بصمت ودون ضجيج رحل أحد اقطاب الفن الكوميدي المصري، الذين عايشوا حياتنا فاضحكونا، وقدموا لنا اعمالاً فنية كبيرة ستحفظها ذاكراتنا، رغم المشاغل والمتاعب رحل صانع البسمة الحقيقية على وجوهنا في مسرحية "مدرسة المشاغبين"، التي طالما شاهدناها مرات كثيرة دون ان تفقد رونقها وإثارة التشويق والمتعة والمعنى، بسبب هامات فنية كبيرة عملت من أجل الفن الحقيقي وليس التهريج والابتذال، احدهم ذلك الراحل بصمت الفنان الموهوب سعيد صالح. الفنان الذي أضحك الملايين من البشر بأعماله الفنية المبهرة والخالدة التي مازالت ترسم البسمة في مصر والوطن العربي، تاركاً إرثاً كبيراً يفوق الكثير من الفنانين من زملائه، قدم سعيدد صالح أكثر من خمسمائة فيلم والعديد من المسرحيات جعلته يقول ذات يوم: السينما المصرية أنتجت الف وخمسمائة فيلم.."أنا نصيبي منهم الثلث". كان سعيد صالح نجماً بامتياز توقع له النقاد والجمهور أن يكون نجم الكوميديا السوداء الأشهر بعد بزوغ نجمه في "مدرسة المشاغبين" و"العيال كبرت"، لكن حياته الشخصية والاجتماعية مضطربة وأثرت سلباً على مشواره الفني فتراجع مع مرور الوقت، بيد ان هذا التراجع الذي فرضته ظروفه الخاصة، لا يمكن ان تمحو ما تركه من أثر في نفوس الذين عايشوا فنه و"سعدوا" بأعماله الكثيرة "الصالحة"لكل زمان ومكان. الراحل سعيد صالح مع رفيق دربه الفنان عادل إمام سعيد صالح الذي بدأت أعماله بعد تخرجه بأدوار صغيرة على خشبة المسرح، مع الفنان عادل إمام والممثل الراحل أحمد زكي في الكثير من أعمالهما المسرحية لكنه سرعان ما انطلق سريعا في مسيرته الفنية اللافتة، مع ذلك تراجع في الظهور في السنوات القليلة الماضية، لكن يبدو أن صالح أراد أن يودع عالم الفن ويختتم حياته الفنية بظهور ولو قصير مع عادل إمام، حيث ظهر في مشهد من فيلم "زهايمر" قبل عامين تقريبا، وكأنه يريد يقول لجمهوره وداعا، بفيلم أضافي رغم انه كان فناناً بلا حدود كما وصفه الفنان نبيل الحلفاوى. عاش حياته كما كان على المسرح بلا حسابات وبلا حدود، واذا اردنا ان نفي هذا الفنان الكبير حقه ، يصح لنا ان نستعير قول احدهم بانه كان بركاناً للضحك الحقيقي، ناهيك عن واقعيته في الحياة والتي شهد بها الكثيرون، بالاضافة الى ابتعاده عن اسلوب المساومات التي قربت واظهرت فنانين اقل منه شأناً، ولم يدخل في مهاترات أوسجالات وخصومات مع زملائه، وعلى الرغم من انه كان من المظلومين في أغلب مراحل حياتك، لكن الزمن سينصفه كواحد من ألمع وأبرز الكوميديانية العرب. برحيله تكون الساحة الفنية العربية قد فقدت احد اعمدتها الفنية الكبيرة الذي أتفق عليه الكثير ممن عاصروا ورافقوا سعيد صالح، ومن الذين عايشوه عن قرب وتعرفوا على شخصيته وموهبته بشكل بسيط ومن دون اي قناع ، او ديكور او مكياج كما يفرض احياناً عالم الفن. هاهو الفنان المبهر "سعيد صالح" ينام الى الابد بعد اكثر من سبعين عاما مر بها في تعاريج الحياة لكنه يرحل تاركا ارثا فنيا كبيرا، عرف عنه بصاحب الكوميديا السوداء وصانع الفرح!