"بيرلو قائدنا الصامت لكنه يترك قدميه تتحدثان عنه" بهذه الكلمات وصف المدرب الإيطالي مارشيلو ليبي مواطنه "العبقري" لاعب الوسط اندريا بيرلو الذي سطر اسمه بماء من الذهب في تاريخ كرة القدم الإيطالية، وبالرغم من حضوره القوي وسمعته الكبيرة إلا أن بيرلو يُعتبر من اللاعبين المظلومين إعلامياً الذين لم يُمنحوا حقهم قياساً على ماقدموه لإمتاع الجماهير الرياضية بمختلف ميولها وجنسياتها، لكن بيرلو أتاه الإنصاف من أساطير كرة القدم ومن المتذوقين للعبة الذي يمتلكون نظرة صائبة في اللاعبين وأدوارهم حتى الخفية منها بعيداً عن من يهتمون بمن سجل وهدف وراوغ، بيرلو يصنف على أنه من اللاعبين المتكاملين في الميدان فهو يمتلك حلولاً عدة يفيد بها فريقه إذ يجمع بين الذكاء والقوة بالإضافة إلى أنه يمتلك قدماً تعرف طريق المرمى جيداً خلال تنفيذه الركلات الثابتة التي تعتبر مصدر قوة للفريق الذي يلعب له بيرلو، وتحدث النجم الإيطالي بهذا الخصوص عندما قال: "أنا محظوظ فى هذة الفترة حيث أحاول أن أسدد الركلات الحرة بطرق وأشكال مختلفة، ولكن عندما أسدد من فوق الحائط تكون متعه بالنسبة لي لأن هذه طريقة كلاسكية اقوم بها منذ ان كنت صغيراً". بالرغم من أن اندريا بيرلو بلغ ال 35 عاماً إلا أنه لايزال يمثل ثقلاً كبيراً في وسط الملعب سواء مع فريقه يوفنتوس أو مع "الطليان" وهذا مؤشر على انضباطيته الكبيرة ومحافظته على نفسه، بيرلو الذي ولد عام 1979م في فليرو الإيطالية بدأت علاقته بكرة القدم من خلال فريق بريشيا وكان عمره في ذلك الوقت 16 ربيعاً، وكان حضوره في الملاعب أول مرة أمام ريجينيا، لفت بيرلو الأنظار وتبنى المدرب الروماني ميركيا لوشيسكو موهبته إذ صعده للفريق الأول في بريشيا، ثم جلبه معه إلى انتر ميلان الذي لم يستفد من خدماته حتى قرر إعارته إلى ريجينا، وقدم بيرلو هنالك مستويات جعلت مسؤولي الانتر يطمعون فيه وأعادوه فعلاً في عام 2001م لكن بيرلو كرر ذات التجربة مع الانتر ولم يوفق في فرض اسمه على المدرب مما جعل الانتر يعيره مرة ثانية لكن هذه المرة لفريقه الذي نشأ فيه "بريشيا". انتهت العلاقة بين بيرلو وانتر ميلان بانتقاله إلى غريمه التقليدي اي سي ميلان مقابل أكثر من 17 مليون يورو، ومع الروسونيرو شق بيرلو طريقه نحو النجومية العالمية حتى أضحى أحد أفضل لاعبي الوسط في العالم إن لم يكن أفضلهم على الإطلاق، وقضى بيرلو مع الميلان أكثر من عشرة أعوام كانت حافلة بالإنجازات والأرقام الرائعة إذ توج بتسعة ألقاب تنوعت بين محلية وقارية وكانت له بصمات واضحة مع الروسونيرو إذ يُعد أحد صانعي الأفراح في ميلان، عام 2003م يُعتبر ذهبياً بالنسبة للنجم الكبير بيرلو ففيه توج مع الفريق بثلاث بطولات هي دوري أبطال أوروبا وكأس السوبر الأوروبي وكأس كوباايطاليا، أما في عام 2004م فتوج بيرلو مع ميلان بلقبي الدوري والسوبر الإيطالي، في عامي 2005-2006م صام ميلان عن البطولات، لكنه عاد في عام 2007م من الباب الكبير إذ توج بأغلى ثلاثة ألقاب هي كأس العالم للأندية ودوري أبطال أوروبا وكأس السوبر الأوروبي، وفي عام 2011م فاز بيرلو مع ميلان بلقبه التاسع وتوج معه بالدوري الإيطالي. هذه الأرقام والإنجازات لم تشفع لبيرلو بالاستمرار مع ميلان بعد أن عانى من إصابات عدة في الموسم الأخير إذ رأت الإدارة بأنه لن يفيد الفريق ورفضت استمراره مما شكل صدمة كبيرة في الوسط الرياضي الإيطالي، وأعرب مشجعو ميلان عن ندمهم برحيل أحد أعمدة الوسط، يقول نجم الكرة الإيطالي دي روسي في هذا الشأن: "لقد كان بيرلو هو التجديد الخططي الجميل خلال الأعوام العشرة الأخيرة، وهو بلا منازع أكثر لاعبي خط الوسط في إيطاليا تكاملا ومثالية، وقد اعتمد عليه الميلان من أجل بناء أداء يقوم على امتلاك الكرة والتحكم التام في الهجمات، وأرى شخصياً أنه أمر غريب أن يتركه الميلان يرحل، وإذا كان بيرلو بحالة بدنية جيدة فإنني أرى أن اليوفي قد قام بصفقة رائعة، بل سأذهب إلى ما هو أكثر من ذلك وأقول إن بيرلو سيؤدي موسما رائعا، وأعتقد أنه سيجد أيضا المزيد من الدوافع مع تغييره للنادي الذي يلعب له"، وبعد توقيعه لليوفي برهن بيرلو على أنه صفقة ناجحة وأن رحيله من ميلان خسارة وصادق على حديث مواطنه دي روسي عندما ساهم بقوة في تتويج اليوفي بثلاثة ألقاب متتالية للدوري الإيطالي (2012-2013-2014م)، بالإضافة لكأس السوبر الإيطالي عامي (2012-2013م)، الأمر الذي جعل مسؤولي يوفنتوس يمددون عقده عامين إضافيين حتى 2016م. مكتشف بيرلو المدرب الروماني لوشيسكو تحدث عن صاحب الرقم 21 بقوله: "أعرف بيرلو جيداً، عندما كنت في بريشيا كان عمره 15 عاماً فقط وجذب انتباهي بشدة ومن وقتها وحتى الآن نتواصل أنا وهو، لقد تطوّر كثيراً إنه بالنسبة لي الرقم 1 في مركزه", وقال يوهان كرويف عنه أيضاً: "بيرلو عبقري يفعل ما يريد بقدميه، انه لاعب رائع يعرف كيف يلعب بالكرة ويعرف ايضاً كيف يتمركز داخل الملعب ليساعد رفاقه". ولعل الإنجاز الأغلى الذي حققه بيرلو في حياته الرياضية هو رفعه كأس العالم 2006م، وكان بيرلو رقماً مهماً في البطولة إذ أختير ثالث أفضل لاعب فيها، ويُعتبر هذا اللقب الوحيد الذي حققه مع المنتخب الأول، وتوج مع منتخب الشباب بكأس أوروبا عام 2000م، كما حقق مع المنتخب الأولمبي برونزية الألعاب الأولمبية. بيرلو الذي سجل 79 هدفاً مع الفرق التي لعب لها والمنتخب الإيطالي وصنع 760 هدفاً قال: " انا استمتع بكرة القدم ولذلك لا اشعر بالتعب، ولدي عزيمة على ان استمر لسنوات اخرى، وحتى مساعدة المنتخب في كاس العالم المقبل بالبرازيل"، الايطاليون ينتظرون من بيرلو أن يساعد الأزوري فعلاً في النسخة الحالية من كأس العالم والتي ستكون الأخيرة له بل أنه سيعتزل دولياً مع نهاية البطولة طبقاً لتصريحاته، وسيطمح بلا شك في أن يختتم مسيرته مع المنتخب بإنجاز كتحقيق كأس العالم. منافسو ايطاليا يخشون بيرلو نظراً لقيمته الفنية الكبيرة، فمدرب المنتخب الإنجليزي روي هودسون الذي سيواجه بيرلو الليلة تحدث بهذا الشأن وتطرق لإمكانيات النجم الإيطالي بقوله: "أخشى من بيرلو في أول مباراة لنا في كأس العالم فهذا اللاعب باستطاعته إحراز الأهداف عن طريق الكرات الثابتة بطريقة احترافية ، بيرلو من أهم لاعبي المنتخب الإيطالي حالياً وهو من ضمن المنتخب الذي فاز بكأس العالم 2006 في المانيا"، هكذا إشادة من خصم لك لن تأتي من فراغ فهي تعطي دلالة بأن خصوم "الطليان" يحسبون ألف حساب لبيرلو الذي سيكون الحمل عليه ثقيلاً بسبب ثقة الإيطاليين فيه وفي قدرته على إسعادهم.