رغم موقع المملكة المتميز، الذي يتوسط بين ثلاث قارات هي (آسيا وإفريقيا وأوروبا).. وحجمها الكبير، الذي يعادل ثلث مساحة الولاياتالمتحدةالأمريكية، أو ثلاثة أضعاف فرنسا، أو ما يقارب حجم أوروبا الغربية بكاملها.. ورغم كونها تعتمد على مصدر وحيد للدخل تقريباً، مما يؤكد الحاجة الماسة لإيجاد مصادر دخل أخرى، تعزز الوضع المالي، وتعمق البنية الإقتصادية.. إلا أنها لاتزال، تفتقد لمنطقة عالمية حرة، على غرار المناطق الحرة التي أنشأتها الدول المحيطة بها، والمجاورة لها، والتي تعتبر أصغر منها مساحة، وأقل منها تميزاً من ناحية الموقع، وأضعف اقتصادياً، وأفقر مالياً.. حيث لم ينل ذلك الجانب المهم من جوانب التنمية، وهذا المصدر المهم من مصادر الدخل، وهذا العامل المهم من عوامل المنافسة الدولية، الاهتمام الكافي.. في الوقت الذي تتجه فيه الدول لبناء مناطق حرة، تدعم اقتصادها الوطني، وتشكل رافداً من روافده، وتنوع مصادر دخلها، وتوفر الوظائف لمواطنيها، وتدعم قدراتها التنافسية، وتعزز مركزها على خارطة الاقتصاد الدولي. المنطقة الشمالية الغربية من المملكة، والتي تقع في موقع الوصل بين قارتي آسيا وأفريقيا.. وتتمركز في قلب الشرق الأوسط، متوسطةً بين مناطق الجزيرة العربية، ودول الخليج العربي، والعراق، والشام، ومصر.. ولا تبعد سوى عشرات الكيلو مترات عن شواطئ البحر الأبيض المتوسط المقابلة لقارة أوروبا.. تمتلك هذه المنطقة موقعاً استراتيجياً لا يضاهيه أي موقع آخر في منطقة الخليج، والشرق الأوسط، والعالم العربي عموماً.. علاوة على ميزة القرب من مصادر الطاقة.. وتوسطها بين قارات العالم الثلاث (آسيا وإفريقيا وأوروبا).. وقربها من خطوط الملاحة العالمية في المحيط الهندي، والخليج العربي، وبحر العرب، والبحر الأحمر، والبحر الأبيض المتوسط.. وتمتعها بشواطئ رملية نظيفة، وبيئة بحرية بكر.. كل تلك العوامل تؤهلها لتصبح أضخم مدينة صناعية، وأكبر منطقة حرة، في المنطقة، وعلى مستوى العالم.. بالإضافة إلى إمكانية تحويلها إلى منطقة سياحية عالمية، بالإستفادة من عوامل الجذب السياحي فيها، حيث تتمتع بأحد أجمل الشعب المرجانية في البحر الأحمر، وأنظف الشواطئ الرملية، وأنقى البيئات الصحراوية.. كما تقع بالقرب منها أحد أقدم الآثار التاريخية العالمية "مدينة صالح" الأثرية.. فلماذا لا تستغل تلك المنطقة، لتصبح رافداً من روافد الاقتصاد الوطني؟! شواطئ "ضبا" في منطقة "تبوك" يمكن أن تنافس مناطق "جبل علي" في دبي، و"السويس" في مصر، و"العقبة" في الأردن.. فالمنطقة استراتيجية الموقع، متوسطة المكان، يمكن أن تكون حلقة وصل بين قارات آسيا وإفريقيا وأوروبا، وبين بلدان الخليج والجزيرة العربية والعراق والشام ومصر.. فتلك المنطقة تقع في موقع متميز ومتوسط بين قارات آسيا وإفريقيا وأوروبا، وموقعها مثل القلب، في مركز التقاء تلك القارات الثلاث.. ويمكن ربط المنطقة بأوروبا براً بواسطة السكك الحديدية عن طريق تركيا.. وربطها بموانئ الإمارات والكويت براً، وبمنطقة السويس بواسطة جسر بحري، على غرار جسر البحرين.. علاوة على ارتباطها بجميع دول العالم بالخطوط البحرية العالمية في البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط.. وبالإضافة إلى ميزة الموقع المناسب، فإن هناك مميزات أخرى، منها توفر مصادر الطاقة، والمنتجات البتروكيميائية، والحرية الاقتصادية، والمناخ الاستثماري المشجع، والأمن والاستقرار المستتب.. وموقع منطقة تبوك عموماً أكثر تميزاً من موقع (دبي)..لقربها من أسواق (أوروبا).. ومن منابع النفط، ومصادر المواد الخام في (الجزيرة العربية).. ومن مناطق إنتاج المواد الطبيعية، والزراعية، والغذائية في (إفريقيا).. ومن قاعدة عريضة من المستهلكين، والمصدرين في (الشرق الأوسط) و (المغرب العربي) و (مصر) و(تركيا).. علاوةً على أنها تتفوق على دبي بعدد من المميزات ف: موقعها أعمق استراتيجياً. وأراضيها أكبر توسعياً. وتربتها أخصب زراعياً. وشواطئها أجمل سياحياً. وطقسها ألطف مناخياً. وآثارها أعرق تاريخياً. علاوة على استفادتها من أسواق المملكة الأكثر استهلاكياً. لماذا لا يتم تطوير تلك المنطقة وتنميتها، وإنشاء منطقة تجارة حرة عالمية، وربطها مع مناطق "جبل علي" في الإمارات، و"العقبة" في الأردن، و"السويس" في مصر، بالطرق السريعة، والسكك الحديدية.. وإنشاء ميناء عالمي، ومطار دولي، ومنطقة صناعية، وقطاعات خدمية متطورة، لتصبح تلك المنطقة مركزاً للتصنيع، والتصدير، وإعادة التصدير، ولتوطين التكنولوجيا، وجذب الإستثمارات، وتنويع مصادر دخل المملكة.. كل ذلك يمكن أن يتحقق بالعمل الجاد خلال عشر سنوات، خاصة مع وجود الفوائض المالية الضخمة لدينا.. وعندها فإن تلك المدينة العالمية الموقع، والعالية المستوى، سوف تكون فخراً للوطن، ورافداً مهماً لإقتصاده، ومجالاً واسعاً لعمل أبنائه.. فمثل هذا المشروع الإستراتيجي الواعد سوف يوفر ما لا يقل عن (مليون) فرصة عمل لشبابنا الطموح، وسيفتح آفاقاً واسعةً من الأعمال المختلفة، والوظائف المناسبة، في مختلف المجالات، لحوالي (مئة ألف) مبتعث في الخارج، بعد إنتهاء دراستهم، وعودتهم للوطن بآمالهم العريضة.. وستصبح رافداً مهماً للإقتصاد الوطني.. وستجعل المملكة من الدول الرائدة عالمياً في مجال تطوير وتشغيل المناطق الحرة.. فلماذا تضل تلك المنطقة التاريخية والإستراتيجية والواعدة (تبوك)، وكذلك مدن مثل (الخبر)، وغيرها من مدننا الساحلية، أقل تطوراً من (دبي).. رغم كون (المملكة) أعرق تاريخاً، وأقدم تطوراً، وأسبق تنميةً، وأكبر مساحة، وأضخم سوقاً، وأميز موقعاً.؟! لم لا نستفيد من تلك العوامل، وبناء أكبر منطقة حرة في العالم على سواحل البحر الأحمر، لتصبح شواطئ منطقة تبوك مرفأً عالمياً، يربط بين قارات آسيا، وإفريقيا، وأوروبا.. ويربط موانئ المملكة، والخليج العربي، بموانئ الدول الأوروبية المطلة على حوض البحر الأبيض المتوسط.. وموانئ الشام، وتركيا.. وموانئ مصر، وبقية دول المغرب العربي.. والموانئ الأفريقية، نزولاٌ عبر مضيق باب المندب..ومعبراً رابطاً بين شرق العالم العربي وغربه.. وبوابةً للجزيرة العربية، تربطها بالموانئ والأسواق العالمية.. بحيث تصبح شواطئ منطقة تبوك، بموقعها المتوسط والمميز، وبشواطئها الممتدة، منطقةً حرةً عالميةً، ومركزاً إقليمياً رائداً ومتميزاً، لشحن البضائع، والتصدير، وإعادة التصدير، والترانزيت.. ومنطقةً صناعيةً ضخمةً، تخدم الإقتصاد الوطني، وتوفر فرص العمل لأبناء الوطن. لقد تكاسلنا عن ذلك العمل، وفرطنا في تلك الفرص، وتخلينا عن تلك المميزات المتوفرة لمدينة (تبوك)، لصالح مدن ومناطق حرة مثل: (دبي) و (جبل علي)! لدينا فرصة عظيمة في ظل توفر الموارد اللازمة.. يجب العمل حثيثاً على بناء اقتصاد المملكة، ليصبح مهيئاً للمنافسة، ويجب العمل على تنويع مصادر الدخل، والحرص على ذلك، وجعله أولوية قصوى، وهدفاً استراتيجياً.. فبالمناطق الحرة استغنت دبي عن البترول، والبترول ناضبٌ لا محاله، فما هي خياراتنا حينها؟!