لا تدافع عن وطنك. واحذر أن تقول أي كلمة في حق من يخونونه ولا تحذّر من "الفتنة" وإيّاك.. ثم إيّاك أن تتجرأ فتنتقد هذا الرمز "التويتري" أو ذاك النجم الفضائي الهادر مع كل فتنة وفتّان. والسبب الذي يقوله لك أحبابك واحد "قوّة الفجّار وضعف الأنصار" وإن لم تقتنع قالوا لك إن للخونة أشباه دول، وأشباه رجال يدافعون عنهم في كل عصر ومصر. وإيّاك أن تكتب عما رأيت أو أن تتهور فتقول كل ما تعرف وتنشر كل ما تملك. والسبب أن بائعي الأوطان في مزادات المؤامرات لا يحاكمهم إلا التاريخ حينما تتحرّر صفحاته في غياب المصالح والضغوط وصيحات الجماهير المخدوعة بهذا وذاك. نعم خونة الأوطان في حاضرنا اليوم مطمئنون للحماية المؤقتة والهشة التي يوفرها الأنصار المغيّبون والمشترون المخادعون فيخوضون في تقطيع أوصال أوطانهم ليبيعوه بالقطعة لكل مشتر أصيل أو عميل ولكن حساب الله العادل يسبق حساب التاريخ العسير. ومن قراءة التاريخ البعيد والقريب نجد أنّ خونة أوطانهم في كل عصر يصطنعون الحجج والادعاءات ويزين لهم شياطين الجن والإنس الشعارات والمبررات فيستمرئون اللعبة حتى يذوب الوطن في جحيم مستعمر، أو تتقطع أوصاله في مستنقع الفتنة والتقاتل. ابن العلقمي الذي تآمر مع هولاكو على الخليفة وعلى تدمير "بغداد" قال عنه مناصروه ومعاصروه الماشون في ركابه إنه كان مخلصا أديبا أريبا حاول بدسائسه استنقاذ الدولة لا إسقاطها. وحينما فتح التاريخ الصفحات الناصعات وجدنا ابن العلقمي بلقبه الرسمي "مؤيد الدين" الذي استحقه لإخلاصه الظاهر خائنا لدينه بامتياز، عميلا ضد وطنه بانحطاط، لينتهي على صفحات التاريخ رمزا للخيانة لا يجد من ينصره إلا خائنا من جنسه. يقولُ ابنُ كثيرٍ عن ابن العلقمي" ثم كاتب التتارَ، وأطمعهم في أخذِ البلادِ، وسهل عليهم ذلك، وحكى لهم حقيقةَ الحالِ، وكشف لهم ضعفَ الرجالِ ". هذا هو ابن العلقمي ونأتي إلى خائن آخر ظهر قبل الإسلام واسمه "أبو رغال". ومختصر قصة أبي رغال هذا أن "أبرهة الحبشي" لم يجد من يدلّه على الطريق المختصر إلى مكة لتنفيذ قسمه بهدم الكعبة فدلّوه على هذا الخائن فقام بمهمة الدليل ولكن الله اهلك "أبا رغال" في الطريق قبل تمام المهمة ثم هلك أبرهة وجيشه بحجارة من سجّيل. وكافأت العرب "أبا رغال" على خيانته بعد موته بأن اتخذت رجم قبره بالنعال سنة في طريق ذهابها وإيابها إلى بيت الله الحرام. وفي هذا يقول شاعر عربي: وأرجم قبره في كل عام كر"جم الناس قبر أبي رغال والمأساة التي ستواجه خونة العصر أن التاريخ اليوم يدوّن المواقف في لحظتها وتحتفظ المخازن الإلكترونية بالوثائق القديمة والجديدة وتوثقها. وكم رأينا من مشاهد خونة وعملاء ابتليت بهم دول عربية وإسلامية تاجروا في كل شيء باسم الوطن بل وباسم الدين والحقوق والإصلاح. وكم كشفت وستكشف مشاريع مثل "سنودن" و"ويكيليكس" عن علقميّ وأبي رغال وهم يتمخترون بيننا بمواقع صلعاء وقنوات خرقاء وصحف سوداء من حبر الفتنة والتآمر. *مسارات.. قال ومضى: من يغضب للرقيق من كلامك.. لا يستحق القليل من ملامك.