أكد متخصصون في مجال تقنية البتروكيماويات بمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية أن الاكتشاف العلمي الذي توصل إليه فريق سعودي لإيجاد نوع جديد من البوليمر "البلاستيك" لإنتاج مادة بولي "هيكساهايدروترايازين" سوف يدعم تطور صناعة البتروكيمايات بالمملكة التي من المتوقع أن يتضاعف دخلها خمس مرات خلال عام 2015م. وتعد تقنية البتروكيماويات من التقنيات الأساسية عالمياً والمحور الرئيس للتنمية الصناعية وترتكز عليها الصناعات التي تستخدم النفط والغاز الطبيعي كمواد أولية لإنتاج عدد لا يحصى من المنتجات العضوية وغير العضوية، مما أدى إلى نشوء الصناعات التحويلية كقاعدة عريضة ومتفرعة من السلع الصناعية والاستهلاكية بدءاً من لعب الأطفال إلى المستلزمات الطبية والصحية محققة القيمة المضافة المرجوة من النفط والغاز. وقال مدير المركز الوطني للبتروكيماويات بالمدينة الدكتور رجاء بن لافي العتيبي ان المملكة تنتج مواد بوليمرات متقدمة تضمن بحول الله تعالى دعم المستقبل الواعد للاقتصاد الوطني من خلال إيجاد مواد متخصّصة متنوعة في قطاع البتروكيماويات، مشيرا إلى أن هذا الاكتشاف سوف يسهم مع بقية المشروعات الأخرى في تعزيز هذه الصناعة وتطوير إنتاجها. وأوضح العتيبي أن المركز أجرى 33 مشروعًا بحثيًا خلال هذا العام في مجال البتروكيماويات بمعامل مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، والمعامل الخارجية في المراكز البحثية العالمية مثل بريطانيا، وأمريكا، والصين، وألمانيا التي وقعت معها شراكات علميّة، مبينًا أن هذه المشروعات سوف تصل إلى 45 مشروعًا العام المقبل بإذن الله. وأضاف أن المركز الوطني لتقنية البتروكيماويات نشر العديد من براءات الاختراع والأوراق البحثية في مجالي البتروكيماويات والبوليمر، وصل المنشورة منها إلى 15 براءة اختراع مسجلة، وأكثر من 11 براءة مقدمة في انتظار تسجيلها، بينما وصل عدد الأوراق البحثية المنشورة إلى 35 ورقة بحث علمية خلال الثلاث سنوات الماضية. العتيبي: المملكة تنتج مواد بوليمرات متقدمة تضمن دعم المستقبل الواعد للاقتصاد الوطني والتقت "واس" عند زيارتها أمس للمختبرات العلمية في المركز الوطني للبتروكيماويات بالمدينة بالرياض، اثنين من أعضاء الفريق العلمي الذي أجرى المشروع العلمي ويضم كلا من الدكتور عبدالله العبدالرحمن، والدكتور عبدالملك بن طالب، والدكتور حامد المقرن، والدكتور فارس السويلم. وقال الدكتور عبدالله العبدالرحمن ان المادة التي اكتشفها الفريق السعودي لأول مرة في العالم، تدخل استخداماتها في تقنيات صناعة المركبات الفضائية، والطائرات، والسيارات، وبعض الإلكترونيات الدقيقة، كونها تمتاز بسهولة إعادة تدويرها وقابليتها للالتئام الذاتي وخفة وزنها وصلابتها ومقاومتها للأحماض، وتكلفة تصنيعها المنخفضة. وأشار في حديثه ل"واس" إلى أن هذا المشروع الذي بدأ العمل فيه عام 2011م، يهتم بإعادة تدوير البوليمرات بطرق كيميائية، من خلال استخدام المحفزات الصديقة للبيئة التي تختلف عن الطرق الفيزيائية المتعارف عليها للتدوير، وذلك بإذابة البوليمر، وإعادة تشكيله، أو بخلط بوليمر جديد مع آخر سبق استخدامه مما يؤدي إلى فقدان البوليمر المعاد تدويره للعديد من الخصائص الفيزيائية والميكانيكية، بينما يعتمد التدوير بالطرق الكيميائية على تحويل البوليمر لمواد التصنيع الأولية ومن ثم تصنيع البوليمر كمادة بِكر. بدوره بين الدكتور عبدالملك بن طالب أن هذه الطريقة صديقة للبيئة حيث تحُد من المخلفات البلاستيكية، وموادها التصنيعية المتجددة، إذ يمكن تفكيك البوليمر وإعادته إلى مواده الأولية دون أن يفقد خصائصه ويصبح مواد متجددة، بالإضافة إلى أن كلفة تصنيعه ستنخفض بشكل كبير مقابل المواد الأولية المعاد تصنيعها مع المحافظة على الخواص الفيزيائية والميكانيكية لجودة المنتج. وأفاد بأن البوليمر المكتشف ينتمي للبوليمرات الحرارية "ثيرموست" ويمتاز كذلك بأنه ليس قابلا للتشكيل فقط، بل وصل إلى المرحلة الأعلى وهي قابلية التدوير، موضحا أن الفريق العلمي السعودي أنهى المرحلة الأولى من المشروع وسوف ينتهي من مراحله المقبلة في غضون خمسة أعوام. ولأهمية هذا الاكتشاف العلمي الوطني، فقد نشرته مجلة «ساينس» الأمريكية المحكمة، كما تم تقديم طلب براءة اختراع أمريكية لهذا المشروع. وقطاع البتروكيماويات من أكبر القطاعات غير النفطية بالمملكة التي تصنف رقم 11 عالمياً في مجال توريد البتروكيماويات بما يعادل 7 في المئة من الإنتاج العالمي وتستحوذ على نسبة 70 في المئة من صناعة البتروكيماويات عربياً، و70 في المئة من إنتاج دول مجلس التعاون الخليجي من هذه المنتجات. وهناك طائفة واسعة من المنتجات البتروكيماوية التي يتم استغلالها في شتى الصناعات، ومنها صناعتا الإلكترونيات والحاسب الآلي، إلى جانب صناعات البلاستيك، والمنظفات، والمذيبات، والدهانات، والأدوية، والأسمدة، والمبيدات الحشرية، والمتفجرات، والألياف الصناعية، والمطاط الصناعي، والأرضيات والعزل، والسيارات، والملابس، والأثاث. وتأتي هذه النتائج العلمية في إطار اهتمام مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية بالبحوث في مجال الصناعات البتروكيميائية، بالإضافة إلى تعاونها مع شركة آي بي إم العالمية من خلال مركز تميز تقنية النانو الذي أنشئ عام 2008م ويعمل به أكثر من 30 باحثاً سعودياً، مع عدد مماثل من نظرائهم في الشركة، وانبثق عن هذا التعاون البحثي قائمة من براءات الاختراع التي صدرت أو سجلت أو تحت الإجراء. وستعمل المدينة في القريب العاجل على تركيز بحوثها المتعلقة بهذه المركبات لتحويلها إلى منتجات قابلة للاستثمار الصناعي عن طريق الشركة السعودية للاستثمار التقني "تقنية" التي أبرمت معها اتفاقية شراكة إستراتيجية لاستثمار مخرجات البحوث والبرامج التطبيقية الاقتصادية ذات الصفة الإستراتيجية في المدينة وتسويقها على أسس تجارية. وبموجب هذه الاتفاقية ستمنح المدينة للشركة ترخيصاً غير حصري أو مقيد لاستثمار واستغلال المنتجات والخدمات التقنية والحقوق المسجلة المتعلقة بالملكية الفكرية المملوكة لها وترغب في تسويقها كمنتج تجاري يستفاد منه في السوق المحلية والخارجية. ويعود تاريخ الصناعة الكيماوية الحديثة إلى منتصف القرن التاسع عشر الميلادي عندما قام العلماء في غرب أوروبا بالتوصل إلى تركيبة مواد كيماوية يمكن استخدامها بديلاً للمنتجات الطبيعية، وعملت فترة الحرب العالمية الأولى على تحفيز صناعة البتروكيماويات عندما قام البريطانيون باستخلاص البنزين والتولين من النفط. التجهيزات الحديثة ساهمت في الإسراع بإنجاز الأعمال عمل دؤوب للفرق البحثية أدى إلى نتائج باهرة