يقول مواطنون من أهل السنة في العراق إن المليشيات الشيعية التي قدمت لتحرير المناطق ذات الكثافة الشيعية من سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في محافظة صلاح الدين تركت خلفها دماراً كبيراً للمنازل والمساجد وتجريف مساحات شاسعة من البساتين والأراضي الزراعية بدعوى أنها مخابئ للمسلحين. وكان التنظيم الإرهابي سيطر بين عشية وضحاها على مساحات شاسعة من محافظة صلاح الدين والموصل والأنبار وكركوك وديالى في العاشر من شهر حزيران/يونيو الماضي وقام بمجازر أبرزها إعدام 1700 عسكري عراقي كانوا ضمن حماية لقاعدة سبايكر الجوية وتهجير وقتل الأقليات المسيحية والأيزيدية وبشكل يتنافى مع الأعراف والتقاليد الدولية. وأدركت المرجعية الشيعية العليا في العراق بزعامة علي السيستاني مدى الخطر الذي يتعرض له العراق بعد سيطرة المسلحين على حوالي 40 بالمئة من مساحة العراق ودعت جمهور الشيعة إلى (الجهاد الكفائي) والتطوع لتشكيل أفواج للدفاع عن المقدسات وتحرير الأراضي من سيطرة داعش حيث لبى آلاف الشيعة الدعوة وانخرطوا في معسكرات لتشكيل قوات أطلق عليها (الحشد الوطني). ومن أبرز هذه التشكيلات قوات بدر بزعامة هادي العامري المرشح حاليا لمنصب وزير الداخلية وسرايا السلام بزعامة مقتدى الصدر وعصائب أهل الحق بزعامة الشيخ قيس الخزعلي فضلا عن تشكيلات أخرى بمسميات مختلفة منها كتائب النجباء وجند الله والثائرون والصادقون حيث أبلت بلاء كبيرا في تحرير عدد من المناطق وأبرزها منطقة أمرلي التي صمدت لأكثر من 75 يوماً بوجه داعش وتعرضت لحصار قاس وسقط لهم العشرات بين قتيل وجريح. لكن هذا لا يمنع من القول إن نشاط هذه المليشيات رافقها بعض التصرفات والأعمال غير القانونية أبرزها الاعتقالات العشوائية ودهم المنازل وسرقة مقتنياتها فضلاً عن عدم انصياع البعض منها للأوامر العسكرية ضمن القواطع العسكرية في المناطق، بحسب الأهالي. وقال سمير البياتي وهو مواطن من إحدى القرى القريبة على طريق بغداد وقد نزح إلى كركوك هربا من بطش المسلحين إن "رجال الحشد الشعبي أتوا على الأخضر واليابس ودمرواً مساحات شاسعة من الأراضي وأحرقوا بيوتنا ودمروها بالعبوات الناسفة والقاذفات". وأضاف والدموع تنهمر من عينيه "حضروا إلينا مدججين بمختلف أنواع الأسلحة ويرتدون ملابس مختلفة الأشكال والألوان ويستقلون سيارات شبيهة بسيارات داعش وأطلقوا عبارات تدل على الثأر والانتقام". وتابع "كانوا يقولون لنا أنتم حاضنة داعش سندمر هذه الحاضنة كي لا تنمو داعش أبداً ثم أبعدوني عن المنزل وفجروه بعبوات ناسفة وسط صيحات التكبير والتهليل ورفع علامات النصر على أصابع رجال الحشد الشعبي". وأضاف "علينا الاعتراف أن القوات العسكرية العراقية لم تتمكن لغاية اليوم من إعلان تحرير مناطق مهمة من سيطرة داعش لكن المتطوعين حرروا مناطقة سليمان بيك وأمرلي ومناطق أخرى وهذا عمل كبير رغم ما تعرضت له المناطق من دمار". وتعتبر الحكومة العراقية بزعامة حيدر العبادي قوات الحشد الوطني جزءا من قدراتها القتالية لمواجهة المسلحين في تحرير الأراضي فيما طلبت من قوات التحالف الدولي التكفل بقصف مقار ومستودعات الأسلحة وتجمعات المسلحين في المناطق التي يهيمن عليها المسلحون.