أمير المنطقة الشرقية يدشّن غداً الأحد بحضور وزير النقل عددًا من مشاريع الطرق الحيوية بالمنطقة    السِّدر واللوز والتنضب تتصدر النباتات المحلية الملائمة لتشجير الباحة    القيادة تهنئ الرئيس اللبناني بذكرى استقلال بلاده    جامعة الإسكندرية تمنح باحثا سعوديا الدكتوراه في دراسة تربط بين القلق الرقمي وإدمان التواصل    الداخلية : ضبط (22094) مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    المملكة تُدرِج 16 عنصرًا في قائمة اليونسكو للتراث غير المادي    صحراء مليحة بالشارقة تشهد انطلاق النسخة الثانية لمهرجان تنوير بأمسية فنية موسيقية وتجربة إنسانية ملهمة    طبيب أردني: "الذكاء الاصطناعي" قد يحل أزمة نقص الكوادر في العلاج الإشعاعي    جوشوا كينغ يغيب عن مواجهة النصر والأخدود    فوز الأهلي والاتحاد والنصر والهلال في الجولة الأولى من الدوري الممتاز لكرة الطائرة    الصفا يتحدى اللواء بحثًا عن مصالحة جماهيره في الجولة التاسعة    كتاب التوحد في الوطن العربي.. قراءة علمية للواقع ورؤية للمستقبل    اتفاقية بين العوالي العقارية والراجحي كابيتال ب 2.5 مليار ريال لتصبح الأكبر في سيتي سكيب 2025    أمانة الطائف تطلق مبادرة (شاعر الأمانة) تشجيعًا للمواهب الإبداعية في بيئة العمل    الصين تطلق بنجاح قمرًا صناعيًا تجريبيًا جديدًا لتكنولوجيا الاتصالات    تراجع أسعار النفط لأدنى مستوياتها في شهر    «سلمان للإغاثة» يوزّع (530) سلة غذائية في ولاية الخرطوم بالسودان    انطلاق النسخة الأكبر لاحتفال الفنون الضوئية في العالم    افتتاح جامع المجدوعي بالعاصمة المقدسة    جوتيريش يدعو مجموعة العشرين لوضع حد للموت والدمار وزعزعة الاستقرار    عبدالعزيز بن تركي يحضر حفل ختام دورة الألعاب الرياضية السادسة للتضامن الإسلامي "الرياض 2025"    الأهلي بعشرة لاعبين يتغلب على القادسية بثنائية في دوري روشن للمحترفين    إيقاف دياز جناح بايرن 3 مباريات بعد طرده أمام سان جيرمان    الحزم يحسم ديربي الرس بثنائية الخلود في دوري روشن للمحترفين    نائب أمير الرياض يرعى احتفال السفارة العمانية بيومها الوطني    زيلينسكي: نتعرض لضغوط شديدة لدفعنا إلى اختيار بالغ الصعوبة    مؤتمر MESTRO 2025 يبحث تقنيات علاجية تغير مستقبل مرضى الأورام    "سكني" و"جاهز" يوقعان مذكرة تفاهم للتكامل الرقمي    أكثر من 100 الف زائر لفعاليات مؤتمر ومعرض التوحد الدولي الثاني بالظهران    عيسى عشي نائبا لرئيس اللجنة السياحية بغرفة ينبع    أسس العقار" تسجل مليار ريال تعاملات في "سيتي سكيب العالمي بالرياض 2025"    الشيخ صلاح البدير: الموت محتوم والتوبة باب مفتوح لا يغلق    الشيخ فيصل غزاوي: الدنيا دار اختبار والصبر طريق النصر والفرج    نادية خوندنة تتحدث عن ترجمة القصص الحجرة الخضراء بأدبي جازان    تعليم الأحساء يطلق مبادرة "مزدوجي الاستثنائية"    افتتاح مؤتمر طب الأطفال الثاني بتجمع تبوك الصحي    هوس الجوالات الجديدة.. مراجعات المؤثرين ترهق الجيوب    كيف يقلل مونجارو الشهية    من أي بوابة دخل نزار قباني    كانط ومسألة العلاقة بين العقل والإيمان    العبيكان رجل يصنع أثره بيده    المودة تطلق حملة "اسمعني تفهمني" بمناسبة اليوم العالمي للطفل        نائب أمير حائل يستقبل د.عبدالعزيز الفيصل ود.محمد الفيصل ويتسلم إهدائين من إصداراتهما    أمير تبوك يرفع التهنئة للقيادة بمناسبة نجاح الزيارة التاريخية لسمو ولي العهد للولايات المتحدة الأمريكية    بيان سعودي أميركي مشترك: وقعنا شراكات في جميع المجالا    نائب أمير منطقة مكة يستقبل القنصل العام لجمهورية الصومال    أمير تبوك يكرم شقيقين لأمانتهم ويقدم لهم مكافأة مجزية    وسط غموض ما بعد الحرب.. مشروع قرار يضغط على إيران للامتثال النووي    انطلاق النسخة ال9 من منتدى مسك.. البدر: تحويل أفكار الشباب إلى مبادرات واقعية    محافظ جدة وأمراء يواسون أسرة بن لادن في فقيدتهم    الجوازات تستقبل المسافرين عبر مطار البحر الأحمر    ثمن جهودهم خلال فترة عملهم.. وزير الداخلية: المتقاعدون عززوا أمن الوطن وسلامة المواطنين والمقيمين    فلسطين تبلغ الأمم المتحدة باستمرار الانتهاكات الإسرائيلية    غارة إسرائيلية تقتل شخصاً وتصيب طلاباً.. استهداف عناصر من حزب الله جنوب لبنان    أمير الرياض يستقبل سفير المملكة المتحدة    120 ألف شخص حالة غياب عن الوعي    استقبل وزير الحج ونائبه.. المفتي: القيادة حريصة على تيسير النسك لقاصدي الحرمين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بل التعليم مختطف.. لا ينكر ذلك إلا مكابر


إن تعليمنا مختطف:
لأنه عجز عن مواكبة العصر فلا زالت الأنماط التقليدية هي السائدة، على الرغم من أن الإسلام هو دين العقل الذي حض على التفكر والتدبر وشحذ الذهن، واتخذ القياس وهو عملية عقلية آلية من آلياته
"إن من أهم أسباب انتشار الفكر المتشدد إعطاء أصحابه فرصة في التعليم والمجالات الأخرى.. كان المجال بأكمله لهم، ولم يكن هناك مجال للفكر السعودي المعتدل ومنهج الاعتدال. تخلينا عن أبنائنا واختطفوهم". ما أن أطلق وزير التربية والتعليم هذا التصريح حتى سارعت طيور الظلام وأنصارها من خفافيش قنوات التواصل الاجتماعي إلى الإنكار والتكذيب والتشكيك في مصداقية التصريح، وهكذا يفعلون في كل مرة يفتضح فيها أمرهم، كتكذيب تحريضهم أبناء المواطنين – دون أبنائهم - على الجهاد، وإنكارهم الانتماء لجماعة الإخوان المفلسين، على الرغم من وضع بعضهم إشارة أصابع الماسونية في حسابهم، وتبرؤ كبرائهم من الانتماء لجماعة النهضة وأكاديمية التغيير، إنهم حفنة احترفت الكذب، فلم تعد تخشَى أن تظهر بذلك المظهر الخادش للحياء والصدق والمخالف لأبسط قواعد الدين، وهو مظهر المنافق الذي يبطن مالا يظهر، عزاؤهم أنه يوجد عدد كبير من الأنصار والأتباع المغيبة عقولهم تصدق أقوالهم، حتى لو زعموا أن الشمس تظهر من المغرب، فهذا يكفيهم.
كثيرة هي المقالات التي تكتب هذه الأيام لتناقش مقولة الأمير خالد إن
سلباً أو إيجاباً، والمؤسف في هذا الأمر أنه على الرغم من كل السوءات التي شابت التعليم في كل مراحله - والنتائج السلبية التي ترتبت على ذلك أعلاها الإرهاب وأدناها السفر للجهاد في حروب الآخرين - لم يفلح ذلك كله في فضّ سجون العقول وكسر تلك الجدران الصماء المحيطة بها، وبقيت نسبة كبير من المتسببين في المعضلة، والمهتمين بالتعليم والمنتسبين إليه عصية على الانفتاح على الواقع والاعتراف بالمشكلات !
لقد كانت حركة جهيمان في أوائل الثمانينات الثمرة المرة الأولى للفكر المتطرف؛ الذي أخذ يحشد الأتباع في المدارس والمعاهد والجامعات، فسيطروا على التعليم، وتولوا وضع المناهج، وتعاهدوا الأنشطة اللامنهجية، وقد استمروا في نهجهم سراً وعلانية، حتى كشروا عن أنيابهم في أول مواجهة لهم مع الدولة في حرب الخليج الثانية، عندما وقفوا ضد وجود القوات الأجنبية.. وقد تزامن ذلك مع بروز ظاهرة ما عرف بالصحوة الإسلامية، التي تماهى معها كثير من الشباب وأنصاف المتعلمين، ثم أخذ هذا التيار يكبر وينمو، وما لبثنا أن صحونا على خطره مع أحداث الحادي عشر من سبتمبر.
ولقد ساعدت تلك الأجواء على تضخم الأنا عند نجوم الصحوة، حتى بدا لهم أنهم أولياء الله في الأرض، فنصبوا أنفسهم سلطة على الناس، يتحكمون في تصرفاتهم، ويصدرون بحقهم فتاوى الهذيان والتحريض، فكثر الانقياد الأعمى لشيوخ التطرف الذين هيمنوا على عقول الشباب المغيب، فأخذ يحاكي طريقتهم في المظهر والحديث ومخارج الأصوات، حتى صرنا بإزاء نسخ متعددة للشيخ المتطرف.
ومنذ مطلع الثمانينيات قام شيوخ التثوير باستخدام كل التفنيات العصرية (التي اخترعها الكفار والمشركون)، ويأتي شريط الكاسيت على رأسها - فما كانوا يقولونه في دروسهم وفي المخيمات الدعوية، ولاحقا في القنوات الفضائية، وقنوات التواصل الاجتماعي - لم يكن خافياً على أحد، لكن غضّ الطرف عنهم هو الذي جعلهم يتمادون في ممارساتهم، لكن الله كشفهم مؤخراً عندما فُضحوا في تحريضهم أبناء الوطن على الجهاد، وعندما انتشوا بفوز فصيلهم الإخواني باعتلائه عرش مصر الذي لم يدم طويلاً، لأن الله أراد كشف أتباعهم هنا، الذين سرعان ما أخذوا يعلنون البراءة من ذلك الانتماء، بالسرعة نفسها التي خرجوا فيها من مخابئهم ليعلنوا انتماءهم مناصرين ومؤيدين، مستغلين كل قنوات التواصل حتى بيوت الله لم تسلم من ذلك الذي بدا في الدعاء لهم، وتلاوة آيات النصرة والتمكين، ولاحقاً تلاوة آيات ودعاء على من خذلهم بأسلوب مبطن لا يخفى على ذوي العقول، وعلى من خبر أساليبهم.
إن الأزمات التي يعاني منها تعليمنا، هي أزمات عقول، فالسياسة التعليمية التي انتهجت طوال العقود الماضية أفرزت عقولاً جامدة متحجرة، منقادة للآخر الذي يكيفها حسبما يريد، ساعد على ذلك المنهج التعليمي القائم على التلقين والحفظ الببغائي، فألغي دور العقل الذي يناقش ويتساءل ويفكر ويحلل وينقد، إضافة إلى نمو ثقافة التطرف والعمل الحزبي المنظم الذي لبس لباس الدين واستطاع من خلاله تمرير كثير من المقولات الإرهابية، وتفخيخ عقول الشباب بدعاوى باطلة فيها كثير من الاجتراء على الدين والوطن والمواطنين.
لقد استعان الحزبيون المتطرفون ممن تولوا زمام التعليم في كل مراحله حتى العالي منه، بمفهوم الغرس، و(الغرس) في علم التربية يعني الأمر الذي يعاد تكراره في مراحل عمرية مختلفة من أجل أن يبقى عالقًا في ذهن الدارس، وهو الأسلوب الذي اتبعه واضعو المناهج ومعلموها، فخرّجوا أجيالاً نمطية في فكرها وثقافتها ووعيها للأمور الحياتية، وذلك في مجمل السياق العام، أما في السياق الخاص القائم على الأدلجة، فقد أنتج أسلوب الغرس أجيالاً كارهة للحياة وكل ما فيها من حمولات جميلة، أجيالاً مشدودة إلى الموت، وحتّى لو فكّروا في الحياة فسيكون ذلك على طريقتهم المتطرّفة التي تقول بأنّهم (ناجون)، وبأنّ الآخرين (هالكون).
وساعد ذلك المناخ - الذي تمتع بحرية قصوى، فلا مساءلة ولا مراقبة لما يقومون به من تخريب لعقول الشباب - على انتعاش المنهج الموازي أو الخفي (Hidden Curriculum) الذي يعرّفه التربويون بأنه: تلك الخبرات التي يكتسبها الطالب نتيجة معايشة أفكار وثقافات مختلفة في بيئة خاصة، ويتضمن كل الأنشطة التي لم تنص عليها مفردات المنهج المعتمد. ما يعني أن هناك وسائط أخرى غير المقرر الدراسي، تتولى هذه المهمة التي يقوم عليها حزبيون مؤدلجون يتولون شحن عقول الطلاب بما يريدون، عبر الأنشطة اللاصفية والأشرطة السمعية والبصرية، والمطبوعات المقروءة من كتب وكتيبات ومنشورات، إضافة إلى المحاضرات والندوات والدروس والخطب والأناشيد في المخيمات الصيفية.
وقد انعكس ذلك على المناخ العام لمجتمع ولاسيما الثقافي منه، حيث ساد إهمال صارخ للموروث العقلاني للحضارة العربية الإسلامية، وارتهان إلى بعض التراث، وإقامة قطيعة معرفية مع الثقافات الأخرى. حتى استحالت ثقافتنا تقليدية جامدة خارج دورة الزمان، وازدهرت تبعاً لذلك ثقافة الاقصاء، وذهنية التحريم، وصار على المثقف أن يستميت ليدفع عن نفسه تهمة الكفر التي يوصم بها كلما حاول إنتاج خطاب يحوي أفكاراً ورؤى تخرق السائد،، في مجتمع ساكن ارتهن إلى خطاب متحجر أنتج فهماً مفخخاً لبعض النصوص الدينية، حيث يعمدون إلى التركيز على البنية الداخلية للنص وحدودها النظرية، بعيداً عن الخارج المحيط به؛ ليبدو في النهاية نصاً واقعاً خارج ظرفي الزمان والمكان، مبتوراً من سياقه.
وقد استحكمت عقيدة الكراهية حتى غدت فعلاً جماهيرياً أنتج كثيراً من الخطب والفتاوى والكتب التي كانت وما زالت تغذي نجوميتهم لدى تلك الجماعات المغيبة والمستلبة، حتى أنكروا سنة الكون في الاختلاف وتأكيد القرآن الكريم على حقيقة الاختلاف بين البشر، وهو القادر على أن يجعل الناس أمة واحدة {ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين وإنكارهم لحق الآخر في الاختلاف جعلهم يتعاملون معه كعدو لا يجوز معه إلا التصفية الجسدية. كتحريض أحدهم قبل أسابيع على قتل بعض الكتّاب! كما شاعت ثقافة التفوق والاستعلاء الزائف، وانتشرت حملات السباب والشتائم والتجريح، حتى اليوم، مما عمق الحواجز النفسية بين أبناء المجتمع الواحد، وجعل الآخر المختلف يعاني صنوفاً من ألوان النبذ والإقصاء.
أخيرا؛ إن تعليمنا مختطف:
- لأنه عجز عن مواكبة العصر فلا زالت الأنماط التقليدية هي السائدة، على الرغم من أن الإسلام هو دين العقل الذي حض على التفكر والتدبر وشحذ الذهن، واتخذ القياس وهو عملية عقلية آلية من آلياته.
- لأن الأجيال تعيش أزمة في العلاقة بالوطن، لعدم وجود خطاب وطني يصحح تلك العلاقة، فأصبح خطابنا الوطني مأزوماً؛ لأن خطابنا الديني مأزوم، وخطابنا التربوي أكثر تأزماً، وبعض القائمين على ذلك كله لم يشغلهم الوطن بقدر ما شغلوا بقضايا لا علاقة للوطن بها.
- لأن طائفة منا تدعو إلى الأممية، وإلى تنمية الشعور الإسلامي على حساب الشعور الوطني، وتقدم الأخوة في الدين والانتماء الحزبي، على الأخوة في الوطن، والانتماء إليه. كما يحدث الآن من قبل الإخونجية، من تمجيد لتركيا، والدعوة لقيام الخلافة الإسلامية.
- لأن الخطاب الماكر والمراوغ استغل ولع البسطاء بالصورة وبالمظهر لا بالجوهر، فعمل على اختزال الدين والتدين فيه، وصور لهم أن هذا هو مظهر التقي والورع والصلاح والصدق، أما من خالف هذا النمط الشكلي فليس بمؤمن ولا تقي ولا ورع!
- لأن في بلادنا فئة احترفت الصراخ والعويل عند ظهور أي بادرة تستهدف التغيير حتى لو كان طفيفاً يأتي على استحياء، أو التفكير في تصحيح بعض المفاهيم التي راجت بصورة خاطئة طوال السنين الماضية.
- لأن بعض ذوي التوجهات الإسلامية الحركية في بلادنا هم الذين يقفون على رأس القوى المناهضة لأي تجديد، مع يقينهم بأن ما قد يحدث من تجديد لن يتعارض والثوابت الدينية الراسخة، وهم الذين يسيطرون على من بأيديهم ملف التعليم من منظرين ومعلمين.
- لأن إنسانية الطالبات اختزلت خلف سياج محكم من الشبهات والشكوك والمحاذير، التي صنعتها المعلمات المتشددات، وهذا انحراف في النظرة التربوية التي لم تستطع استيعاب أنهن أمانة في أعناق القائمات على تربيتهن وتعليمهن، وإنهن في سن يكثر فيها الفرح والابتهاج بالحياة وعدم العبوس والانكفاء على الذات.
- لأن القوانين المدرسية - لاسيما في مدارس البنات - تفتقد إلى كثير من المرونة، وتبدو أكثر شدة من قوانين السجون ومدارس رعاية الأحداث.
وخاتمة القول، إن استعادة التعليم من خاطفيه لا تتأتى إلا بثورة ثقافية ومجتمعية جديدة، لأن كل الأفكار مهما كان مصدرها أو صاحبها، لا يمكن أن تؤثر في الأفراد والمجتمعات إلا بالقدر الذي يوجد فيه من هو مستعد لسماعها ومن ثم تقبلها، وعدم ترك مسؤولية تنوير الأجيال وتثقيفهم لبعض معتنقي أفكار شيوخ التطرف، من معلمين ومنظرين وشيوخ فضائيات، بل لا بد من تنويع القنوات التي يتلقى منها الشباب المعلومات والثقافات وعدم الارتهان في ذلك لجهة واحدة أو تيار واحد، وهو الأمر الذي قادنا إلى المأزق الذي نحن فيه.
إنّ أيّ منظومة تعليمية لا تلتفت التفاتة حقيقيّة للحاضر والواقع المعاش، ولا تقدم مفرداتها على أسس ترتكز على أسئلة نحو: ما فائدة ما تقدمه للمتعلم؟ وما أهميته؟ وهل بقاؤه ضرورة في وقت لا نطبقه فيه، ولا نبقي عليه إلا لمجرد الشّعور بطمأنينة زائفة؟ وما مدى ملاءمته لثقافة العصر وعقول المتلقين؟ ثم ما الذي يمكن أن يضيفه لهم على الصعيد المعرفي والوظيفي؟ إن منظومة كهذه منظومة تكبلها أغلال الفشل، مهما ادعت سعيها وحرصها على تطوير فلسفتها وآلياتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.