زميلي الدكتور (ع) استشاري ناجح ومتميز صاحب ابتسامة لا تغيب تتقاطع عيادتي مع عيادته في يومين من الأسبوع وعادة ما تكون عيادته مليئة بالنشاط والحيوية والسعادة. ولكنه مؤخراً بدا مشتتاً ومثقلاً بهّم أذهب الابتسامة عن محياه لدرجة أثر على أدائه وأنقص من إنتاجيته وبحكم الصداقة والزمالة في العمل ومن باب المواساة، جلست معه تلك الليلة بعد الانتهاء من العيادة ممازحاً وملاطفاً إياه حتى بدأت نفسه ترتاح قليلا وعندها سألته قائلا يا صديقي أرى أن هناك أمرا جللا قد ألمّ بك ألهاك عن عيادتك وأثر في عطائك فما بالك؟! فأجابني أن لديه طفلا معاقا تهتم به والدته (زوجة الدكتور) وكانت تعاني من سمنة مفرطة قررت الزوجة أن تجري عملية تخسيس (تكميم المعدة -Sleeve Gastrectomy) وقد تمت العملية بسلام ولكنها تعاني الآن من أعراض ما بعد العملية المزعجة جدا مما جعلها طريحة الفراش لا تقوى على خدمة حتى نفسها فضلا عن القيام بشؤون المنزل وأهله وخدمة ذلك الفتى المعاق. ربما تتساءل أخي القارئ أختي القارئة، كيف تقول لنا يا دكتور انها عملية ناجحة والمريضة أضحت بعدها طريحة الفراش؟! لم يجلب النفط فقط ثروة كبيرة إلى بلادنا الغالية ولكن صحبته تغييرات في أنماط حياتنا اليومية. وساهمت السيارات السريعة والوجبات السريعة في ارتفاع الأمراض المرتبطة بالسمنة. واصبحت المشكلة أكثر وضوحا في أوقات الأعياد والاجازات حيث الكثير من الناس يفضلون البقاء في منازلهم والانغماس في تناول الأطعمة الغنية بالدهون عن التحرك والاستمتاع بالحياة خصوصا في أجواء صيفنا القائظ. والتخلص من وزنك الزائد ليس فقط لتحسين مظهرك الخارجي ولكن صحتك في المقام الاول فالسمنة مرض قادر على ان يسبب مجموعة من المشاكل الصحية بما في ذلك ارتفاع ضغط الدم وارتفاع الكولسترول وأمراض القلب وتوقف التنفس أثناء النوم، التهاب المفاصل وبعض أنواع السرطان. كما أنه يسبب العقم لدى المرضى الإناث صغار السن والضعف الجنسي عند الرجال. وفقا لمنظمة الصحة العالمية، ان السمنة تفقد الانسان جودة الحياة الصحية وتعد أحد أكبر اسباب الوفاة على مستوى العالم مع تزايد انتشار السمنة بين البالغين والاطفال. عملية تكميم المعدة هي آخر صيحات وثورات علم التخسيس والتنحيف الجراحي لمرضى السمنة فهي عملية جراحية لإنقاص حجم المعدة الهدف منها هو فقدان الوزن. يقوم الجراح باستئصال حوالي 75٪ من حجم المعدة الأصلي. غالبا ما تستخدم الدباسات الجراحية في هذه العملية. غالبا ما تتم العملية عن طريق جراحة المناظير ويمكن أن تجرى عن طريق الجراحة المفتوحة. بدأت العملية كمرحلة أولى للمرضى الذين يعانون من زيادة مفرطة في الوزن لمن يتجاوز مؤشر كتلة الجسم لديهم أكثر من 60، متبوعة بالمرحلة الثانية وهي جراحة تحويل مسار المعدة أو تحوير المعدة إذا لم يفقد المريض وزنا كافيا. وحسب التوصيات الحديثة يمكن أن تجرى الجراحة لمرضى السمنة بدءا من 35-40 مؤشر كتلة الجسم (BMI) وغالبا ما تكون كافية لإنقاص الوزن. ولكن أود أن ألفت انتباهكم أعزائي القراء أن العملية وحدها ليست كافية لإنقاص الوزن إلا إذا صاحبها تغيير في نمط حياة المريض والتزام بتعليمات الطبيب. تنجح هذه العمليات في أكثر من 95% من الحالات، باستثناء عملية ربط المعدة فإن نسبة نجاحها تصل ل 50% فقط، لهذا يندر اللجوء إليها في السنوات الأخيرة لوجود البديل الأفضل. يستمر تأثير العملية على الوزن يدوم حولين كاملين حتى يصل المريض للنتيجة الأفضل، وبعدها يكون من واجب المريض الحفاظ على وزنه الجديد عن طريق الرياضة والتغذية السليمة. وكذلك تحسن في مستويات الكولسترول لدى ما يقارب السبعين بالمئة من الأشخاص لقد أثبت الكثير من الأبحاث العلمية الكثير من الفوائد الصحية للعمليات المخفضة للوزن، أهم ما أثبتته هذه الأبحاث هو تحسن في مستويات السكر في الدم لدى الغالبية العظمى من مرضى السكري وتحسن في مستويات الكولسترول لدى ما يقارب السبعين بالمئة من الأشخاص. فقد أكدت دراسة حديثة قام بها باحثون من جامعة ستانفورد في مؤتمر المجمع الأمريكي إلى عمليات المعدة لعلاج السمنة أنها تمتد إلى صحة القلب أيضاً. فقد أظهرت فوائدها للقلب حيث عادت إلى المعدل الطبيعي لدى المرضى نسبة المؤشرات التي يرتبط ارتفاعها بارتفاع نسبة الإصابة بأمراض الشرايين وهي نسبة الكولسترول والهوموسستين وبروتين الدهن وقد انخفضت أيضا نسبة بروتين سي التفاعلي بمقدار 50%. ومن محاسن هذه العمليات أيضا التعافي من مرض ضغط الدم المرتفع نهائياً لدى ستين بالمئة من المرضى وتحسنه في ثمانين بالمئة من الحالات والتعافي من مرض الاختناق الانسدادي الليلي والشخير لدى أكثر من ثمانين بالمئة من المرضى مؤدية إلى تحسن نمط النوم لدى هؤلاء المرضى وتحسن وحتى التعافي من مرض الارتجاع (القلس) المعدي المريئي "الحرقة". وغير ذلك من فوائد أخرى كُثر لأمراض وعوارض أخرى لا يتسع المجال لذكرها في هذا المقال. يمكن تقسيم المضاعفات المحتملة لعمليات تكميم المعدة لقسمين، الأول فيما يتعلق بالعملية الجراحية نفسها، كتلوث الجروح بعد العملية وحدوث الالتهابات الرئوية أو النزيف الشديد خلال أو بعد العملية أو تسرب في موقع التدبيس أو جلطات تخثر الدم في القلب والرئتين والساقين، أو ظهور فتاق في موقع الجرح او داخل البطن بي الامعاء أو الام شديدة في الظهر والاكتاف. كما أن هناك مضاعفات عملية التخدير ككل عملية جراحية أخرى. ولا بد من التنويه هنا إلى أن هذه المضاعفات نادرة الحدوث نسبياً. وكل هذا لم يحدث بحمد الله لزوجة زميلي الدكتور (ع) فقد خرجت من المستشفى بدون أي من هذه المضاعفات. أما القسم الثاني من المضاعفات فيختص بحجم وظيفة المعدة المتبقية. فقد يفقد المريض القدرة على اكل الطعام لمدة أشهر، يكون مصاحبا لها غثيان وتقيؤ، مع إسهال أحيانا. ينتج عنه فقر الدم (الانيميا) ونقص في عناصر هامه كالكالسيوم والحديد وبعض الڤيتامينات بنسبة 30% مما يؤدي لهشاشة العظام وتساقط في الشعر مع زيادة احتمال تكون حصوة المرارة بنسبة عالية. يؤدي عدم المقدرة على تناول كميات متوازنة من الطعام الى نقص السكر في الدم والذي يسبب كثرة وسهولة الإرهاق والإعياء وحالات الإغماء. وهذا يدفع بحالة المريض للاكتئاب أحياناً. وهو ما حدث لزوجة زميلي الدكتور (ع). يصبح مريض السمنة أكثر عرضة لتقرحات المعدة والتهاباتها بعد العملية. وبسبب سرعة انزلاق الطعام فإن بعض المرضى قد يعانون من مغص وآلام حادة في البطن. يمكن التغلب على هذه الآثار في الغالب بتناول حبوب المعادن والفيتامينات ربما مدى الحياة. ومن مساوئ هذه العمليات أنه يجب على النساء في سن الإنجاب الامتناع عن الحمل لمدة سنتين أو أكثر، وذلك لنقص التغذية الكافية وعدم قدرة الأم على إنجاب أطفال كاملي النمو. ومن بين مساوئ هذه العملية احتمالية زيادة الوزن بعد العملية بقُرابة العامين إذا لم يراعِ المريض ضرورة عدم الإكثار من تناول الطعام، لذا من الضروري الالتزام بإرشادات التغذية وطريقة الأكل وإلا زادت احتمالات زيادة الوزن. في حالة اختيار المريض المناسب لجراحة تكميم المعدة وعمل كافة الفحوص اللازمة للتأكد من ذلك، فإن نتائج الجراحة تكون عادة ممتازة. إذ لا تعتبر العملية الجراحية معقدة من الناحية الفنية ويمكن إجراؤها بالمنظار، وهي ليست صعبة بالنسبة إلى الجرّاح صاحب الخبرة في هذا المجال، لكن الاختيار الدقيق للمريض المناسب يبقى هو العامل الحاسم في نجاح العملية. إن من المهم لك – أخي القارئ، أختي القارئة -أن تفهموا أن مخاطر الجراحة منخفضة جدا، وأن غالبية المرضى لا يشكون من مضاعفات. ومع ذلك، كما هو الحال مع أي عملية جراحية أخرى، قد يكون هناك بعض المضاعفات والمخاطر بعد العملية أو على المدى البعيد. وهذه المخاطر أكبر بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من السمنة. ولكن هناك العديد من العوامل التي تلعب دوراً هاما في تحديد هذه المضاعفات والمخاطر ومنها الوزن والعمر والتاريخ المرضي. وأخيرا عزيز القارئ إذا كنت نحيلا فأرجوك حافظ على وزنك.... فالسمنة مرض أصله بيت الداء الفم والمعدة وكثرة الطعام وقلة الحركة...... ودمتم. أثبت الكثير من الأبحاث العلمية الكثير من الفوائد الصحية للعمليات المخفضة للوزن أهم ما أثبتته الأبحاث هو تحسن في مستويات السكر في الدم لدى الغالبية العظمى من مرضى السكري