ظاهرة التدخين تعتبر من الظواهر السلبية القديمة التي انتشرت في معظم دول العالم. شملت جميع الطبقات الاجتماعية الأغنياء والفقراء والعلماء والجهلاء والكبار والصغار على رغم ما أكدت عليه منظمات الصحة العالمية من آثار التدخين الصحية والنفسية والاقتصادية, وأصبحوا ضحايا في المجتمع بسبب هذه الظاهرة. أصبحت هذه الظاهر منتشرة في كل مكان مما يستدعي الوقف لمعرفة أسباب ودواعي هذه الظاهرة وآثارها ولقد أمر الله سبحانه عباده بأن يبتعدوا عن كل امر فيه هلاك للانسان حيث قال تعالى: (وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ). كما أن التدخين يؤذي الغير كرها (لا إراديا) أو برائحة المدخن الكريهة. التدخين آفة خطيرة وأصبح الجيل الجديد اكبر ضحية لهذه الظاهرة وأضحت تهدد فلذات الأكباد ولقد أمرنا الله سبحانه وتعالى بأن نحافظ على أبنائنا ونحميهم وقد أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بأن كل إنسان راع وكل راع مسؤول أمام الله عن رعيته فالوالدان هما المسؤولان عن تربية أبنائهم وتوعيتهم التربية الصحيحة يأتي بعد ذلك دور المعلم مع طلابه. فرغم ما تبثه وسائل الإعلام في توعية المجتمعات من هذه الظاهرة وتبيين أضرارها إلا أن عدد المدخنين في تزايد مستمر وكبير وأصبح حرص المدخن على سيجارة واحد يفوق رغيف الخبز. وتشير الدراسات إلى أن الكثيرين ينفقون على شراء السجائر أكثر من نصف مدخولهم الشهري. أصبحت الأماكن العامة في مجتمعاتنا تعج برائحة التدخين وتغييب حق غير المدخنين مما يستدعي ذلك المطالبة بفرض عقوبات صارمة على المدخنين للحد من تشوه مجتمعاتنا من هذه الظاهرة. كما أننا نعي التأثير على البيئة من هذه الظاهرة مثل حدوث الحرائق والاشتعالات والكوارث التي قد تكون بسبب سيجارة واحدة. إن انتشار ظاهرة التدخين في المجتمع قد يكون القدوة السيئة وهذا بلا شك أحد أهم العوامل التي تساعد على انتشار التدخين في الأوساط الشبابية ظناً منهم بأن التدخين هو الرجولة ....! وهذا معتقد خاطئ. حيث أن قبل عدة سنين قل من تصادف مدخنا وخاصة من الشباب والآن أصبح الشباب أكثر شريحة من شرائح المجتمع تدخيننا. إن أغلب المدخنين يعي بالحكم الشرعي والأضرار الصحية الناجمة عن التدخين وتراودهم الرغبة في الإقلاع بل أن بعضهم قد ترك التدخين ويرجعون إليه في حال ضعف أمام رؤيته لمدخن أو مصاحبته لمدخن. إن المدخنين يعتقدون أن التدخين يساعدهم على الاسترخاء في مواقف الشدة والقلق، لكن الأدلة العلمية تؤكد عكس ذلك، فالقلق والعصبية والتململ مظاهر رئيسية للكرب والضغوط النفسية، وهي في الوقت ذاته سمات بارزة في المدخنين كجزء من شخصية المدخن أو من حلقة القلق المفرغة التي يدور فيها. ولا تخلو أغلب الأعمال الفنية من عاشق ولهان ينفث سيجارته وآخر مضطرب يسرع ليشعل سيجارته. هناك إجراء جميل جدا وهو أن تطالب المنظمات الصحية بفرض عقوبات على مؤسسات التبغ العالمية بدفع 20% من مكاسبها بعلاج ضحايا التدخين وفرض ضرائب على التبغ تزيد بمعدل يفوق زيادة الدخول والأسعار ومعاقبة الأشخاص الذين يساعدون في نشر السيجارة ويبيعونها للأطفال دون السن القانونية، وتنظيم جمعيات لمساعدة المدمنين على التخلص من التدخين. إن التدخين ظاهرة خطيرة آخذة بالاتساع، وهي بحاجة إلى إجراءات لمواجهتها والحد منها، خصوصا وكما قال الأطباء المعنيون ان هذه الظاهرة تفتك بالمجتمع وبكافة أجياله.