يشعر البعض احياناً وكأن النار قد تأججت في صدره، وهذا الألم يمكن أن يكون حاداً لدرجة أن البعض يذهبون إلى الإسعاف لاعتقادهم بأنها نوبة قلبية، وفي الواقع فإن الارتجاع المعدي لا علاقة له بالقلب، وإنما يحدث عندما تندفع العصارات المحملة بالأحماض في المعدة إلى الأعلى داخل انبوبة المريء، وهو الانبوب الذي يصل الفم بالمعدة. في الوضع الطبيعي تقوم العضلة الصغيرة المحكمة في نهاية المريء والتي تسمى العضلة العاصرة في الجزء السفلي من المريء بمنع العصارات من الصعود الى الاعلى، ولكن عندما تسترخي هذه العضلة او تضعف تندفع العصارات الى الاعلى وتسبب ألماً حاداً نتيجة احتكاكها بالأنسجة الرقيقة في المريء وهو ما يعرف بحرقة فم المعدة. يؤكد الكثير من العلماء بأن الأطعمة التي نتناولها يومياً لاسيما الاوقات التي نتناول فيها تلك الاطعمة تعتبر السبب الرئيسي للإصابة بالارتجاع المعدي، لذا يجب قبل أخذ مضادات الحموضة أن نراجع الغذاء الذي نتناوله يومياً، حيث أكدت الدكتورة سوزان روز أخصائية أمراض المعدة والأمعاء ومديرة مركز اضطرابات البلع والبلعوم في مستشفى نيويورك ضرورة تعديل النظام الغذائي والتي تعد اول خطوات العلاج بالنسبة للأشخاص المصابين بحرقة فم المعدة. يقول الدكتور جون هيبرز إن أحد أهم الأطعمة التي تساعد على السيطرة على الارتجاع المعدي المريئي هو الزنجبيل، حيث يعمل على تعزيز قوة العضلة العاصرة مما يؤدي الى الاحتفاظ بالعصارات في مكانها الطبيعي، وبما أن الزنجبيل يتسم بالطعم اللاذع فإن أفضل طريقة لتناوله هي إعداد مشروب الزنجبيل بإضافة نصف ملعقة صغيرة من الزنجبيل الطازج المبشور (او ربع ملعقة صغيرة من مسحوق الزنجبيل) الى ملء كوب ماء مغلي ويترك لمدة 10 دقائق ثم يصفى ويشرب بعد كل وجبه يومياً. وهناك طريقة اخرى لتجنب الاصابة بالارتجاع المعدي وذلك بتناول المكرونة او الارز او البطاطس او أي اغذية عالية الكربوهيدرات المركبة والتي تمتص الحامض في المعدة والذي اكدته الدكتورة آر أتش درمروسون استاذة علوم الصيدلة والكيمياء الطبية في كلية فيلادلفيا للصيدلة والعلوم. تقول الدكتورة روز أن النوم بعد أكل الوجبة مباشرة ضار وقد يسبب الارتجاع المعدي، فعندما تمتلئ المعدة وينام الشخص يكون من السهل ان يصعد الحامض الى المريء ويساعد في ذلك عامل الجاذبية للشخص المستلقي على ظهره، ويجب بعد الاكل ان يكون الجسم مستقيما بشكل عمودي لبقاء الاحماض في المعدة. يؤكد الباحثون أن ما يقارب 25 مليون امريكي يصابون بالارتجاع في كل يوم ذلك لان الامريكيين يتناولون المزيد من اللحوم المشبعة بالدهون والتي تعد اهم اسباب الارتجاع المعدي. لقد اظهرت الدراسات ان عدداً من الاغذية خاصة عالية الدهون مثل اللحوم والزبد يمكن ان تقلل مؤقتاً من احكام قبضة العضلة العاصرة في الجزء السفلي من المريء. اكتشف الباحثون في احدى الدراسات أن الاشخاص الذين تناولوا وجبات عالية من الدهون كانوا معرضين للإصابة بالحموضة بنسبة تتجاوز الاربعة اضعاف عن الذين تناولوا اطعمة قليلة الدهون. تعتبر الشوكولاته احد الاطعمة الضارة الشائعة كما تقول الدكتورة روز، فالشوكولاتة ليست عالية الدهون فقط وإنما تحتوي على مركبات اخرى قد تتسبب في ارتخاء العضلة العاصرة في المنطقة السفلية من المريء، وفي دراسة اخرى اكتشف العلماء انه عندما يأكل الانسان الشوكولاته يندفع الحامض داخل المريء لمدة ساعة بعد تناولها. ليست الاغذية عالية الدهون ولا الشوكولاته وحدهما تتسببان في الارتجاع المعدي، فالبصل مثلاً يمكن ان يسبب حرقة فم المعدة لدى البعض، ولا يعلم الباحثون على وجه التحديد ما الذي يجعل البصل يتسبب في مثل هذه المشكلة. كما وجد ان النعناع الذي يتم اضافته الى الشاي او الى المعجنات او المثلجات والحلويات قد يسبب حرقة المعدة كما تقول الدكتورة روز، ففي احدى الدراسات التي اجريت في جامعة ولاية نيويورك اكتشف الباحثون انه عندما يتناول بعض الاشخاص النعناع تفقد العضلة العاصرة شيئاً من قوة قبضتها خلال بضع دقائق، وأيضا القرنفل والثوم والقرفة والفلفل الحار والحوامض تساعد على ارتخاء العضلة وفقد جزء من قبضتها مما يتسبب في الارتجاع المعدي. اخيراً.. علينا ان نكون حريصين فيما يخص تناولنا للأغذية والأوقات التي يجب علينا الاكل فيها وخاصة الاغذية الحمضية والدهنية لكي نخفف من اعراض الارتجاع المعدي، كما يجب مزاولة الرياضة وعدم النوم بعد الاكل مباشرة بل يجب ترك فرصة لعمل المعدة قبل النوم بثلاث ساعات على الاقل من الاكل، وبالنسبة للأشخاص المصابين يجب ان يكون السرير مرتفعاً بقدر 20سم على الاقل لتخفيف ارتجاع الاحماض وأيضا عدم استعمال مضادات الحموضة إلا بعد استشارة الطبيب المختص واخص بذلك الحوامل. الزنجبيل الشوكولاته