في اعتقادي أن الخبر الصدمة خلال هذا الأسبوع هو ما نشرته هذه الصحيفة قبل يومين عن اصطحاب أحد الآباء السعوديين لطفليه إلى صفوف داعش، رغم أنهما لم يتجاوزا العاشرة والثالثة عشرة من العمر، والكارثة أن الصورة المرفقة مع الخبر توضح سرور الأب وارتياح ملامحه وهو يجلس بجوار علم داعش، وأمامه طفلان يرتديان الزي الداعشي، ويمسك كل واحد منهما برشاش أطول منه وربما أثقل من وزنه، بينما لا تشي ملامحهما بأي شيء يفهمانه أو يستوعبانه، وجهين طفوليين لا أكثر. هذا تحول مهم جدا في الفكر الإرهابي، وصرعة جديدة ابتكرها شبابنا المغسولة أدمغتهم، صحيح أنه بدأ قبل فترة في تنشيط الأدوار النسائية كما فعلت القاعدة باستقطاب بعض النساء السعوديات اللاتي اصطحبن معهن بعض الأطفال، لكنها ربما تكون المرة الأولى عندما يخطف أب طفليه من أمهما ويلقي بهما في جهنم وهو يبتسم. هذا تطور نوعي خطير لأن كوادر الجماعات الإرهابية لم تعد تؤمن بواجبها في الجهاد المزعوم فقط، ولكن بضرورة تقديم أعز ما تملك في سبيل هذا الجهاد الشيطاني، ولكن هناك شك كبير في كون هؤلاء الأشخاص يملكون نفوسا سوية تحمل المشاعر الإنسانية الطبيعية، فلا بشر يجعل طفله يحمل السلاح ويلقي به في الجحيم إلا إذا كان في حالة هوس طاغ وأفكار ضاغطة جعلته مجردا من مكونات الإنسانية. وكما هي العادة فإننا نردد نفس الكلام الاستهلاكي مع كل مرة نكتشف فيها قصة جديدة لشباب الإرهاب. فمعظم الذين تحدثت معهم وسائل الإعلام عن والد الطفلين يؤكدون أنه شخص طبيعي لا تبدو عليه مظاهر التطرف، وهذه مشكلة كبيرة فإما إننا لا نرى أو نغالط أنفسنا ونكذب عليها. لم يكن مثل هذا الشخص ليتخذ قرارا كارثيا كهذا إلا بعد أن بلغ الحد الأقصى في فكر التطرف، وهذا لا يمكن أن يحدث بين يوم وليلة. وما دام هذا الأب قد دشن فصيل الأطفال في داعش فإنه من غير المستبعد أن يبدأ سباق بين كوادر التنظيم في تقديم أكبر عدد من الأطفال. ويا لها من كارثة إنسانية نتمنى ألا تتكرر.