وصل الضابط الطيار الروسي الذي ظل محتجزا تحت الإقامة الجبرية في ليتوانيا لعدة أسابيع إلى روسيا وسط ابتهاج كبير بعد أن وضعت نقاط حاسمة في هذه القصة التي كادت أن تشعل خلافا جديا بين موسكو والناتو إثر انتشار أنباء عن عزم ليتوانيا تقديم منظومات التعريف السرية إلى حلف شمال الأطلسي. وقد أعلن الطيار فاليري ترويانوف إثر إطلاق سراحه عن ارتياحه الشديد بالإحساس بالحرية وبشكل خاص سعادته بما بذل لتحريره كتأكيد على أن روسيا لا تهمل مصير مواطنيها. وفاليري ترويانوف ضابط برتبة رائد في سلاح الجو الروسي كانت طائرته المقاتلة (سو 27) قد سقطت وتحطمت فوق الأراضي الليتوانية في الخامس عشر من شهر سبتمبر الماضي وتم احتجازه والتحقيق معه طيلة هذه المدة للتأكد من عدم وجود نية مدبرة وراء هذا الحادث. وغادر ترويانوف وزوجته- التي سافرت إليه وبقيت معه في الحجز - ليتوانيا إلى منطقة كالينينغراد الروسية ليتوجه بعدها إلى قاعدته العسكرية حيث ستجرى له جولة كاملة من الفحوص الطبية في أفضل المراكز المتخصصة. المثير في هذا الأمر أن الجانب الليتواني الذي أطال أمد احتجاز الطيار الروسي أوضح مجرد الإفراج عنه أن عليه مغادرة البلاد بأسرع وقت ممكن بعد انتهاء التحقيقات والتوصل إلى أن سقوط الطائرة الروسية لم يكن مقصوداً. من جهة أخرى نفى وزير الدفاع الروسي سيرغي ايفانوف أن يستطيع أحد الحصول على أسرار منظومات سلاح الجو الروسي (الصديق العدو) حتى على المستوى النظري حيث تمتلك المنظومات الروسية ثلاثة مستويات تشفير للحماية ناهيك عن أن هذه المنظومة تتلف نفسها أوتومتيكياً في ثلاثة حالات الأولى انقذاف الطيار بمظلة الإنقاذ والثاني ارتطام الطائرة بالأرض والثالث عبر مجس يدوي داخل قمرة الطيار. ولا يستثني بعض الخبراء العسكريون أن تكون روسيا قد وضعت برمجية أخرى لحماية منظوماتها هذه بحيث يمكن إتلاف هذه البيانات والمعلومات عن طريق الأقمار الاصطناعية بإشارات من القواعد العسكرية، ويشير بعض المراقبين في هذا السياق إلى تعرض القوى الجوية في البلاد لهزة قوية منذ ثلاثين عاماً خلت (سنة 1975) بعد تمكن اليابان من الحصول على طائرة من نوع ميغ 25 أحضرها طيار خائن هو فيكتور بيلينكو فحصلت الولاياتالمتحدة والناتو حينها على طائرة سرية ومنظومات التعريف الأمر الذي كلف البلاد حينها أموالا هائلة لإعادة إنشاء هذه المنظومة بصيغ جديدة. هذا وقد اعتبر قائد أركان القوى الجوية الروسية الجنرال يوري بالويفسكي أن مشكلة تحطم الطائرة على الأراضي الليتوانية قد حسمت باعتراف الجانب الليتواني كما لمحت بعض مصادر قيادة سلاح الجو إلى احتمال منح هذا الطيار وساما للشجاعة فقد قام رغم تحفظات الجانب الليتواني وتعقيده لعمليات التحقيق بمأثرة الاستمرار بالتحليق رغم ظهور عطل في الطائرة وذلك ليتأكد من أنها لن تسقط في مناطق سكنية مأهولة.