قال الرئيس الأميركي، باراك أوباما، أنه ينبغي على الأعضاء الأوروبيين في حلف شمال الأطلسي (الناتو) تحمل حصة عادلة من الانفاق الدفاعي لدعم الحلف. وقال -أيضا - في حديث صحفي له مطلع أيلول سبتمبر الماضي، إن الولاياتالمتحدة قد عززت بالفعل أنشطتها العسكرية في منطقة البلطيق، وأنها مستمرة في نقل الأفراد والطائرات بشكل دوري إلى المنطقة. وفقاً لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، فقد احتلت الطائرات الحربية الحيز الأكبر في إجمالي الصادرات العسكرية العالمية خلال الفترة بين 2007 – 2011. وإن الشركات الأميركية الكبرى سيطرت على معظم الدرجات الأولى في السلم العالمي للشركات المنتجة والمصدرة للسلاح وفي العام 2010، بلغ الإنفاق العسكري في مجموع دول الاتحاد الأوروبي 288 مليار دولار. وبلغ هذا الإنفاق 298 مليار دولار في دول الناتو الأوروبية. ويعادل هذا الرقم 30% من الإنفاق العسكري الأميركي في العام ذاته. وفي الفترة بين عامي 2008-2012 جرى خفض الإنفاق العسكري في المملكة المتحدة بنسبة 5.2%، وفي فرنسا بنسبة 3.8%، في حين زادت ألمانيا فعلياً إنفاقها بنسبة 2.6%. كذلك، انخفض الإنفاق العسكري في أوروبا الغربية والوسطى عامة بنسبة 1.6% بين عامي 2011 و2012. كما شهد العام 2011 تخفيضات كبيرة في كل من اليونان وإسبانيا وايطاليا وأيرلندا. كما حدثت تخفيضات حادة في معظم بلدان أوروبا الوسطى. وهبط الإنفاق العسكري في مجموع دول غرب ووسط أوروبا بنسبة 1.9%، نتيجة التدابير التقشفية. قابلتها زيادة كبيرة في أوروبا الشرقية بلغت 10.2%. وخالفت بعض بلدان غرب أوروبا الاتجاه السائد. ومنها النرويج، التي واصلت زيادة الإنفاق العسكري، مستفيدة من ارتفاع أسعار النفط. وعلى صعيد الواردات العسكرية، استحوذت دول الاتحاد الأوروبي على 12% من واردات الأسلحة العالمية خلال الفترة بين عامي 2008 – 2012. وكانت بريطانيا أكبر مستورد للسلاح في القارة، تعقبها اليونان والنرويج، على التوالي. واستوردت بريطانيا 70% من أسلحتها من الولاياتالمتحدة، و27% من دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي. واحتلت الصواريخ 41% من وارداتها العسكرية. وقد صدرت عدة تحذيرات في الولاياتالمتحدة من أن التراجع المستمر في الإنفاق الدفاعي الأوروبي من شأنه أن يحول دون إطلاع أوروبا بأي دور مؤثر في قضايا الأمن الدولي. ورأى الخبراء الأميركيون أن خفض الإنفاق الدفاعي المستمر يعني أن أوروبا لن يكون بمقدورها مستقبلاً المساهمة على نحو نشط في مهام خارج القارة. ووفقاً لتقديرات دولية، فإن 2.7% فقط من عناصر جيوش دول الاتحاد الأوروبي لديهم الاستعداد لتحقيق المهمة المطروحة عليهم. ويُمثل هذه النسبة 79 ألف جندي، شاركوا في العمليات العسكرية وعمليات دعم السلام، في الأعوام القليلة الماضية، في حين أن سائر الجنود الآخرين المنتسبين إلى جيوش دول الاتحاد غير متأهبين للقتال. ويبلغ تعداد هذه الجيوش حوالي مليوني جندي. وحسب هذه التقديرات، فإنه ليس بمقدور القوات المسلحة لدول الاتحاد الأوروبي، مع استثناءات قليلة، تنفيذ مهام تطرحها الحكومات. في مقابل الانحسار المديد في الإنفاق الدفاعي الأوروبي، قادت اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001، إلى سنوات متصلة من الزيادة المطردة في الإنفاق الدفاعي الأميركي، عززتها حربا أفغانستان والعراق. وزاد هذا الإنفاق خلال الفترة بين عامي 2001 – 2010 بنسبة 81%، مقارنة ب 32% في بقية أنحاء العالم. وفي الأصل، كان الإنفاق العسكري العالمي قد شهد تراجعاً ملحوظاً بعد نهاية الحرب الباردة. ويرجع ذلك أساساً إلى انخفاض نفقات دول الناتو، والأعضاء السابقين في حلف وارسو. وقد بلغ الإنفاق مستوياته الدنيا، في الفترة بين منتصف العقد التاسع ونهاياته، وعاد بعد ذلك ليتجه نحو ارتفاع تدريجي. فيما انخفض الإنفاق العسكري في الولاياتالمتحدة بنسبة 6% بالقيمة الحقيقية عام 2012، لكنه ظل أعلى بنسبة 69% مما كان عليه عام 2001. وتقرر أن يكون هناك خفض بحوالي 55 مليار دولار سنوياً في هذا الإنفاق خلال الفترة بين عامي 2013 – 2021. وبموازاة تطوّر انفاقها الدفاعي، حققت الولاياتالمتحدة نمواً في صادراتها العسكرية قدره 14.4%، خلال الفترة بين عامي 2000- 2010. وصدّرت أسلحة ومعدات عسكرية بقيمة 74841 مليون دولار. ويتضمن هذا المبلغ الصفقات الخاصة بالأسلحة والعتاد العسكري، لكنه قد لا يشمل بالضرورة برامج التدريب وصيانة السلاح. وذلك فضلاً عن الخدمات اللوجستية، مثل تشييد القواعد والمطارات والبنى التحتية العسكرية، التي تعتبر الصناعة الأميركية رائدة فيها. وفي العام 2012، احتلت الولاياتالمتحدة المرتبة الأولى على صعيد مصدري الأسلحة التقليدية، وشكلّت صادراتها ما نسبته 30% من إجمالي الصادرات العالمية. وقد استحوذت منطقة آسيا والإقيانوس على 70% من صادرات الأسلحة الأميركية، والشرق الأوسط على 27% وأوروبا على 18%. وشكلت الطائرات العسكرية أكثر 63% من إجمالي قيمة الصادرات العسكرية الأميركية خلال الفترة بين عامي 2007 – 2011، وبلغت قيمتها 24847 مليون دولار، مقابل 5345 مليون دولار للصواريخ والقاذفات الصاروخية، و4298 مليون دولار للآليات المدرعة. وخلال الفترة بين عامي 2000 – 2010، كان للطائرات العسكرية النصيب الأكبر في الصادرات الدولية من السلاح، حيث بلغت قيمتها 106548 مليون دولار. أو ما يعادل 44.4% من إجمالي صادرات السلاح الدولية. كذلك، ووفقاً لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، فقد احتلت الطائرات الحربية الحيز الأكبر في إجمالي الصادرات العسكرية العالمية خلال الفترة بين 2007 – 2011. وإن الشركات الأميركية الكبرى سيطرت على معظم الدرجات الأولى في السلم العالمي للشركات المنتجة والمصدرة للسلاح. وبالأرقام المطلقة، بلغت حصة الطائرات العسكرية خلال هذه الفترة 59046 مليون دولار، مقابل 16616 مليون دولار للصواريخ والقذائف الصاروخية، 16485 مليون دولار للسفن الحربية و 16150 مليون دولار للآليات المدرعة. والمقصود بالطائرات العسكرية طائرات القتال الهجومية والاعتراضية، والمتعددة الأغراض، وطائرات المراقبة والاستطلاع الجوي، وطائرات التدريب والنقل العسكري، وطائرات التزود بالوقود. ويشمل ذلك الطائرات المروحية والثابتة الجناح. وفي العام 2011، صدّرت الولاياتالمتحدة ما مجموعه 64 طائرة حربية، بينها 18 طائرة من طراز (F-15) وتسع طائرات من طراز (F/A-18E) و28 طائرة من طراز (F-16)، وتعاقدت على 84 طائرة من طراز (F-15S). ومنذ سنوات، تعمل لوكهيد مارتن، كمصنع رئيسي، بالتعاون مع شركتي (Northrop Grumman & BAe Systems - USA) على إنتاج المقاتلة (F - 35)،التي تنتمي للجيل الخامس من المقاتلات الحربية، والتي ستصبح في السنوات القليلة القادمة المقاتلة الأساسية في الكثير من أسلحة الجو الغربية. وهناك نسخة بحرية لهذه المقاتلة، يُمكن للطيار فيها التحليق بشكل عمودي شبه كامل من على حاملة الطائرات. وتعتبر لوكهيد مارتن، شركة رائدة في صناعة الطائرات الحربية والصواريخ، والأجهزة الإلكترونية الدقيقة وتقنيات الفضاء. وهي تنتج المقاتلة متعددة المهام (F-16 Fighting Falcon)، والمقاتلة متعددة المهام أيضاً، وذات المحرك الأحادي (F-2)، العاملة حالياً لدى القوات اليابانية. كما تنتج المروحية الحربية المضادة للغواصات (MH-60R)، التي تخدم في عدد كبير من دول العالم، وطائرة الإمداد والتزود بالوقود جواً الشهيرة (C-130). وتنتج لوكهيد مارتن أيضاً الصاروخ العابر للقارات (Atlas)، والصاروخ الباليستي العابر للقارات، المثبت على متن الغواصات (Trident II)، والصاروخ جو – أرض الشهير (HELLFIRE II ). وعدداً واسعاً من الأسلحة والأنظمة القتالية. وبالنسبة للمقاتلة (F-35)، ومقاتلات الجيل الخامس عامة، فإنه لا ينظر إليها على أنها طائرات مقاتلة بحد ذاتها، بل عبارة عن مجموعة من الوسائل والأنظمة التي توفر مستوى متقدماً للإمكانيات القتالية. ولذا يجري تجهيزها بأحدث أنواع الأسلحة، وأجهزة الاتصال، وأنظمة القيادة والتحكم. ويُمكن ملاحظة أن التصنيع الأوروبي المشترك، رغم كل تطوّره، لم يصل حتى الآن إلى إنتاج مقاتلات الجيل الخامس، وذلك بعد ما نجح في إنتاج المقاتلتين (JAS 39 Gripen ) السويدية و(Rafale) الفرنسية، اللتين تنتميان إلى الجيل الرابع دبل بلس (++4) من الطائرات الحربية. وقد حصلت لوكهيد مارتن على طلبيات شراء للمقاتلة (F-35) من كل من الولاياتالمتحدة، وكندا وبريطانيا وإيطاليا، وهولندا والدنمرك والنرويج، وأستراليا واليابان وكوريا الجنوبية وتركيا وإسرائيل. ومقاتلة الجيل الخامس العاملة حالياً في سلاح الجو الأميركي هي (F - 22)، التي تنتجها شركة بوينغ، التي تنتج أيضاً بعضاً من أهم الطائرات الحربية في العالم، بينها القاذفتين الإستراتيجيتين بعيدتي المدى (B - 2) و (B-52)، ومقاتلة الشبح متعددة المهام (F-15SE (Silent Eagle))، والمقاتلة متعددة المهام ( F-15E Strike Eagle)، والمقاتلة متعددة المهام (F/A-18 )، ومروحية الأباتشي ( AH-64D Apache). كذلك، تنتج بوينغ أنظمة أيجس المضادة للصواريخ الباليستية (SM-3 Aegis-)، المحمولة على متن السفن، والتي ترتكز عليها المقاربة الأميركية الجديدة للدفاع العالمي المضاد للصواريخ. وتنتج أيضاً أنظمة الإنذار والسيطرة المحمولة جواً (E- 767 AWACS ). والخلاصة، إن المسافة تبدو طويلة بين ما وصلت إليه الولاياتالمتحدة في عالم الدفاع وبين ما وصل إليه سائر المصنعين العسكريين. وبإنفاقها الدفاعي الكبير تحافظ على موقعها التقليدي في المنظومة الأطلسية.