أُنشئت المعارض الدولية لتقديم الاختراعات الصناعية وإبرازها، حيث تقدّم الواجهة التكنولوجية والصناعية للبلدان المشاركة، التي تعكس التقدم الذي تحققه الثورة الصناعية آنذاك. وأول معرضٍ دولي أقيم كان في لندن سنة 1851م – وبظني أن أسواق العرب كسوق عكاظ وذي المجنة معارض اثرائية سبقت انشاء المعارض الاوروبية بقرابة الفي عام - وخصص لكل بلدٍ مشاركٍ مساحة خاصة به في الجناح المركزي للمعرض. ومنذ عام 1867م، بدأت الدول المشاركة في إنشاء أجنحتها بنفسها وبأشكال مختلفة. وعادةً لا يتخذ هذا الإجراء إلا حينما تعرض الدولة المشاركة شيئاً لا يتسع له مكانها المخصص في جناح العرض المركزي، وكانت تمنح عدة ميداليات لأحسن دولة قامت بعرض منتوجاتها وأضافتها اكتشافًا علميَّا في أحد المجالات، ومن ثم كُثر إنشاء وإقامة المعارض بمختلف أنواعها واتجاهاتها ورؤيتها ورسالتها، فمنها: معارض علمية، وثقافية، واقتصادية، وهناك معارض للكتاب، وأخرى للشؤون الطبية، والتعريف بالجامعات، ومعارض للمنتوجات الوطنية والسلع الاستهلاكية، وقليلة هي المعارض التي تخرج منها وقد استثمرت وقتك وحصدت فوائد إثرائية. ومع تقدم العلوم، وتطور الصناعات ظهرت شركات عملاقة تعرض جديدها كشركة:(ميكروسوفت، وأبل، وإل جي، وسوني، وشركة أرامكو السعودية)، فشركة أرامكو السعودية أحرص على حضور معارضها سواءً أكانت الثابتةٍ أم المتحركةِ منها، حيث كانت تقيمها على عربات تجوب مناطق المملكة رغبةً منها في الإثراء المعرفي ونشر الثقافة، وخصوصاً فيما يتعلق بمنتوجاتها، وقد قمت مؤخرًا بزيارة معرضها المتألق (إثراء المعرفة)، والذي أقامته في مركز الرياض الدولي للمؤتمرات والمعارض، في شهر شوال من عام 1435 ه وافتتحه صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن عبد الله بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض، مساء يوم الثلاثاء الثاني من أيام عيد الفطر المبارك، وهو معرض يحمل في طياته إثراءً معرفياً وعلميًّا جديرين بالمتابعة والاهتمام، ولذا اُحيط بترقب وعناية من الصغار والكبار من سكان العاصمة لما يتميز به من مهارةٍ في الإعداد والإخراج وجودة في رؤية المعرض ورسالته، ولأهمية هذين الأمرين سأعرض مختصرًا عنهما في مساحة المقال المتبقية، وعليه فقد تم إعداد المعرض وإخراجه بأسلوبٍ علميٍ تقنيٍ ابتكاري جاذب، لجميع فئات المجتمع، وبمختلف طبقاته، فقد احتوى على جناح لأسماء الله الحسنى بمعانيها وما ترمي إليه وما تحويه من قدرات الله سبحانه وتعالى، وقد طُبعت في كتاب يوضح معناه وعدد مرات وروده بالقرآن الكريم، وجناح كفاءة الطاقة هدفه تثقيف ربات البيوت عن الأدوات المنزلية والتعريف بها كالثلاجات، والغسالات، والأفران، والتدفئة، والتبريد، والتكيف، بالإضافة إلى الأجهزة المنزلية كالتلفاز، والجوال، وأجهزة الحاسب وطريقة استخدامها، وكم الحاجة ماسة للإثراء الفكري في مجال ترشيد الطاقة واستخدام الافضل حيث اسواقنا تعج بالبضائع الجيد منها والرديء فالتثقيف بما هو جيد احوج ما نكون اليه، وآخر لألف اختراع واختراع وقد وُثقت هذه الاختراعات في كتاب طُبع طباعةً فاخرة وبأسلوب شائق محبب للقراءة والنظر ويسهم اسهاما مهما في فهم اوسع للعلوم والتكنولوجيا ضمن الحضارة الاسلامية وفهم أوضح لما تُدان به المجتمعات الحديثة، وقهوة للفن، واستديو للمبدعين، ومسابقة لرسوم الأطفال، واستديو للبارعين، وقرية للسلامة المرورية، وعالم ليجو، كما خُصص للطفل جناحٌ خاصٌ به عُرض به كل مستلزمات الأطفال وحاجياتهم، فجاء ملبياً لرغباتهم ومنمياً لمداركهم وفق فئاتهم العمرية سواء ما قبل مرحلة الدراسة أو ما بعدها. ومما ساهم في أهمية المعرض وضوح رؤيته ورسالته، وهي تكريس التعليم بالترفيه بمشاركة طاقات شابة من خلال تقديم تجربة فريدة تجمع بين الجاذبية والثراء المعرفي، وتشمل تخصصات مختلفة، ووفق أهداف محددة. فهي تشتمل على فعاليات عصرية متعددة ذات طابع ثقافي، علمي، إبداعي، وترفيهي، مصممة بعناية لأفراد الأسرة كافة، وهي جزء من برامج مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي الذي تقوم أرامكو السعودية بإنشائه في الظهران، ويتم تقديمها في إطار آمن وجذاب، يراعي قيم المجتمع السعودي وخصوصياته، ويستهدف تنمية الوعي للإسهام في الجهود الوطنية للتحول إلى مجتمع معرفي. ومن الأمور التي ساعدت على بروز إخراج المعرض بالصورة المؤملة، هو أن العناصر القائمة على ذلك المعرض سواء أكانوا من الشباب أم الشابات مهروا في ايصال المعلومة للمستقبل (الزائر أو المستفيد) لتطلب توصيل الرسالة من المرسل إلى المستقبل مهارات عالية وقدرة تدريبية فائقة للتواصل بين طرفي المعادلة، فإذا كانت الفكرة عالية الجودة ومرسلها غير متقنٍ لها فإن المستقبِل قد يشعر بالملل والضيق ومن ثم يفقد استثماره للوقت ويخرج بانطباع غير مُرضٍ، أما إذا كانت الفكرة ذات جودة والمرسل لديه القدرة والإمكانية في إيصالها كما يجب وصلت الرسالة بوضوح وشفافية عاليتين وهنا يتحقق الغرض المنشود، وهو ما تأكد في إثراء المعرفة حيث إن جميع المرسلين على درجة عالية من الثقافة وفهم المعلومة المراد إيصالها، والخلاصة الأبرز لقد وجه معرض إثراء المعرفة رسالة للمجتمع عامة، تتلخص بأن لدى الشباب رغبة في التطوع، والإسهام في برامج الوطن، فقد ضم المعرض عدداً من المتطوعين من الجنسين الذين التحقوا به وكانوا على قدر كبير من المسؤولية والاحترافية والمهارة في الأداء، وهذا من أهم الرؤى والرسائل التي يحتاج إليها الجميع في بلادنا للمشاركة بفاعلية في مختلف مناحي الحياة.