شهر رمضان عليكم مبارك، وعلى أقربائكم ومن تحبون، ففي هذا الشهر أكثروا من الدعاء لمن تحبون، وصلوا أرحامكم من تجمعكم المودة معهم، ومن تخاصمون، وأحسنوا ذات البين واجعلوهم يتصالحون، فقد كثرت الخصومات والفراق بين الأقرباء في هذا الزمان، وهناك من امتدت الخصومات بينهم لسنوات وصلت بينهم لأكثر من الشتائم، فقد عرف عن شيم العرب منذ الجاهلية أنهم يصلون القريب، ويحمون عرضه ودمه، في حالتي المودة والخصومة، وإذا اشتدت فإن يأكلوا لحمي وفرت لحومهم وإن يهدموا مجدي بنيت لهم مجدا الخصومة فإن المظلوم يقوم بعتاب قريبه الظالم ولا يشتمه أو يساببه، ومن ذلك ما شكاه طرفة بن العبد في معلقته من ابن عمه مالك الذي استولى على مال شقيق طرفة الأكبر "معبد"، فذكر حاله معه معاتباً في هذه الأبيات الخالدة: فمالي أراني وابن عمي مالكاً متى أدن منه ينأ عني ويبعد يلوم وما أدري علام يلومني كما لامني في الحي قرط بن معبد وأيأسني من كل خيرٍ طلبته كأنا وضعناه إلى رمس ملحد على غير شيءٍ قلته غير أنني طلبت فلم أغفل حمولة معبد بلا حدثٍ أحدثته وكمحدث هجائي وقذفي بالشكاة ومطردي وقربت بالقربى وجدك إنني متى يك أمر للنكيثة أشهد وإن أدع للجلى أكن من حماتها وإن يأتك الأعداء بالجهد أجهد وإن يقذفوا بالقذع عرضك أسقهم بكأس حياض الموت قبل التهدد فلو كان مولاي امرأً هو غيره لفرج كربي أو لأنظرني غدي ولكن مولاي امرؤ هو خانقي على الشكر والتسآل أو أنا مفتد وظلم ذوي القربى أشد مضاضةً على المرء من وقع الحسام المهند ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً ويأتيك بالأخبار من لم تزود ويأتيك بالأخبار من لم تبع له بتاتاً ولم تضرب له وقت موعد وقال الأموي المقنع الكندي – رحمه الله - في داليته الشهيرة يعاتب أسرته: وإن الذي بيني وبين بني أبي وبين بني عمي لمختلف جدا أراهم إلى نصري بطاءً وإن هم دعوني إلى نصرٍ أتيتهم شدا فإن يأكلوا لحمي وفرت لحومهم وإن يهدموا مجدي بنيت لهم مجدا وإن ضيعوا غيبي حفظت غيوبهم وإن هم هووا غيي هويت لهم رشدا وليسوا إلى نصري سراعاً وإن هم دعوني إلى نصرٍ أتيتهم شدا وإن زجروا طيراً بنحسٍ تمر بي زجرت لهم طيراً تمر بهم سعدا وإن هبطوا غوراً لأمرٍ يسوؤني طلعت لهم ما يسرهم نجدا فإن قدحوا لي نار زندٍ يشينني قدحت لهم في نار مكرمةٍ زندا وإن بادهوني بالعداوة لم أكن أبادهم إلا بما ينعت الرشدا وإن قطعوا مني الأواصر ضلةً وصلت لهم مني المحبة والودا ولا أحمل الحقد القديم عليهم وليس كريم القوم من يحمل الحقدا فذلك دأبي في الحياة ودأبهم سجيس الليالي أو يزيرونني اللحدا لهم جل مالي إن تتابع لي غنى وإن قل مالي لم أكلفهم رفدا وإني لعبد الضيف ما دام نازلاً وما شيمة لي غيرها تشبه العبدا على أن قومي ما ترى عين ناظرٍ كشيبهم شيباً ولا مردهم مرداً بفضلٍ وأحلام وجود وسؤدد وقومي ربيع في الزمان إذا شدا وللشريف بركات المشعشعي – رحمه الله - أحد أمراء دولة المشعشعين في إقليم عربستان (خوزستان) المسماة حاليا الأهواز أو الأحواز وعاصمتهم الحويزة، قصة عتاب مع والده الشريف مبارك بن مطلب المشعشعي – رحمه الله – بعد أن أهانه في مجلس الحكم؛ فرحل بعيداً، وبعث له بقصيدة شهيرة يعاتب بها والده، وتعد من عيون الشعر النبطي: عفا الله عن عين للاغضا محاربه وقلب دنيف زايد الهم شاعبه أسهر إلى نام المعافي ومدمعي قد انهل ما بين النظيرين ساكبه قد قلت لما ضاق صدري ولج بي رفيق شفيق جيدات مذاهبه دع العذل عني يانصيحي وخلني فشرواك ما يرضي هوان لصاحبه ومنها: بنيت لنا بيت من العز شامخ سل الله.. لا يهدم له الضد جانبه ولا تحسبني بعد حسناك والرضا أغيضك مدى الدنيا ولا هي بواجبه ولكن جاني منك ملفوظ كلمة على حضرة الرماق والخلق قاطبه تقول لي: (يا ثبر) وأنا غذوتك ولا ثبرٍ إلا من يفاجي قرايبه عاتبني من غير ذنب جنيته عساه يحظى بالفنا من تعاتبه ولاني غوي بك ولا بي سفاهة عزيز ولا نفسي لدنياك طالبه أراك تعاتبني ولا دست زلة وغيري ولو داس الخنا ما تعاتبه أنا اخترت بعد الدار في نازح النيا ولا قولهم: بركات قد هين واجبه وفي كل دار للرجال معيشة والأرزاق كافلها جزال وهايبه وربك ولو قلت خطوبي فإنني صبي الشقا ما لان للضد جانبه عساك تذكرني إلي جاك ضيقة وجا المال يحدا جافل من معازبه ولك بان مركاضي إلى زامت العدى وتماوجت بالخد فيها سلاهبه بيوم من الشعري تواقد به الحصا تلوذ بظلال المطايا جخادبه بيوم كداجي الليل ضافي كتامه فيه السبايا كالخواطيف لاعبه لكن القنا ما بين ذولا وبيننا كما ارشية بير طوال مجاذبه تلقى سبابا الخيل حامت دونها على رمم بين الخمسين قاطبه