مازال الجوع يشكل واحداً من أكثر تحديات التنمية إلحاحاً، وبالرغم من ذلك ينتج العالم أغذية أكثر مما يكفيه. إن استرداد نصف ما يتم فقده أو هدره من الأغذية فحسب يمكن أن يطعم العالم كله. الغذاء متوفر في العالم لكن الهدر هو السبب الرئيس. العالم يهدر 30% من الغذاء تكفي ل800 مليون جائع، وفي حاله هدر 60% يكفي 1.6 مليار جائع. هذه احصائيات منظمة الاغذية والزراعة (الفاو). ال30% من الهدر يساوي 1.3 مليار طن من الغذاء يهدر سنويا. وهنا في مملكتنا الحبيبية اعتبر الدكتور بالغنيم، أن الهدر مناف للتعاليم الاسلامية التي يخالفها الكثير من السعوديين في عاداتهم الغذائية، مشيرا إلى أن الهدر في السعودية من الغذاء يقدر 30% سنويا، مما يشكل عبئا على الاقتصاد الوطني لأن جزءا كبيرا من السلع الغذائية مستورد. أتمنى أن نقلل من الهدر الغذائي أو القضاء عليه بعد أن كشف وزير الزراعة الدكتور فهد بالغنيم، أنه صدرت الموافقة السامية على اقتراح وزارة الزراعية بتشكيل لجنة تضم عددا من الجهات الحكومية لدراسة وضع آلية تساهم في الحد من الفاقد والهدر في الغذاء، مبينا أن اللجنة بدأت أعمالها وعقدت عدة اجتماعات لاستكمال دراسة هذا الموضوع المهم والحيوي وإعداد التوصيات اللازمة لذلك. (الفرد الخليجي يهدر ما يقارب ال 250 كيلوجراما من طعامه سنويا) يقول تعالى: "وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين" (31) سورة الأعراف. ثقافة المجتمع في المحافظة على الغذاء وعدم الهدر تختلف من مجتمع الى آخر، هناك من يأكل كل ما يأخذه في صحنه وهناك من يرمي اكثر مما يأكله، ولنا في ولائم الافراح والبوفيهات المفتوحة خير دليل. هناك جمعيات وشركات وأفراد لهم أياد بيضاء لكنها لا تكفي. إنها ثقافة مجتمع وجيل بعد جيل. عالم غريب عجيب هدر وجوع معادلة صعب فهمها لكنه الواقع. منذ أكثر من ثلاثة عقود وبصبحة زوجتي في احدي قرى جنوببريطانيا دخلت أحد الأسواق للشراء لاحظت المشترين من حولي يبتسمون وعند الصندوق ابتسمت الموظفة، ادركت ان كمية المشتريات التي في عربية الشراء مبالغ فيها، حيث إنهم يشترون الفاكهة والخضار بالحبة. مرة أخرى دعوت معلمتي لتناول وجبة العشاء، وعند جلوسنا ابتسمت المعلمة وقالت: كم عدد المدعوين؟ أليس هذا إسراف وحرام الإسراف في دينكم. إنها ثقافة مجتمع لا تصلح إلا تغيرت هذه الثقافة، وثقافات اخرى. وهناك دول غربية تحرق الفاكهة والخضار وتسكب اللبن في الحقول لماذا؟ خوفا من انخفاض الأسعار وبهذه الطريقة يكون العرض أقل من السعر. إنها تحرق البطون الجائعة في شتي دول العالم الفقير. ياله من عالم متناقض. يعتبر الإسراف كارثة يعيشها مجتمعنا كل يوم، الإسراف في المأكولات. بالإضافة للإسراف في استخدام المياه، الإسراف في استخدام الأدوية، المبالغة في شراء أغلى المنتجات، ترك إضاءات المنزل الخارجية نهاراً، ولكم أعزائي وعزيزاتي القراء ان تضيفوا انواعاً كثيرة من الإسراف. قال تعالى: "يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين" (الأعراف:31). أخيراً العام الماضي قدرت جميعة البر الخيرية، كمية الأطعمة المتبقية يومياً من الموائد في رمضان بنحو 4500 طن من الأطعمة، مبينة أن أغلبية الأطعمة الفائضة يتم رميها وعدم الاستفادة. همسة في أذن الرجل والمرأة هل تعلمون كم تنفقون على مواد التجميل بأنواعها حوالي (5) مليارات ريال وهو ما يجعل المملكة من أكبر الدول المستهلكة على مستوى الشرق الأوسط. أقتبس: قال الشافعي: (التبذير إنفاق المال في غير حقه، ولا تبذير في عمل الخير).