عظمة الساق كما ذكرنا العدد الماضي تقع مابين مفصل الركبة ومفصل الكاحل هي احد أكثر العظام تعرضاً للإصابات. وهذه العظمة تكمن أهمتها في أن معظم وزن الجسم يرتكز عليها وإلى كونها سطحية وقريبة من الجلد مقارنةً بالعظام الأخرى مما يجعلها عرضة للإصابات والكسور ويجعل علاج هذه الإصابات والكسور صعباً في بعض الأحيان نتيجة لقلة الأنسجة التي تحيط بهذه العظمة. وإصابات وكسور عظمة الساق تحدث في الصغار والكبار وتتنوع أسبابها وتتراوح شدتها ما بين البسيط إلى المعقد. وقد تحدثنا عن الكسور البسيطة ونستكمل اليوم الحديث عن نوع آخر من الكسور: الكسور المضاعفة وفي هذه الحالات غالباً ما يتم اللجوء إلى التدخل الجراحي لعلاج كسور عظمة الساق وذلك لأن علاجها بالجبيرة فقط يؤدي إلى نتائج غير مرضية في أغلب الحالات ولا يؤدي إلى التئام الكسر بشكل جيد وقد يؤدي إلى حدوث تصلب في مفصل الركبة والكاحل وتشوهات في العظام. ولذلك فإن التدخل الجراحي يتم اللجوء إليه بغرض إعادة شكل الساق إلى الشكل الطبيعي عن طريق إعادة العظام لوضعها الطبيعي وتثبيتها بمثبتات داخلية. وهذه المثبتات تختلف فقد تكون على شكل مسمار نخاعي يوضع داخل التجويف الموجود في عظمة الساق أو قد تكون عن طريق استخدام شرائح ومسامير توضع على سطح العظمه وفي كلتا الحالتين فإن الهدف هو تثبيت العظام المكسور بشكل جيد وصلب وقوي بعد إعادتها لوضعها الطبيعي. وهذه العمليات من العمليات الروتينية والشائعة في جميع المستشفيات وعادةً ما تستغرق الساعة أو الساعتين وتتم خلال تخدير كامل أو تخدير نصفي وتبلغ نسبة نجاحها فوق التسعين في المئة بإذن الله. وبعد الجراحة يتم إعطاء المريض مضادات حيوية ومسكنات وأدوية مانعة للتجلطات ويمكنه البدء بالمشي باستخدام العكاكيز الطبية في اليوم التالي للعملية وقد يستخدم الطبيب أو قد لايستخدم جبيرة صغيرة بالإضافة إلى المثبتات الداخلية ولكن الغالبية العظمى من المرضى فإنه لا توجد حاجة لاستخدام جبيرة خارجية إذا ما تم عمل تثبيت قوي وجيد داخلي لهذه الحالات. ويستطيع المريض الخروج من المستشفى بعد بضعة أيام ويتابع في العيادة الخارجية للتأكد من التئام الجرح بشكل جيد وعادةً ما يلتئم الكسر نفسه خلال ثمانية إلى إثني عشر أسبوعاً وبعد ذلك يبدأ المريض بالمشي على الساق بإستخدام العكاكيز ويبدأ بالتدرج في وضع الوزن عليها حتى يعود إلى استخدامها بشكل طبيعي بإذن الله. الكسور المضاعفة المفتوحة وهذه الكسور تحتاج إلى تدخل جراحي في جميع الحالات ويكون التدخل الجراحي بشكل سريع وفي غضون ساعات من حدوث الكسر وذلك لأن الهدف من الجراحة هو عمل تنظيف قوي ودقيق لمنطقة الكسر والجلد المحيط بها وبعد ذلك قد يستخدم الطبيب مثبتات خارجية مؤقتة بينما يتم تغير الجرح وإعطاء المضادات الحيوية اللازمة والتأكد من عدم وجود إلتهابات جرثومية في منطقة الجرح والعظاما لمحيطة به. وبعد التأكد من عدم حدوث التهابات جرثومية فإن التثبيت الخارجي يتم تحويله إلى تثبيت داخلي دائم باستخدام مسمار نخاعي أو باستخدام شرائح وبراغي طبية. وهذه الكسور تكون فيها نسبة حدوث الإلتهابات الجرثومية عالية ولذلك فإنه يجب التنبه لعلاجها بسرعة وبدقة وتنظيف المنطقة بشكل دقيق. وفي حال تفادي الإلتهابات الجرثومية وفي حال تم علاجها بطريقة سليمة فإن الخطوات التي يتم اتباعها بعد ذلك هي نفس الخطوات التي يتم اتباعها في حالة الكسور المضاعفة كما ذكرنا سابقاً. إلا أن احتمالية تأخر الالتئام في الكسور المضاعفة المفتوحة تكون أكبر من غيرها من الكسور. حالات عدم الالتئام في بعض الحالات في الكسور المضاعفة أو في الكسور المضاعفة المفتوحة قد يتأخر التئام الجرح أو قد يتأخر التئام الكسر لفترة تمتد إلى أكثر من ستة أشهر نتيجة شدة الكسر أوشدة التفتت في العظام أو وجود إلتهابات جرثومية. وفي هذه الحالات تكون العناية الجراحية أصعب وقد يحتاج المريض لعمليات تنظيف لإزالة عظم المريض أو العظم الملتهب والغير ملتئم وبعد ذلك تتم إعادة للتثبيت وقد يتم استخدام عظم صناعي لتحفيز الجسم على الإلتئام أو قد يتم أخذ عظم من الورك من عظام المريض نفسه ووضعها في منطقة الكسر لتحفيز الكسر للالتئام. وهذه الكسور تتم متابعتها بدقة وتحتاج مجهود وصبر من قبل الفريق الطبي ومن قبل المريض ولكن غالبيتها يتم في النهاية علاجها بشكل مرضي بإذن الله تعالى. الحالات الشديدة في حالات قليلة من كسور عظمة الساق المضاعفة والمفتوحة والتي يكون فيها تهتك للأوعية والشرايين والأعصاب والجلد والعضلات المحيطة فإنه يتم عمل فريق تقييم طبي يتكون من استشاري جراحة الأوعية الدموية واستشاري العظام واستشاري جراحة التجميل والعضلات والجلد لتقيم الحالة بحيث إنه في بعض الحالات يتم عمل بتر للساق المكسورة إذا ما كان هناك خطورة على حياة المريض وإذا ما كانت فرص إعادة الوظيفة إلى الساق المسكورة وإذا ما كانت هناك فرصة لإعادة الشرايين والأوردة والأعصاب لوضعها الطبيعي. وفي الحالات التي تكون هناك خطورة على حياة المريض أو تكون الساق محطمة ومهشمة تماماً وتكون الأوردة والشرايين والأعصاب مصابة بشكل كبير فإنه يتم اتخاذ قرار البتر من قبل هذه اللجنة الطبية داخل غرفة العمليات لإنقاذ حياة المريض. نتائج علاج كسور عظمة الساق بغض النظر عن الطريقة التي يتم استخدامها في علاج هذه الكسور وفي الحالات التي تلتئم بشكل جيد وهي معظم الحالات بإذن الله قد تكون هناك بعض الآثار الجانبية الوقتية والعابرة في مرحلة ما بعد الكسر وهي تتكون من التالي: 1- احتمال حدوث تحدد أو تيبس في حركة مفصل الركبة ومفصل الكاحل قد تستمر لبضعة أسابيع أو بضعة أشهر خصوصاً بعد إزالة الجبائر الطبية. وهذه تستلزم علاجاً طبيعياً مكثفاً لإعادة الحركة لمفصل الركبة والكاحل. 2- قد يكون هناك ضمور في عضلات الفخذ نتيجة استخدام الجبيرة الطبية لفترة طويلة أو نتيجة عدم المشي وعدم استخدام الساق بشكل طبيعي مما يؤدي إلى ضمور هذه العضلات وهذه الحالات يتم علاجها أيضاً عن طريق جلسات العلاج الطبيعي المكثفة والتمارين الطبية لتقوية عضلات الفخذ. 3- قد تكون هناك آلام في منطقة الركبة أو في منطقة منتصف الساق نتيجة استخدام المثبتات الداخلية في بعض الحالات وليس في معظمها وهذه يتم التغلب عليها باستخدام الأدوية المسكنة للآلام وبإزالة هذه المثبتات الداخلية بعد مرور سنة أو سنة ونصف وعندما يتم التأكد من أن الكسر قد التأم بشكل كامل ونهائي. 4- قد يشتكي المريض أو المريضة من حدوث ورم في الساق أو في الكاحل والقدم يستمر لبضعة أشهر بعد حدوث الكسر وهذا الورم يكون نتيجة وجود تباطؤ وخلل عابر في الدورة الدموية والدورة اللمفاوية في منطقة الساق ويتم التغلب عليه بجلسات العلاج الطبيعي وباستخدام الشراب الطبي الضاغط وباستخدام بعض الأدوية والمراهم الموضعية التي تساعد على إزالة التورم. 5- ضمور وضعف في عضلات الساق وهذه تحدث خصوصاً في الكسور المضاعفة المفتوحة نتيجة تهتك هذه العضلات وفقدان جزء منها ويكون علاج هذه المشكلة عن طريق العلاج الطبيعي والتمرينات والتأقلم مع الحالة. 6- حدوث خلل في الإحساس في منطقة القدمين وهذه تكون نتيجة الكسور المضاعفة المفتوحة التي يصاحبها إصابة للأعصاب الطرفية. وفي كثير من الحالات تكون هذه الإصابة عابرة وتتحسن في خلال بضعة أشهر وتعود وظيفة الإحساس إلى وضعها الطبيعي بإذن الله. النصائح والتوصيات كسور عظمة الساق (tibial fractures) هي كسور شائعة وتحدث نتيجة أسباب كثيرة ولحسن الحظ فإن الغالبية العظمى من هذه الكسور يتم علاجها ويكون العلاج سهلاً وكاملاً ويعود المريض أو المريضة لممارسة الحياة بشكل طبيعي. وفي الكسور المضاعفة يجب الانتباه للخطة العلاجية والتقيد بها ودقة المتابعة مع الفريق الطبي وتنفيذ النصائح لكي يصل المريض إلى النتائج المرغوبة ويتفادى المضاعفات. كسر مضاعف الكسور البسيطة عادة ما تلتئم الحوادث أحد أبرز أسباب الكسور المضاعفة