يشرفني كثيراً بمناسبة الذكرى الغالية ليوم تأسيس جمهورية كوريا أن أشرك مواطني المملكة العربية السعودية معي في بهجة الشعب الكوري وألقي الضوء على العلاقات الحميمة بين البلدين. ودعوني أنتهز هذه الفرصة لأزف أحر التهاني والأمنيات لبني بلدي الكوريين وشعب المملكة. كما أود أن أزجي أجزل آيات الشكر والثناء لقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود الحكيمة لدعمه المتواصل لتقوية أواصر الصداقة بين كوريا والمملكة. ومنذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين كوريا والمملكة في مطلع ستينات القرن الماضي ، شهدت علاقات الصداقة والتعاون التقليدية بين البلدين تقدما متواصلا عاما بعد عام شمل مدى واسعا في العديد من المجالات وتقاسم وجهات النظر والقيم. وعلى وجه الخصوص، شهدت العلاقات الثنائية تقدما كبيرا في العقد الماضي فيما يختص بالتبادلات الاقتصادية وكذا الثقافية مما انعكس على تزايد واضح في حجم التجارة وتعدد تبادل زيارات كبار المسؤولين والأفراد العاديين كذلك. وفيما يختص بالتجارة والاقتصاد، تعتبر المملكة العربية السعودية رابع أكبر شريك تجاري حيث أصبحت كوريا أحد أكبر الشركاء الاقتصاديين في ذات الوقت. وازداد حجم التجارة الثنائية كثيرا من 2 و18 مليار دولار في 2005 إلى 5و46 مليار دولار العام الماضي كما بلغ الميزان التجاري 29 مليار دولار لصالح المملكة العربية السعودية. وبنهاية عام 2013 ، بلغ حجم الاستثمارات السعودية في كوريا أكثر من 700 مليون دولار فيما استثمرت شركات كورية مبلغا مساويا تقريبا في المملكة حتى الآن. ويمكن القول بأن العلاقات الاقتصادية التي تتقاسمها البلدان هي مثال يحتذى للعلاقات المتبادلة بين الدول. ولم تكن العلاقات بين البلدين تقتصر على التعاون الصناعي في المجالات التقليدية. إذ أن كوريا والمملكة تحاولان بكل جد في إيجاد سبل بناءة أكثر لتوسيع وتقوية التعاون ليطرق مجالات أخرى مثل تقنية الاتصالات والمعلومات والصحة والمجال الطبي والعلوم والبيئة والموارد البشرية والثقافة والشباب والرياضة. وحقيقة إننا في هذه اللحظة نعيش في خضم نشاطات فعالة لتعزيز العلاقات الثنائية أكثر بحيث نرتقي بها إلى مستوى أعلى. ولعله من المشجع حقا أن نشهد تدفق العديد من الشركات الكورية المرموقة فضلا عن مستشاري وضع السياسات وخبراء فنيين في كافة أرجاء المملكة مؤخرا. إنه بوسعنا أن نضرب مثالا للمنافع المتبادلة بمنتدى الأعمال السعودي الكوري الأول الذي سوف يقام في الأيام القادمة في سيئول. ويتوقع أن يحضر عدد من كبار المسؤولين حفل افتتاح المنتدى إلى جانب نحو 200 من كبار ممثلي المجالات الصناعية في المملكة. ولعله ليس صدفة أن تكون وتيرة التبادلات عالية المستوى التي تشمل المستوى الوزاري ووفود الأعمال قد تصاعدت مقارنة مع ما كان يتم على مستوى العلاقات التقليدية التاريخية. فلقد تمت زيارة 20 وزيرا تقريبا بين البلدين منذ آخر قمة كورية سعودية عام 2012. ويتوقع أن يتبادل 20 وزيرا في البلدين زيارات خلال الأشهر الثلاثة المتبقية من هذا العام. وطبقا للزيارات المتبادلة على نحو متزايد لمسؤولين حكوميين وأشخاص عاديين فإن التبادلات تنمو بشكل أسرع مما كان. إن استئناف الرحلات الجوية المباشرة بين البلدين عام 2012 قد ساهم بشكل فعال في إيجاد شعور عام بأن شقة المسافة بين البلدين قد تقاربت. وفي الحقيقة، تضاعف عدد الزوار من المملكة إلى كوريا إلى رقم قياسي العام الماضي حيث قام به أكثر من 10000 زائر على أساس سنوي. وبناء على تلك المعطيات الإيجابية، يحاول بلدانا الآن إرساء قواعد صلبة لتعزيز التبادل الشبابي من خلال إقامة إطار شامل لبرنامج منتظم. وبموازاة هذه المحاولات، يظل عدد التبادل الطلابي على مستوى التعليم العالي في توسع مستمر عاما تلو العام. وبحلول 2014 ، كان هناك نحو 450 طالبا سعوديا مؤهلا يدرسون في كوريا وكان هذا العدد يتزايد خلال السنوات القريبة الماضية. ومن المؤكد أن هؤلاء الشباب سوف يلعبون دورا رئيسا في فتح صفحة جديدة لعلاقاتنا الثنائية. وفي مجال التعليم والتدريب المهني، ما تزال الفرصة سانحة لتحسين التعاون آخذين في الاعتبار أن لدى كوريا حوال 370 جامعة تشمل تعليما وتدريبا مهنيا فائق الجودة له شرف تزويد الصناعة بالموارد البشرية المؤهلة التي احتاجها خلال الطفرة التنموية الاقتصادية المتسارعة في كوريا خلال العقود الماضية. وكان وما زال الاستثمار بعيد النظر في التعليم والتدريب هو السر المفتوح لقصة النجاح الفائقة للاقتصاد الكوري. إنني مقتنع تماما بأن التبادلات على مستوى الأفراد والخبرات الثقافية ليست فقط هي السبل العملية والأكثر فعالية لترقية الاحترام والتفاهم المتبادل بل أيضا هي الأساس الصلب لعلاقة قوية مستدامة. ولعل تلك العلاقة تستحق أن نبذل من أجلها كل جهودنا خاصة وأن بلدينا يتقاسمان على مستوى عال احتراما لقيم عالمية مثل التعايش السلمي والازدهار لكلا البلدين واحترام وجهات النظر الأخرى ويتقاسمان كذلك وجود أرضية مشتركة لقيم تقليدية مثل احترام الكبير واستضافة الضيوف والنظام الاجتماعي المبني على النظام الأسري. إنني أعتقد جازما بأن الصداقة والتضامن بين بلدينا سوف يشهدان ازدهارا أكثر عاماً بعد عام. ومرة أخرى أود أن أزف تحياتي الخالصة لقيادة وحكومة وشعب المملكة العربية السعودية بهذه المناسبة السعيدة. * سفير جمهورية كوريا لدى المملكة