رغم وجود عدة مسلسلات مصرية تنتمي لعالم التشويق والإثارة البوليسية هذا العام، مثل مسلسل "الإكسلانس" بطولة أحمد عز، ومسلسل "الصياد" الذي يقوم فيه بدور البطولة النجم يوسف الشريف، إلا أن مسلسل "عد تنازلي" يبرز كأحد أفضل مسلسلات التشويق حتى الآن. ومن المعروف أن مسلسلات التشويق تتميز بأمرين هامين هما: الحبكة الجيدة للأحداث وسرعة إيقاعها، وحتى الآن يبدو أن صناع المسلسل أجادوا في إتقان هذين الجانبين. تدور أحداث المسلسل حول طالب دكتوراه في قسم الهندسة الكهربائية ومحاضر في الجامعة اسمه سليم فواز (عمرو يوسف) يتعرف على غادة (كندة علوش) ويتزوجها. ثم يتعرض لحادثة تغير مسار حياته نهائياً وتدخله في دائرة انتقام لا يستطيع الخروج منها، ويصطدم فيها بالضابط حمزة (طارق لطفي) الذي كان يريد الزواج من غادة لكنه لم يستطع إتمام الزواج لظروف عمله. ورغم أن قصة المسلسل تنتمي لثيمة معروفة وهي العلاقة بين ضابط ومجرم والسباق الدائر بينهما وقد وردت في عشرات الأفلام الأجنبية، ولكن يحسب للمسلسل أنه أجاد في رسم الشخصيات ودوافعها ووضعها في قالب مصري خالص. كما أنه حافل بما هو مشوق منذ اللحظة الأولى، ففي الحلقة الأولى، على سبيل المثال، يتم إعدام سليم فواز لكن حمزة يتلقى مكالمات من سليم تهدد بحوادث قتل، فيتساءل المشاهد ومعه شخصيات العمل: هل مات سليم؟ وإن لم يمت فكيف حدث ذلك رغم حضور حمزة لإعدامه؟ تتتابع الأحداث وتتقاطع الأزمنة بين الماضي والحاضر في تقنية سرد متبعة في أكثر من مسلسل لهذا العام. لا يتأثر إيقاع المسلسل ببطء الذكريات لأن الحاضر يدفع بالأحداث إلى الأمام بشكل متسارع. وقد نجح الكاتب تماماً في صنع مفاجآت في نهاية كل حلقة، والخروج بإجابات منطقية جداً لتطور الأحداث. وهو أمر صعب ومعقد في كتابة مسلسلات التشويق، لأنها ممتدة على عدة حلقات، وليست كالأفلام. الجدير بالذكر أن كاتب السيناريو هو الطبيب والروائي الشاب تامر إبراهيم وقد سبق له أن كتب سيناريو فيلم واحد هو "على جثتي" (2013)، وشارك مع عدة كتاب في كتابة مسلسل "لحظات حرجة"، لكنه أثبت في المسلسل أنه قادر، ككاتب أوحد، قادر على نسج أحداث بشكل سلس وممتع ويحبس الأنفاس أحياناً. أما من ناحية الإخراج، فقد نجح حسين المنياوي في أن يقدم في مسلسله الأول إيقاعاً جيدا وصورة جميلة وحركة كاميرا مناسبة لهذا النوع من الأعمال. كما أن أداء الممثلين كان جيداً بشكل عام وإن تميز أداء "طارق لطفي" بنضج وإحساس عال. قد يمر المسلسل بدون التفاتة تذكر، بسبب أنه العمل الأول لمخرجه، والعمل الأول كمسلسل لكاتبه، ولأنه يكاد يخلو من أسماء النجوم، فأبطال العمل الثلاثة شاركوا دائماً في بطولات جماعية تحوي الكثير من الممثلين؛ إلا أنه، وباستثناء استيحاء المسلسلات الأجنبية في بعض اللقطات والمواقع، استطاع أن يبقي مشاهديه، الذين أعطوه فرصة المشاهدة الأولى، مشدودين له؛ وهو يبشر بوجود صناع إثارة وتشويق موهوبين يتنظر منهم المزيد. طارق لطفي في لقطة من المسلسل