يعاني العديد من الناس من قصور في عمل واحد أو أكثر من أعضاء الجسم، مثل الكبد أو الكلى، وذلك لأسباب متعددة، تتطور هذه الحالة في كثير من الأحيان إلى أن تصل لمرحلة الفشل في العضو وتعد الزراعة الحل الأمثل للمرضى المصابين بالفشل في الكلى، الكبد، القلب أو الرئة، حيث يتم في هذه العملية زرع عضو أو جزء منه من متبرع متوفى دماغيا أو متبرع حي، ليقوم بعمل العضو الذي لا يعمل، ويمكن المريض أن يعيش حياة طبيعية ويمارس نشاطاته التي كان يقوم بها قبل المرض. مرت هذه العملية بتطورات كثيرة منذ بداياتها في مطالع القرن العشرين. حيث كانت أولى المشاكل التي أثرت على نجاحها رفض جهاز المريض المناعي للعضو المزروع، حيث يتعرف عليه كجسم غريب، ويحاربه، مما يؤدي إلى توقف العضو المزروع عن العمل، وبالتالي فشل الزراعة، العديد من هذه المشاكل تم تفاديها في الزمن الحالي، عن طريق إعطاء المريض علاجات تقوم بتثبيط المناعة، وبالتالي تمنع من حدوث الرفض، لكي تقوم هذه الأدوية بعملها على أفضل وجه، يجب أخذها كل 12 ساعة مدى الحياة بالإضافة لذلك، من أعراض عقاري السيكلوسبورين والتاكروليمس الجانبية، اللذين يتناولهما تقريبا جميع مرضى الزراعة، إضعاف وظائف الكلى، للتخفيف من هذا التأثير، يراقب الطبيب المعالج مستويات الأدوية في الدم، وينصح جميع مرضى الزراعة بالالتزام بالعادات الصحية التي تقلل من هذا التأثير على الكلى ومن أهمها الحرص على تناول كميات كافية من الماء. تجعل جميع هذه المحاذير الصيام خيارا صعبا لمرضى الزراعة، حيث يود المريض أداء الواجب الديني، وفي المقابل يخشى أن يكون للصيام تأثير سلبي على عمل العضو المزروع الذي ليس بالسهولة إبداله أو إيجاد عضو بديل، ناهيك عن المضاعفات الواردة مع كل اجراء جراحي آخر، في عام 2009، أجرى فريق طبي في الإمارات العربية المتحدة بحثا سريريا على 22 من مرضى زارعة الكلى، لدراسة تأثيرات الصيام على وظائف الكلى، وكان شرط الدخول في الدراسة أن تكون الزراعة قد أجريت قبل سنة أو أكثر، وأن تكون وظائف الكلى مستقرة، بعد نهاية الدراسة لم يجد الباحثون أي تأثيرات سلبية للصيام على الكلى أو على المرضى، على الرغم من عدم إمكانية تعميم نتائج هذه الدراسة على جميع المرضى، وذلك أولا لقلة عدد المرضى الملتحقين بالدراسة، بالإضافة إلى تفاوت فترات الصيام بين السنين (في هذه الدراسة كانت 12،5 ساعة مقارنة بأكثر من 15 ساعة في السنة الحالية)، إلا أنها تعطي مدلولات مبدئية عن إمكانية الصيام مع بعض المحذورات. نصيحتنا لمرضى الزراعة قبل الشروع بالصيام، أخذ موافقة الطبيب المعالج، حيث أن استقرار وظائف العضو المزروع ووظائف الكلى شرط أساسي للصيام، وقد يتطلب بعض الفحوصات الإضافية، إذا تمت الموافقة، ويتوجب على المريض الحرص على أخذ العلاجات في بداية وقت الإفطار وقبل الإمساك مباشرة، كما يجب أن يحرص على تناول كميات كافية من الماء، خاصة لتزامن رمضان هذا العام مع الصيف مما سيزيد من احتياج الجسم للماء، وفي حالة إحساسه بالإعياء أو التعب، أو نقص مفاجئ في كمية التبول، يجب عليه أن يتوقف عن الصيام ويراجع الطبيب المعالج، ويجب على المريض مراعاة الأمراض الأخرى المزمنة التي يعاني منها كثير من مرضى الزراعة، مثل السكري وارتفاع ضغط الدم أو خمول الغدة الدرقية، فننصح من يعانى من أي من هذه الأمراض، أخذ نصائح مفصلة من الطبيب أو الصيدلاني، لجدولة مواعيد العلاجات بما يتناسب مع أوقات الصيام في الشهر الفضيل. * قطاع الرعاية الصيدلية