كثيراً ما فكرت أن أغلق حسابي في تويتر. إحساسي يقول إنه غير مجد. يردد كثير من الإخوة أن تويتر منصة فائقة الروعة. يكفي أن يكون فرصة للتعبير عن الرأي دون رقيب. لا أعرف مدى صحة هذا الكلام. يختلف الناس في فهمهم لمعنى الرأي وفي درجة الإحساس بالمسؤولية. الرأي لا يمكن التعبير عنه بعشر أو عشرين كلمة. لا يمكن أن يكون يا أسود يا ابيض. الرأي الأصيل تحف بها ظلالات كثيرة. يحتاج إلى تبريرات لكي يكون رأيا مسؤولا. أن أقول (وزارة الصحة فوضى) وأمشى.. كلام غير مسؤول. يمكن أن يقوله رجل عادي غاضب واجه مشكلة شخصية مع وزارة الصحة. يقوله في لحظة انفعال. لكن لا يمكن لمثل هذا الكلام بهذا الابتسار أن يقوله رجل مسؤول في صورة رأي عام. رجل لرأيه قيمة. كاتب أو فنان أو مسؤول أو رجل دين ..الخ. كلام كهذا يحتاج إلى دليل وتفسير يسندانه. من غير المعقول أن تتحول مشاكلنا الصغيرة المحدودة مع هذا الجهاز أو ذاك إلى قضية. الفرق بين المثقف وبين العامي القدرة على فصل الذاتي عن الموضوعي. لا يمكن أن أعود في المساء وأسرد على الملأ مشاكلي الصغيرة المتفرقة التي واجهتها في يومي ذاك. أقول للناس الكلام الذي اعتدت أن أقوله بين عائلتي وأصدقائي كتعبير عن الطفش أو من باب المؤانسة وتزجية الوقت. منصة الصوت المفتوحة على الناس مسؤولية عظمى. من يعتقد أن تويتر مكان للحرية عليه أن يتمعن في الأمر. للتعبير عن رأيك في تويتر أمامك طريقان إما أن تكتب بمعرف مجهول أو أن تكتب باسمك الصريح. إذا كتبت بمعرف مجهول فلا قيمة لرأيك. لن ينصت لك أحد. الناس لا تتابع الرأي تتابع الاسم. أما إذا كتبت باسمك الصريح فيفترض أنك تعرف حدودك لأنك ستبقى تحت مظلة النظام. أكثر الحريات التي يوفرها تويتر هي حرية الشتم بأقذع الألفاظ. لم أتخيل في يوم من الأيام أن أجالس حثالة البشر أو بشرا غير أسوياء. تويتر يقدم لك هذه الفرصة. في بعض الأحيان تشعر أنك جالس في سجن في عنبر المحكومين بجرائم مخدرات أو لواط. تسمع كلمات بذيئة لا يمكن أن تسمعها في حياتك الخاصة والعامة. شركاؤك في تويتر من كل صنوف البشر. مهما فرزتهم بالبلوك تنبت لك مجموعة أخرى. أمامك خياران: إما أن تنسحب أو أن تهبط بمستوى تسامحك. أن تتعود على سماع البذاءات. تتخفف كثيرا من روحك الكريمة والرفعة الأخلاقية التي ربيت نفسك عليها. ثمة ناس يتابعونك لكي يشتموك فقط أو أن هذا ما يملكونه. عليك في النهاية أن تأنس صحبتهم. لا يمكن لمنبر هذه هي مواصفاته أن يكون مكانا للتعبير عن الرأي والرأي الآخر. أول شروط الحوار الاحترام. من حيث المبدأ لا يمكن أن تدخل في حوار مع كل الطبقات. نقول لكل مقام مقال. تويتر لا يسمح بهذا. أساتذة جامعات يتربعون ساعات في مجلس واحد مع الطبقات السفلى من البشر. تشاهدهم يدورون الشتائم التي تصلهم كما يدورون المدائح من باب التفاخر. عجزت عن أن أفهم ما الذي يعنيه أن يقضى أستاذ جامعي أو مثقف أهم ساعات يومه في مناقرة مع أسماء مجهولة ومنصتاً لكل اللغات الشوارعية دون مبالاة؟! أيهما اجدى البقاء في توتير أم الانسحاب؟ سؤال يدور في ذهني.