يرى في بلدان الخليج واحاتٍ حضارية بأبعاد ثلاثة، محلية وخليجية وعالمية بامتياز. علي حرب، الكاتب اللبناني يعلن تفاجؤه بمدينة الشارقة التي زارها قبل أكثر من عقد ليعود إليها في محاضرة حول (جهة العقل.. حوار الشرق والغرب)، ضمن فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب الذي يقام حاليا في "اكسبو الشارقة". في بداية الليلة التي شاركهُ فيها الكاتب والسياسي الباكستاني حسن حقاني، أكد علي حرب بوصفه مشتغلاً بالفلسفة، أن الفيلسوف يملك عيناً نقدية وجودية تتعدى المذاهب والديانات لكي تتحدث عن أزمة الإنسان، معنوناً ورقته ب " في مايتعدى حوار الشرق والغرب.. أزمة الإنسان المعاصر". مشيراً إلى أن مايجري على الأرض العربية في هذا العصر متشابك في غير بلد عربي من عنفٍ فاحش هو دليل يشهد على أزمة الإنسان وليس على أزمة العربي وحده. وناقش علي حرب، عدة قضايا تمس الشرق والغرب، متسائلاً: " هل ثنائية الشرق والغرب لا تزال تملك مصداقيتها اليوم أم تجاوزناها؟. معلناً أنه فيما يخص التعريف، فإن الآخر هو وجهنا الآخر؛ العدو وجهنا الآخر أيضاً وأن أي تعريف له أو أي تعريف كان ينطوي عليه نوع من الحجب والزيف". مضيفاً: "لماذا لا أقول ان العدو صار وجهنا الآخر مادام الأخ يقتل أخاه". وعن مستويات الحديث عن الغرب؛ يميز صاحب كتاب (الأختام الأصولية)، بأن الغرب هو منطقة جغرافية وكهوية جدها الديانة المسيحية وهو أيضاً ليبرالية سياسية.. لكن من هو الشرق؟ يسأل حرب؟ إنه نقيض الغرب في كل شيء، ويضيف:" ومع ذلك اسأل: هل فعلاً ثمة مصداقية في الحديث عن الشرق والغرب هل هذه القضية راهنة، اسأل لأننا نعيش وسط تحولات تغير بها العالم، لم نعد في زمن هنتغتون، علماً أن الأخير تحدث عن صراع الحضارات والأفضل أن نتحدث اليوم عن صراع الثقافات لأن التقنية، حضارةٌ واحدة والثقافات متعددة". ورأى علي حرب أنه بعد قرنين من مناهضة الغرب من قبل المسلمين بوصفهم الغازي، المتسعمر.. أين أصبحنا، لقد أصبح الأخ في الدين والشقيق في الوطن هو العدو. متسائلاً: "كيف نتحدث عن ثنائية الشرق والغرب وقد أصبح العدو فينا". مضيفا: "هذا الغازي المتسعمر الغربي والذي أقمنا على مأدبته التقانية منذ عقود، أصبحنا نستنجد به لكي يردع بعضنا عن بعض أو لكي يؤلب بعضنا على بعض في حروب الفناء المتبادل التي ننخرط في صنعها بغرائزنا العمياء وعنصريتنا الطائفية وظلاميتنا العقائدية، نحن نتهم الغرب بأنه مصدر مصائبنا في حين أنه شكل المرجع لكل عربي في السياسة والثقافة، وكل هارب من جور بلده يهرب إلى بلاد الغرب، منذ محمد عبده والأفغاني إلى الإخوان المسلمين ومن روح الله الخميني إلى المعارضة السياسية السورية ومن أحمد شوقي إلى نزار قباني وآخرين". وتوقف الكاتب اللبناني عندما رأى أنها مفارقة لدى الفلاسفة العرب المعاصرين وهي " ثنائية الاستشراق والاستغراب أو العقل الغربي والعقل العربي أو العقل الإسلامي والعقل الغربي وهي ثنائية خادعة لأن العرب منذ العصر العباسي تحدث عن العقل وليس عن عقل محدد جغرافيا لأننا عندما نتحدث عن عقل عربي واسلامي نعود إلى ما قبل زمن المأمون". لذا أقول: "إن هذه الثنائية خادعة لأن خطاب العقل لا هوية ثقافية أو لغوية له". وحول المعنى المقصود بجهة العقل، علق علي حرب على مقدمة الندوة الكاتبة عائشة الكعبي، قائلاً: " عند المناطقة (أهل المنطق)، تعني إمكانات العقل وكيف يتم استخدامه، وللأسف القدماء تحدثوا عن العقل كالفارابي وابن سينا إلى كانط، في حين فلاسفتنا عادوا إلى ماقبل عصر هؤلاء". مبيناً بالقول: "ومع أهمية ما أنجزه الفلاسفة العرب المعاصرون إلا أنهم أخطأوا الطريق، كان لابد لهم أن يتحرروا من ثنائية العقل العربي والإسلامي أو العقل الغربي".