يمكن الاعتراف أن لكل عاطفة توجها ًموحداً، يؤسس إنسانيتنا ويربطنا بالآخرين، ذلك الإحساس الكامن فينا، فالعاطفة يمكن أن تعطي ما هو أكثر وأعظم لأشياء لها قدر كبير من الأهمية فللإنسان في حياته ارتباطات أشبه بالعقود الروحية التي تغرس من خلالها حبا يتجاوز المصالح والأهداف، تستدعي الدرجة الصحيحة من الانتماء وتجعله امراً محفزا للإنتاج والعمل، ويرتبط ذلك العقد الكامن في دواخلنا مع الأرض بمعان سامية تشكل في أعماقها حب الوطن.. ولهذا وصل أفلاطون إلى القول التالي : (لايمكن زوال تعاسة الدول وشقاء النوع الإنساني ما لم تتحد الحكمة والحكام، أي ما لم تتحد القوتان السياسية والحكمة في شخص الحاكم). وقد لمس العالم بأسره حكمة خادم الحرمين الشريفين ودوره الكبير في مكافحة الإرهاب ومساهمته الفعالة في حل قضايا العالم، والتنمية في زمن قياسي، يسجلها التاريخ على صفحاته للأزمنة الماضية والقادمة، فاليوم يحتفي بلدنا الغالي المملكة العربية السعودية بيومه الوطني الذي يحق لنا أن نفاخر به بلدان العالم، فالمنجز الذي انطلق في لبنته الأولى بتوحيد الملك عبدالعزيز رحمه الله أجزاء الوطن شكّل احد أهم مظاهر الوحدة الوطنية في العصر الحديث، فمن أجزاء متفرقة ومتناحرة تفتقد أبسط الموارد التنموية إلى بلد موحد ومنصهر في لحمة وطنية واحدة، ومن بلد لا يملك من مقومات الحياة سوى القليل جدا إلى بلد يحقق أعلى درجات التنمية مقارنة بالعمر الزمني بين الحالتين، وما عاشته من تناقضات خلال الحقبتين (ما قبل وما بعد النفط)، فمن الدراسة بنظام الكتاتيب على ألواح الخشب ونور السراج، إلى الدراسة على مقاعد اعرق الجامعات في العالم، ومن منع تعليم الفتاة إلى تسلم بنات الوطن رئاسة احد اكبر أقسام الأبحاث في الجامعات الأمريكية.. إن اختزال الانجاز في عمره الزمني قد يكون غير كاف، إذا ما أخذنا بالاعتبار المعطيات التي أحاطت به، والعوامل التي طورت من أدواته ليتجاوز مناطق الإعاقة تجاه الهدف الأسمى، والقيادة عادة هي من يسهم في تحقيق الهدف باعتبارات ودوافع هي في النهاية تنبع من حب الوطن. إن التاريخ الوطني يشكل إرثا لا يجب أن يغيب عن أبناء الجيل الحالي، وعلى المؤسسات التربوية والتعليمية نقل بما يمكن من تطور هائل في كل مكونات الوطن الاقتصادية والاجتماعية والعلمية والصحية، ودور القيادة الرشيدة في التنمية وتوفير الحياة الكريمة للمواطن وهذا يجعلنا نطالب الوزراء ورؤساء الهيئات والقطاعات الخدمية بمضاعفة الجهد وتفعيل الأجهزة الرقابية لمتابعة المشاريع التي اعتمدت لها الدولة ملايين الريالات. وإن الوطن يستحق كل أنواع الحب وعلينا أن نترجمه بالمحافظة على كل مكتسباته ونعزز في نفوس النشء معنى العطاء، ونملأ بذلك أي مساحات قد تسهم في انحرافات فكرية تحول هذا الحب إلى كره، فعندما يُعزز الانتماء، سيحد من التسرب الخطير للحالة الفكرية لبعض الشباب الذين انحرفوا تجاه اهتمامات ضالة.