بعد وجبة دسمة يحس البعض بحرقان في أعلى المعدة أي في منتصف المنطقة بين البطن والصدر، بل قد يزداد بخروج مادة حامضية الى الفم، بالذات اذا زاد الأكل عن الطبيعي أو تحرك الشخص كثيراً بعد الوجبة كما يحدث لدى الأطفال كثيري الحركة، يسمي البعض هذه الحالة "حرقان المعدة" أو "حرارة الكبد" أو "الحموضة" ولكن الاسم الحقيقي لهذه الحالة هو ارتجاع المريء او الارتداد المعدي المريئي حيث تضعف العضلة التي تتحكم في دخول الطعام للمعدة من المريء وعدم السماح للعصارة المعدية الحامضية بالصعود للمريء فبضعفها تعبر العصارة المعدية أو بعض الطعام او الشراب بعد خلطه بحمض الهيدروكلوريك في المعدة الى المريء الذي لا توجد به حماية كما يوجد بالمعدة التي حماها الله سبحانه ببطانة مخاطية تحميها من تلك العصارت والحمض القويين. عندما تلامس العصارة المعدية جدار المريء يحس الشخص بحرقة وألم قد يسميها البعض بحرقة الجوف أو كما يسميها العامة بحرارة الكبد وهي تختلف عن قرحة المعدة او الاثنى عشر. حدوث الارتجاع مرة او مرتين لا يعني وجود مرض بل يحدث ذلك الارتجاع لأسباب طبيعية، ولكن المهم ألا يتكرر بشكل يومي مما يسبب المعاناة والألم، حتى بدون أن يكون الشخص قد تناول وجبة دسمة وكبيرة. يحدث ارتجاع المريء والذي يسمى اختصارا بمرض (جيرد) وهو الاختصار الانجليزي لعبارة Gastro-Esophageal Reflux Disease (GERD) ، ويحدث هذا المرض نتيجة ضعف العضلة التي تحكم فوهة المعدة من أعلى وتسمى مصرة المعدة إما بسبب وجود فتق في الحجاب الحاجز بين التجويف البطني والصدري حيث يدخل جزء من المعدة عبر الحاجب الحاجز الى تجويف الصدر، وقد يكون بسبب خلل هرموني فزيادة إفراز هرمون البروجسترون، وكذلك تناول بعض الأدوية مثل الأسبرين والإيبوبروفين قد يسبب ضعف المصرة المعدية. أعراض ارتجاع المريء مزمنة بسبب تلف الغشاء المخاطي المبطن للمريء، ومع تكرار الارتداد غير الطبيعي لحمض المعدة إلى المريء تنشأ تقرحات والتهابات دائمة ونزيف قد يؤدي الى فقر الدم، كما يصل ذلك الحامض الى الحجرة فيؤدي الى التهاب الرئتين والشعب والهوائية. قد تبدأ مشكلة ارتجاع المريء من عادات خاطئة مثل الأكل ثم النوم مباشرة، حيث يتسبب الوضع الأفقي للجسم لرجوع الحمض المعدي من وسط المعدة لفوهتها وأحيانا سيولته للمريء مما يؤدي الى التهاب الجزء السفلي من المريء عند مدخل المعدة، وننصح عند حدوث ذلك بالمبادرة بشرب قليل من الماء حتى لا تؤثر أحماض المعدة على جدران المريء وتضعف عضلة فوهة المعدة وبدء الالتهاب. هذه المشكلة مشابهة لما يحدث لدى بعض الرضع ولكن المسببات مختلفة فيشتكي بعض الوالدين من سيلان الحليب أو كما يصفونه بأنه استفراغ بعد الرضاعة مباشرة وهذا ايضاً بسبب ضعف تلك المصرة ولكن سبب ضعفها هو عدم نموها بشكل كاف وهو أمر يكثر حدوثه وفي هذه الحالة ننصح بتقليل كمية الرضاعة ورفع رأسه قليلاً وعدم تحريك الرضيع أثناء او بعد الرضاعة فلا ينقل لسريره مباشرة، وبمرور الوقت تقوى تلك العضلة ويتحسن الوضع. مع تكرار الارتداد غير الطبيعي لحمض المعدة إلى المريء تنشأ تقرحات والتهابات التشخيص أول خيط لتشخيص المرض هو التاريخ المرضي والفحوص الاكلينيكية وانخفاض الوزن نتيجة صعوبة البلع كلها وسائل للتشخيص الأولي ولكن يجب تأكيده من خلال مراقبة الرقم الهيدروجيني للمريء (درجة الحامضية أو القلوية)، الأشعة السينية مع الباريوم، واجراء تقييم بالمنظار المريئي المعدي وقد يحتاج لأخذ عينة من المريء وفوهة المعدة، لأن بعض تلك الأعراض مشابهة لأمراض أخرى مثل القولولن العصبي أو بعض الالتهابات الفطرية في الجهاز الهضمي. علاج ارتجاع المريء تشير الدراسات الطبية إلى فاعلية تحسين نمط الحياة وتؤكد دراسات أن أهميته تفوق أهمية تناول أغذية ومعينة أو تجنب أخرى، ومن أهم التغييرات التي يجب العناية بها لمعالجة الارتجاع المريئي والوقاية منه هي: - التخلص من السمنة - الاسترخاء اليومي والأسبوعي - تنظيم الحياة وترتيب الوقت بالذات أوقات الأكل والنوم - تعويد النفس على تناول الغذاء في وضع مريح بعيد عن الضغوط - وقف التدخين وبالتأكيد المشروبات الكحولية. العناية الغذائية - تناول كميات أقل من الطعام وعدم بلع الطعام بسرعة - تجنب الأغذية التي تزيد الحموضة مثل الفواكه الحمضية والاناناس والشوكولاته والمقليات والمشروبات الغازية والقهوة، الطماطم، الثوم، البصل، الأطعمة المتبلة أو الحريفة والنعناع. - اراحة المعدة بتناول بطاطس مسلوقة أو موز أو جبن قليل الدسم، وعدم تناول أي أغذئية سوى الخضراوات المطبوخة مثل الباذنجان والكوسة والقرع من دون صلصة طماطم لمدة يومين أو ثلاثة. - تقليل استهلاك الدهون واللحوم الحمراء المشبعة بالدهون. - التبكير بالعشاء بحيث يفصله عن النوم ثلاثة ساعات على الأقل - عدم تناول الغذاء في وضع الاستلقاء فلا بد أن يكون الرأس مرفوعاً أعلى من مستوى الصدر. - تناول الزبادي منزوع الدسم استخدام العقاقير استخدام العقاقير لا يعالج ضعف المصرة ولكنه يقلل تهيج المنطقة وتخفيف الألم، ولهذا لا بد من اتباع اسلوب حياتي منظم يساعد على الشفاء التدريجي لتلك العضلة او استخدام العمليات الجراحية، ومن الأدوية التي تساعد على تخفيف حدة المرض: - مضادات الحموضة. - مضادات الهيستامين - وهناك أدوية كثيرة يحددها الطبيب حسب حالة المريض فبعضها تزيد نشاط المعدة وبعضها تقوي العضلة او المصرة التي ذكرنا. الجراحة - عمليات بسيطة لتقوية عضلة فوهة المعدة - يحتاج الى الجراحة في حالة عدم استجابة المريض للطرق السابقة وقد تجرى العملية بالطريقة المفتوحة أو باستخدام المنظار الذي تقدم كثيرا خلال السنتين الماضيتين واعتمدت بعض الجراحات المتخصصة لارتجاع المريء بالمنظار. - تعمل بعض الجراحات لازالة بعض الأعصاب لتقليل افراز الحمض. قد تبدأ مشكلة ارتجاع المريء من عادات خاطئة