تعددت المقاهي في فترة النصف الأول وما قبله من القرن المنصرم في عدد من الدول العربية التي يتجمع فيها مختلف شرائح المجتمع ومنها ما يوجد داخل الأحياء حيث التقى وجهاء وعلماء ومثقفين من الأهالي والعامة منهم في وقت ما بعد صلاة العصر الى ساعات من الليل في لحظات هدوئه ومداعبة نسائمه العليلة من هذا المشهد برزت المقاهي الثقافية التي تميزت بجذب المثقفين والأدباء والشعراء والفنانين حيث يؤمها الذين اشتهرت اسماؤهم من خلال ابداعاتهم في الحقل الذي توجهت قريحته وتشربت روحه في كسب العلم والمعرفة منه هذا الملتقى الذي يضم النخبة الراقية من المجتمع حيث يتبادلون الأفكار والأحاديث التي تنثر رياحين الجمال والمحبة في نفوس وعقول الناس وقد وصل توهجها الى خارج البلاد واشتهرت عدد من المقاهي في البلدان العربية خاصة والبلدان الأوروبية بصورة عامة فكان مقهى الفيشاوي وجروبي التي تأسست منذ القرن السابع عشر الميلادي في مصر الذي كان يرتاده كل من عباس محمود العقاد ونجيب محفوظ الحاصل على جائزة نوبل والروائي احسان عبدالقدوس ورائد القصة القصيرة في الوطن العربي يوسف ادريس وغيرهم وفي بغداد عاصمة الرشيد كان المقهى المشهور باسم الشاعر الكبير محمد صدقي الزهاوي من رواده شاعر العرب محمد مهدي الجواهري وعالم الاجتماع علي الوردي وغيرهم وفي بلدنا الحبيب كان للمقهى الثقافي دور لا يستهان به في التواصل بين المثقفين والأدباء والشعراء في الرياضوجدة والأحساء رغم ندرة هذه المقاهي كانت المجالس في بيوت احد محبي الثقافة ومن عشاقها كان تجمع النخبة مع جيل الشباب في وقتها لتداول الآراء والأفكار وهموم الثقافة وما يصدر من جديدها ومناقشة قسم منها وكذلك اقامة المحاضرات والندوات الودية لإحياء المناسبات الوطنية والدينية والتراثية والتارخية وابرز القامات في بلدنا الحبيب العلامة حمد الجاسر والشاعر المثقف حمزة شحاتة والموسوعي عبدالله بن خميس وغيرهم من ابدعوا في مجالاتهم الفكرية في توعية المجتمع والكتب التي صبوا عصارة عقولهم في مدادها لا يستغني عنها كل من يبحث عن مستقبل زاهر له ولمواطنيه ولأمته العربية والإسلامية ولا نغفل دور المساجد في توعية المجتمع من هذا المنطلق يرى العديد من المثقفين توفير المواقع المناسبة لاحتضان الجيل الجديد وخاصة النخبة المميزة من المجتمع وانتشالهم من التشتت وضياع ابداعاتهم فإنشاء المقاهي الثقافية في الأماكن المهيأة لذلك من لدن الأمانات والبلديات ومنتسبي الغرف التجارية من رجال الأعمال في مد يد المساعدة المعنوية وجذب هذه الشموع في تنمية قدراتهم العقلية والفكرية لأنهم هم من يضيء طريق المستقبل الجميل..