ليس وحده الإنسان الذي تهل عبراته عند فراق من يحب أو عند لقائه به رغم أن هناك من البشر من هو أقسى من الحجر الذي قال عنه الله عز وجل ( وإن من الحجارة لما يشقق فيخرج منه الماء) بل حتى الطيور والحيوانات فالإبل التي أمرنا الله بالنظر إلى خلقها عند فقد صغيرها تحن عليه صبحة وعشية، يخبرني والدي -حفظه الله- أنه رأى إحدى النياق تبكي على فقدانها ابنها وما إن أصبح الصباح إلا ورأسها يملؤه الشيب والقهر حتى ماتت من كثرة حزنها، وقد رأيت موقفين يرتجف قلبي من هول مطلعهما كلما تذكرتهما فأحدهما رأيت حمامتين على الأرض ومرت عليهما سيارة فدهست واحدة ثم هنهن الآخر وحلق وعاد والتف حول الأخرى ثم يلوح بكلتا جناحيه لها.. أما الموقف الآخر فامتطيت سيارتي ليلاً للسفر وكنت أودع زوجتي وابني وتحركت قليلاً ووجدت قطة صغيرة ممتدة وسط الطريق وبجانبها أمها وخفت أن أدهسها فتوقفت ثم قررت أن أنزل وأبعدها ولكني وجدتها فارقت الحياة وحملتها جانب الطريق وإذا بي أسمع نحيب أمها وبكائها عليها.. يالرحمة الله وعظمته، حتى الرحمة جعل منها للحيوانات نصيباً وإحساساً وشعوراً، فيامن هو أقسى من الحجر رفقاً بمثل هذه الحيوانات التي ذللها الله لنا، والإسلام لم يغفل في تعاليمه ولم يبخل عن إعطائها حقوقها ودعا إلى الرفق بالحيوان فالجمل أتى يشكي إلى الرسول كثرة الحمل وضرب صاحبه له فمسح عليه وعاتب صاحبه وحذر من حبسها وتقييدها كما في قصة الهرة التي حبستها المرأة ودخلت بسببها النار، أفتعجبون من تعاليم الدين الإسلامي وسماحته ورفقه حتى بالحيوان ومشاعره ولكن ما تقولون لمن نزع الله من قلبه الرحمة !! يافاجع الطير بوليفه وادمعت قلبه وعينه وخليت من الحزن ليله واسهرته امسه ويومه ماذقت فرقى حبيبه ولا ذقت عينٍ سهيره