في خطوة من قبل مؤسسة النقد، لتنفيذ ما صدر من قرارات لمجلس الوزراء، تقضي برصد حركة الحسابات البنكية للعمالة الأجنبية، وإبلاغ وزارة التجارة عن الحسابات التي لا تتوافق حركة التدفق المالي فيها مع الدخل الذي يجنيه أصحاب هذه الحسابات، من المهن التي يمتهنونها، وذلك للحد من حالات التستر تم الإعلان الأسبوع الماضي، عن أن البنوك العاملة في المملكة، المحلية منها والأجنبية، قد باشرت تجميد حسابات العمالة الوافدة، التي تفوق تعاملاتها المالية، قيمة الأجور السائدة لمهن تلك العمالة. فظاهرة التستر، التي يتمكن من خلالها غير السعودي، من الاستثمار في نشاط محظور عليه الاستثمار فيه، أو ممارسة أي نشاط محظور عليه ممارسته، قد غدت تستنزف عنصرين أساسيين في اقتصاد المملكة هما رأس المال والعائد منه، وفرص العمل، حيث تشير الإحصاءات، إلى أن قيمة تحويل العمالة الأجنبية سنوياً من المملكة إلى الخارج، بلغت أكثر من 110 مليارات ريال، هذا بخلاف الأموال التي تخرج بطرق غير نظامية، والتي تقدر نسبتها بحوالي 17 % من الناتج المحلي الإجمالي، أو ما يتجاوز مقداره 236 مليار ريال كما أن الوافدين الذين يمثلون نسبة تزيد على 86 % من العاملين في القطاع الخاص بالمملكة، يسيطرون على أكثر من 90 % من تجارة التجزئة، والأنشطة الخدمية، التي تستقطب معظم حالات التستر، فما يجري ضبطه من حالات تستر تجاري سنوياً، يقدر بأكثر من ألف حالة، غالبيتها تظهر في مجال البناء والمقاولات بنسبة 40 %، يليها نشاط بيع السلع والمواد الاستهلاكية والغذائية، بنسبة 35 %، ثم أعمال المهن المختلفة. مما يؤسف له، أن الكفيل المتستر من المواطنين، يقوم بتوفير كامل الدعم والمساندة لإنجاح عملية التستر، ومن ذلك العمل على فتح الحساب البنكي، وإدارة المشروع، وجعل التدفقات المالية باسمه، ما يؤدي إلى صعوبة اكتشاف عملية التستر من خلال القطاع المصرفي لوحده، لذا مما يمكن أن يسهم بشكل كبير في فضح حالات التستر التجاري تلك، والحد منها، هو وجود نظام معلوماتي على المستوى الوطني تسجل فيه بصورة إلزامية، كافة بيانات عقود الوحدات العقارية المؤجرة، بمختلف أنواعها التجارية والصناعية والسكنية وما سواها، ليمكن رصد حالات التستر المحتملة، التي يقف خلفها أولئك المستأجرون ويوفرون من خلال تلك الوحدات المستأجرة بأسمائهم، الغطاء النظامي للوافد لكي يمارس الأنشطة الاستثمارية أو المهنية المحظور عليه ممارستها نظاماً. إن هذا النظام المعلوماتي في حال تبني تنفيذه من جهة الاختصاص، والذي من المرجح أن تكون في هذه الحالة وزارة التجارة والصناعة، المسؤولة عن جانبين أساسيين في هذه القضية، وهما التفتيش والتحري عن المخالفات لنظام مكافحة التستر، والإشراف في ذات الوقت على أنشطة المكاتب العقارية، التي يتم من خلالها إبرام عقود التأجير للوحدات العقارية بمختلف أنواعها، سيكون لطابعه الشمولي الذي يغطي كافة أنواع الوحدات العقارية، مع العمل على توسيع دائرة أهدافه وعناصره لتتجاوز معطياته أكثر من مجرد رصد حالات التستر، الأثر الأكبر على الاقتصاد الوطني، من أي نظام معلوماتي آخر، يقتصر على شريحة محدودة من الوحدات العقارية المؤجرة، مثل نظام إيجار الذي يقتصر على الوحدات السكنية المؤجرة، أو نظام شموس الذي يقتصر على بيانات تأجير الوحدات العقارية السياحية والترفيهية، فهي في الواقع أنظمة معلوماتية جزئية، ستكون بالتأكيد أكثر فعالية، في حال انتقال بياناتها، التي لا تزال في طور البناء لتتكامل مع بيانات العناصر الأساسية الأخرى، في نظام معلوماتي واحد وشامل عن الوحدات العقارية المؤجرة على مستوى المملكة.