تمثل الذكرى السنوية لليوم الوطني وتوحيد المملكة على يد الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود رحمه الله في كل عام فرصة لاستذكار المنجزات التي حققتها بلادنا، في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين، وسمو ولي ولي العهد - حفظه الله -. ومع تعدد تلك الإنجازات وتنوعها والنهضة التي تشهدها المملكة في جميع المجالات، غير أن مشروع الحوار الوطني، يمثل أحد أهم الإنجازات التي يفخر بها الوطن والمواطن، والتي تعكس رؤية خادم الحرمين الشريفين السبّاقه في ضرورة إطلاق حوار وطني يشمل جميع فئات المجتمع، في ظل التطورات والمتغيرات التي شهدتها الساحة السياسية العربية والعالمية، ووسط حراك اجتماعي وثقافي ونهضة علمية غير مسبوقة، يسهم فيه المواطنون من أبناء المملكة لتحقيق رؤية ونهج خادم الحرمين الشريفين أيده الله في تعميم ونشر ثقافة الحوار والتواصل مع الآخر. وبرز من ثمار هذا المشروع تأسيس مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، ومركز الملك عبدالله العالمي للحوار بين اتباع الأديان والثقافات، فيما كانت فكرة اللقاء الوطني للحوار الفكري في المملكة منذ بدايتها، استجابة لما تواجهه المملكة من تحديات تحاول النيل من عقيدتها وأمنها ووحدتها الوطنية، فبعد عقد اللقاء الوطني الأول للحوار الفكري في شهر جمادى الأولى من عام 1424ه لمناقشة عدد من القضايا الهامة، وعلى رأسها موضوع الوحدة الوطنية والعلاقات والمواثيق الدولية، اتفق المشاركون والمشاركات في اللقاء على ضرورة توسيع دائرة المشاركة فيه ليشمل جميع المستويات، ويعالج مختلف الموضوعات وذلك بإنشاء مركز للحوار الوطني يعنى بتنظيم اللقاءات، وإعداد البحوث والدراسات في هذا المجال. وبعد مرور شهر واحد بعد اللقاء، صدر أمر خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود - رحمه الله - بإنشاء مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني والذي بموجبه بدء في أعمال التأسيس وتم تشكيل اللجان المختصة، واستكمال النظام الأساسي للمركز وتشكيل الأطر التنظيمية والإدارية اللازمة، حيث أعلن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله - عندما كان ولياً للعهد، موافقة الملك فهد - رحمه الله - على قيام مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، وإنشاء مركزا متخصصا بالحوارات الفكرية والوطنية تحت أسم «مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني». وحظي مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني منذ تأسيسه باهتمام ورعاية ودعم متواصل من صاحب المنجزات الوطنية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله -، والتي كان آخرها صدور أمره الكريم في شهر رمضان من العام الجاري 1435ه، بتشكيل مجلس أمناء جديد لمركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني يضم نخبة من العلماء والمفكرين الذين يمثلون جميع الأطياف الفكرية للإشراف على برامج وسياسات ومشاريع المركز المستقبلية، وتضمنت الموافقة الكريمة تعيين الشيخ الدكتور عبد الله بن محمد المطلق رئيسا لمجلس امناء المركز، و فيصل بن عبد الرحمن بن معمر نائبا لرئيس مجلس الامناء، إلى جانب عمله أمينا عاما للمركز، لتحقيق انطلاقة جديدة للمركز لتحقيق رسالته السامية في تعزيز ونشر ثقافة الحوار والوسطية والاعتدال، وليكون مشروعا حضاريا يستهدف إشاعة ثقافة الحوار، للوصول إلى رؤى وطنية تمثل رافداً أساسياً لمناقشة القضايا الوطنية بجميع أبعادها. واستطاع المركز منذ انطلاقة أعماله أن يُشرك أغلب فئات المجتمع في الحوار الوطني، وأغلب المؤسسات الوطنية والتعليمية الفاعلة، ومؤسسات المجتمع المدني، وشهدت اللقاءات الوطنية عدة تحولات خلال الأعوام الماضية كان لها الأثر الأكبر في أداء المركز، وانطلاق أعماله في آفاق أوسع , وقد انتهج مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني مبدأ ترسيخ ثقافة الحوار وتقبل رأي الطرف الآخر كأحد الأهداف الرئيسية والإستراتيجية له، بما يُكسب الاختلاف جانباً إيجابياً، من خلال التعرف على الرأي والرأي الآخر، ومن خلال تعزيز قنوات التواصل والحوار الفكري وتطويرها بين أفراد المجتمع، لتوثيق عرى الوحدة الوطنية. ونفّذ المركز طيلة مسيرته تسعة لقاءات وطنية رئيسية للحوار الفكري، ونظّم العشرات من اللقاءات التحضيرية والفعاليات الحوارية الأخرى في أغلب مدن المملكة.