أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور سعود الشريم المسلمين بتقوى الله عز وجل والعمل على طاعته واجتناب نواهيه، وقال في خطبة الجمعة يوم أمس بالمسجد الحرام إنه لا يخفى على كل لبيب ما حل بواقع أمتنا الإسلامية من نوازل يتبع بعضها بعضا في غفلة من عقلائها، وإنه يدرك كثرتها وسرعتها وهو ليس أمرا اعتياديا ليس بدعا من الأحداث والنوازل التي لا يأتي طفرة ولا بمقدمات وهذة الأحداث أيا كان لونها وحجمها فإننا جميعا لسنا مبرئين من كوننا سببا فيها من قريب أو بعيد والأمة الواعية الموفقة التي تنظر بعين الجد تجاه تلكم الأحداث، فتدرس أسبابها وتستجلب علاجها، وهي تتقي داءً خطيراً لايزيد المصائب إلا بلاء وليس هو من العلاج وهو ما يعاني منه جل المجتمعات في مواجهة تلك المصائب إلا إنه داء التلاوم الذي يزيد المحن إشتعالا، والذي يأتي بعد كل فشل أو خسارة أو محنة لتغطية الفشل والهروب من الاعتراف بالخطأ والندم عليه والعزم على عدم تكراره. وأضاف فضيلته أن التلاوم الذي ينسف ذلك كله في حين أن النبي صلى الله عليه وسلم قد وصف ما يقف حاجزا دون تقدم هذا الداء، حيث قال صلوات الله وسلامه عليه (كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون)، والتلاوم هو صورة من الإنكار وهي سلبية فهو ليس توبيخا إيجابيا ولا عتابا محمودا، وإنما هو جزء من الأنانية والأثرة إذ كل شخص يلقي باللائمة على الآخر مع أنهما مخطئان جميعا لكنها المكابرة والهروب من المسؤولية والتقاعص عن الإصلاح. وبيّن إمام وخطيب المسجد الحرام أن التلاوم هو إلى الخصام أقرب منه إلى النصح والإصلاح لأن المصائب تنشىء العلاج والتلاون يئده في مهده وهو صورة من صور إفلاس المجتمعات بالتعامل مع مصائبها ونوازلها الحالة بها، وهو غالبا ما يكون في رمي الآخر ما رمى به نفسه لذلك لم يأتي التلاوم في كتاب الله محمودا، ثم إن التلاوم ليس مثل اللوم إذ اللوم يكون من جهة الناصحين للمخطىء، بخلاف التلاوم إذ كلى المخطئين يلقي باللائمة على الآخر وهنا مكمن التعامي عن التصحيح. وقال فضيلة الشيخ الشريم: إن أعظم نصر للعدو المتربص هو أن يرى خصومه في حالة يرثى لها من سكر التلاوم الذي يضبط عرى التلاحم في المجتمع الواحد فتقع شماتته على صرخات تلاومهم حتى ينتشي، ذلك كان لزاما على عقلاء المجتمعات أن يتقوا هذة الخصلة الدنيئة التي تعمي وتصم، فبالتلاون تتسع هوة الخلاف حتى تصل إلى درجة التخوين في الدين والأمانة والخلق، ومن ثم تتفاقم إلى أن تبلغ حدا يتعذر معه الالتقاء والتواد والتراحم والشعور بالمسؤولية الواحدة للمجتمع المسلم الواحد. وأشار فضيلته بأن ذم التلاوم والتحذير منه لا يعني أبدا ترك التناصح والتصحيح تحت ظلال الإخلاص والرفق واللين والهم الواحد للدين الحق ومن وعى ذلك فإنه سيدرك حجم المسؤولية على عاتقه وسط الفتن والزوابع التي تتساقط على أمتنا كالحجارة، لذلك كان التلاوم زيادة في القسوة وفرارا من الاعتراف بالخطأ، واشتغالاً بتكبير ما مقامه التصغير في حين أن الواجب على كل واحد منا النظر في دواعي المحن هل هى خلقية أم دينية أو ثقافية أو تربوية أو هي مركبة منها جميعا، ومن ثم البحث عن العلاج بناءً على تشخيص هذا الداء وإلا فسوف يحل التلاوم محل ذلكم كله.