"بعد التخرج من الجامعة باليابان سوف أكمل دراساتي العليا في ألمانيا وأبحث كيف اتحدت ألمانيا الغربية والشرقية لأطبق ذلك مستقبلا عندما تتحد كوريا الجنوبية والشمالية ". كانت تلك كلمات صديقي الكوري الذي زاملته في طوكيو وأمنياته في أن يرى الجمهورية الكورية المتحدة.. في مقالة اليوم نستعرض مشروع الوحدة الكورية وتكاليفها وتحدياتها وماذا سيترتب عليها في حال حصولها. ونبدأ من السؤال: منذ متى وكوريا مقسمة بوضعها الحالي؟ بعد الحرب العالمية الثانية وانسحاب القوات اليابانية تم الإعلان في الأممالمتحدة عن استقلال كوريا. بيد أن الكوريين وجدوا أنفسهم في سبتمبر 1945م منقسمين في دولتين يفصلهما خط العرض 38 في شماله ترابط قوات الاتحاد السوفييتي السابق وفي جنوبه القوات الأمريكية كنتيجة لظروف الحرب الباردة. ظل الوضع مضطرباً بين الكوريتين خاصة بعد الحرب الكورية التي قامت عام 1950. وجاء أهم تغيير على يد الرئيس الكوري الجنوبي الخامس عشر (كيم داي جونغ) الذي أعلن سياسة الشمس المشرقة والتي تعتمد على تقديم المساعدة والتعاون مع كوريا الشمالية عوضا عن الحصار الاقتصادي والحلول العسكرية. تلا ذلك زيارته التاريخية إلى بيونجيانج عاصمة كوريا الشمالية عام 2000م واجتمع رئيسا الدولتين لأول مرة منذ تقسيم كوريا. تبع ذلك مقترحات بفرض رسوم ضريبة للوحدة لكنها لم تعتمد. وشاركت الكوريتان بفريق موحد في عدد من البطولات الدولية إلا أن المسافة لم تزل بعيدة دون تحقيق حلم الوحدة نتيجة الاختلافات السياسية الكبيرة بين الطرفين. في الأسطر التالية نناقش التكاليف المترتبة على الاتحاد الكوري. فحسب ما نقلته صحيفة الوول ستريت عن حسابات البنك الدولي بأن الوحدة بين الكوريتين ستكلف ما بين 2 إلى 3 تريليون دولار أمريكي وهو ما يعادل 2.7 تقريباً من حجم الناتج القومي لكوريا الجنوبية حسب إحصاءات عام 2012م. وإذا ما قارنت حجم اقتصاد كوريا الجنوبية بالنسبة إلى جارتها الشمالية بناء على الناتج القومي الإجمالي فإن النسبة ستكون 1:78 . بكلمة أخرى ستتحمل كوريا الجنوبية العبء الاقتصادي للوحدة والذي سيشتمل إعادة تأهيل البنية التحتية بالجارة الشمالية والمساعدات الغذائية وغيرها على المدى الطويل. مع ذلك فهنالك سيناريو آخر بالاعتماد على الموارد الطبيعية في كوريا الشمالية والتي تتوزع في 360 موقعا وتحتوي مليارات الأطنان من مختلف المعادن بما تصل قيمته إلى 2.5 تريليون دولار أمريكي حسب تقديرات غولدمان ساكس. وتبقى الإشارة أيضا إلى أنه قد تكون هنالك فرص جيدة بالنسبة لكوريا الجنوبية من حيث وجود عمالة رخيصة في الشمال ناهيك عن التركيبة الديمغرافية الشابة للشعب الكوري الشمالي بعكس الجنوبي الذي يواجه تحديات شيخوخة المجتمع ونقص المواليد. وهنا سؤال جديد: هل سترحب جميع الدول بهذا الاتحاد؟؟ في الواقع لن يكون الاتحاد الكوري محل ترحيب من بعض الدول خاصة إذا ما فكرنا بدولة متحدة تمتلك القوة النووية والاقتصاد القوي والقدرات العلمية والتقنية والصناعية المتقدمة ناهيك عن الجيش الموحد والذي من الممكن أن يصل عدد قواته إلى 10.2 ملايين جندي وهو ما يتجاوز الجيش الصيني (7.02 ملايين جندي) ويعد حوالي ثلاثة أضعاف الجيش الأمريكي ( 3.3 ملايين جندي). وأخيرا، فمقالة اليوم عرضت سيناريو الوحدة لدولتين فقط. وإذا كنا نتحدث عن وحدة العالم العربي والإسلامي فيجب إدراك التكلفة الاقتصادية الباهظة التي قد تترتب على ذلك والفرص الأكبر التي ستتيحها هذه المشاريع الوحدوية مستقبلا في مختلف المجالات لبلادنا ولأمتنا في طريقها لحفظ أمنها ولتكون قوة عظمى بين الأمم. والسؤال الأهم: متى نبدأ بالاتحاد الخليجي؟