيم المخيمات د. عبدالله الناهسي وأوضح "د. عبدالله بن فلاح الناهسي" - إعلامي ومستشار أكاديمي– أنّ المجتمع يمتلك سيكولوجية مرتبطة بالصحراء وعشقا للماضي؛ لأنّ الكثير منهم يجدها فرصة تجديد هذا الارتباط في فصل الشتاء خاصة من خلال التخييم، منتقداً فوضى نصب المخيمات وعدم تنظيمها؛ مما عكس صورة من المناظر العشوائية السيئة التي يلاحظها الزائر والسائح قبل المقيم، منوهاً بأنّها ذات خطورة متعددة ترتبط بنواحٍ أمنية، لتزايد عدد المجهولين المشغلين لتلك المخيمات وإيواء أصحاب السوابق والمطلوبين، بالإضافة إلى صعوبة وصول سيارات الإسعاف والدفاع المدني في حالة الطوارئ؛ نظراً لكثرة الحفريات والشبوك والأكوام الترابية، مطالباً باتخاذ التدابير اللازمة من خلال الأمانات، وذلك بتخصيص مواقع كأماكن للتخييم الموقت بواقع أربعة أشهر من العام، وإعطاء كل متقدم مساحات بالتساوي، وكذلك ترقيم المخيمات، وتمهيد طرق ترابية تسهل وصول سيارات الطوارئ، وعمل تفتيش دوري عليها، وفرض رسوم رمزية على المواقع مقابل تقديم الخدمات. معيض العتيبي استخراج رخصة ولفت "معيض بن عبدالله العتيبي" –مقدم تلفزيوني– إلى أنّ جميع الأنشطة التجارية تخضع لشروط استخراج رخص، سوى المخيمات البرية التي تكثر في أطراف مدن المملكة وخاصة العاصمة الرياض دون ان تندرج تحت اي مظلة او جهة رسمية مسؤولة عنها بشكل مباشر وذلك للحفاظ على سلامة المواطن والحفاظ على الأمن بصفة عامة. واعتبر "نايف بن عبدالله الحربي" -إعلامي- أنّ خصوصية المجتمع وقلة تفاعل أفراده مع المجتمع الخارجي تدفع رب الأسرة دائماً إلى البحث عن مكان محدود خاص به وبأسرته، كالمخيمات البرية؛ لأنّه لا يجد المتعة أو الارتياح في الحدائق والمتنزهات العامة، لافتاً إلى أنّ قلة أماكن الترويح والتسلية ساهم بشكل كبير في البحث عن بدائل ومنها المخيمات البرية العشوائية، مقترحاً تحديد مواقع على مداخل المدن، وتجهيزها بالخدمات تحت إشراف البلديات، وتكون مواقع موقتة للمخيمات، بالإضافة إلى سن تشريعات وتراخيص وعقوبات ونظام مرتبط بها من قبل لجنة مكونة من الأمانات والشرطة والحاكم الإداري والدفاع المدني، ووضع مواصفات للمخيمات منها عدم قابليتها للحريق، إلى جانب عمل دراسات لمعرفة أفضل الحلول لتنظيم المخيمات ورصد السلبيات الناتجة من عشوائية انتشارها. خطورة انتشارها العشوائي د. عبدالرحمن بدوي ونوه "د. عبدالرحمن عبدالله بدوي" -أستاذ علم الاجتماع والجريمة المساعد كلية الملك خالد العسكرية بالحرس الوطني– بأنّ ظهور المخيمات العشوائية في أطراف المدن وخارج النطاق العمراني له العديد من السلبيات على كافة الأصعدة، خاصةً الصعيدين الأمني والاجتماعي، مبيّناً أنّ غياب التنظيم القانوني والرسمي للمخيمات العشوائية يشكل فرصاً إجرامية سانحة تترعرع في هذه البيئة الخصبة، في ظل غياب الرقابة والتنظيم والوعي الاجتماعي، موضحاً أنّه عندما نتحدث بعمق من داخل هذه المخيمات نجد مجهولية في التعامل وتسطحا في العلاقات على كافة المستويات ما يجعل الفرصة أكبر لتنظيم أو تنفيذ انحرافات سلوكية أو مخالفات يجرمها القانون والمجتمع، والمتأمل في حال هذه المخيمات يجد كافة العوامل المحفزة لتلك الأعمال المخالفة للقانون، بداية من بدائية تنفيذ المخيم نفسه، وافتقاده لوسائل الصحة والسلامة، ومروراً بخدمات مساندة، كمولدات وأجهزه الكهرباء، التي اتضح في أغلب الحالات أنها في الأصل مسروقة من داخل المدن ومن أماكن حيوية. وأضاف أنّ الأشخاص الذين يحرسون هذه المخيمات هم في الأغلب من مخالفي نظام الإقامة، ومن مرتاديها، لافتاً إلى أنّ بعض المخيمات تم تحويلها إلى أوكار لتعاطي وترويج المخدرات والمسكرات، وبؤرة للجرائم الأخلاقية، مؤكّداً على أنّ الجريمة لا تنمو في فراغ اجتماعي، فعدم كفاءة الظروف الاجتماعية والاقتصادية تؤثر على شخصية الفرد فتدفعه إلى ممارسة السلوك الإجرامي بصورة مباشرة أو غير مباشرة، مشدداً على أهمية تضافر الجهود الرسمية والمجتمعية وتشكيل لجنة متخصصة مكونة من الجهات ذات العلاقة لدراسة هذه الظاهرة، ومعرفة أبعادها وإيجاد حلول جذرية لها لاجتثاث، وتخفيف أحد أبرز منابع الجريمة والذي يطل علينا موسميا كأحد مهددات الأمن بمفهومة العام والإنساني. عشوائية التخييم تشوه أماكن التنزه