عقد اتحاد المنظمات الاقتصادية الياباني ندوة في طوكيو يوم أمس لمناقشة آفاق العلاقات الإستراتيجية بين اليابان وكوريا الجنوبية والولاياتالمتحدةالأمريكية في ضوء التطورات الحاصلة في شبه الجزيرة الكورية ولا سيما مواقف تلك الدول الثلاث من كوريا الشمالية وبرامجها النووية والصاروخية. وشارك في الندوة خبراء في شئون المنطقة هم السيد دون أوبردورفر المدير السابق لمكتب صحيفة الواشنطن بوستِ في طوكيو، والسيد كِنتْ كالدر مدير مركز ريستشر في جامعة جونز هوبكينز. ومن الجانب الياباني شارك السيد ماساهي نيشيهارا رئيس أكاديمية الدفاعِ الوطني. وركزت النقاشات على إظهار ما اعتبره المشاركون الخطر النووي الكوري الشمالي ولكن بنفس الوقت لم يعطوا ما يوحي بسياسة واضحة من قبل اليابان أو الولاياتالمتحدة تجاه كوريا الشمالية. وتحدث في بداية الندوة دون أوبردورفر، وهو أيضاً محاضر في جامعتي ((SAIS وجونز هوبكينز، مشيراً بأن العالم يواجه انتشار العصر النووي الثاني إذ ان الهند، باكستان، إسرائيل وإيران يمتلكون أَو يُعْتَقَد بأنهم يمتلكون أسلحة نووية، وحتى كوريا الشمالية ستمتلكها.. وأضاف بأن تفاصيل الوضع الحالي للتطوير النووي لكوريا الشمالية غير متوفرة حالياً لكن يُعتَقدُ أن لديها المقدرة على إنتاج من 4 إلى 5 قنابل بلوتونيوم مستفيدة من امتلاكها كميات من البلوتونيومِ. ثم انتقل إلى الحديث عن منظومة المحادثات السداسية، التي تشمل الكوريتين واليابان والصين وروسيا والولاياتالمتحدة، معتبراً أنها لم تؤد لأي حل ناهيك عن أنها مجمدة حالياً وأبدى موقفاً متشائما بقوله لا أظن أن كوريا الشمالية ستعود إلى المحادثات السداسية لذا فإن هذه المحادثات يجب أن تتحول إلى اجتماع نزع السلاح (الكوري). وعن كيفية التعامل مع الوضع الحالي قدم دون أوبردورفر ثلاثة سيناريوهات هي أولاً، التعايش مع كوريا الشمالية بقبولها كدولة نووية على غرار الباكستان، وثانياً زيادة الضغط عليها للتَوَقُّف عن إنتاج الأسلحة والمواد النووية، أما الخيار الثالث فهو تغيير النظامِ في كوريا الشمالية بالقوَّة العسكرية. وأعرب أوبردورفر عن تشاؤمه حيال الوضع الحالي لشمال شرق آسيا معتبرا أنه لا يمكن اعتبار أي خيار من تلك الخيارات الثلاثة واعداً لحل المشكلة ناهيك أنه لا توجد خطة مستقبلية إلى أن تقدم الولاياتالمتحدة فكرة جديدة. من جهته أوجز كِنتْ كالدر مدير مركز ريستشر في جامعة جونز هوبكينز الأمور التي يمكن لدول شمال شرق آسيا أن تقوم بها مثل التعاون في مجالات مشتركة بالطاقة وأن تتصرف اليابان والصين والولايات المتّحدة كدول وسيطة بشكل مشابه للدور الأمريكي في المساعدة على إقامة علاقات يابانية كورية جنوبية. وثالثاً دفع المحادثات. أما الخبير العسكري الياباني ماساهي نيشيهارا رئيس أكاديمية الدفاعِ الوطني فقال بأن العلاقات الثلاثية، أي اليابانيةوالأمريكية والكورية الجنوبية، والتي كانت مهمةَ جداً، أصبحت متوترة لأن سيول تُبقي الولايات المتّحدةَ واليابان على مسافة منها لأنها تتبنى سياسات تؤكد على أهمية الانسجام مع كوريا الشماليةِ. وأضاف هناك 1500 كوري جنوبي تقريباً يخططون لزيارة بيونغ يانغ للاحتفال بالذكرى السنوية الخامسة لانعقاد قمة الشمال والجنوب بين كيم جونغ إل وكيم داي جن فى15 يونيو الحالي مما يوحي بوجود تيار شعبي قوي في الجنوبية يريد التقارب مع الشمالية عوضاَ عن سياسة المواجهة. ولم يعط نيشيهارا حلاً سحرياً لهذه الحالة مكتفياَ بالقول أنه يجب على الولاياتالمتحدة أن تستنبط شيئاً مثل خارطة الطريق لتشجيع التعاون مع كوريا الجنوبية واليابان. جرت بعد ذلك مناقشات سريعة بين المشاركين ومدير الجلسة تضمنت المزيد من الأفكار التي شرحت ما استعرضه المتحدثون. ويمكن تلخيص النقاط الرئيسية في المناقشات بما يلي: - يمكن لجمهورية كوريا أن تمتلك أسلحة نووية وهذا قد يجبر اليابان على امتلاكها وكذلك تايوان التي تستطيع القيام بالمثل بالرغم من منعها من امتلاك الأسلحة النووية من قبل الولايات المتحد الأمريكية في السبعينيات. - من الناحية الجغرافية السياسية، من المهم وجود دولة ديموقراطية في شبه الجزيرة الكورية. - كوريا أصلاً بلد واحد والأجيال الشابة، التي لم تعرف الحرب، تشعر أن الكوري الشمالي ابن عم يعيش بعيداً... ثم أجاب المشاركون على أسئلة بدأت باستفسار عن إمكانية توحيد الكوريتين؟ رد عليه دون بالقول قد تتم هذه الوحدة في يوم ما. ولكن لا يمكنني أن أتوقع متى سيحدث ذلك إطلاقاً. واليابان لا تخشى ذلك.. والسؤال الثاني كان عن الإجراءات التي ستتخذها كوريا الشمالية قبل إجراء تجربة نووية؟. وأجاب دون أيضاً في الحقيقة لا أعرف شيئاً حول هذا الأمر. والجيش هو الذي يستأثر بالقيادة في كوريا الشمالية. وإذا جرت تجربة نووية فلن تضيف شيئاً ولكن ستخسر أشياء كثيرة.. وأجاب دون على سؤال آخر مفاده هل ستوافق الولاياتالمتحدةالأمريكية على امتلاك كوريا الشمالية للأسلحة النووية؟ قائلاً لا يمكن لها إلاّ أن تَقِر بالواقع. وعلى المدى الطويل، حتى لو أقرّت الولاياتالمتحدةالأمريكية بحقيقة راسخة أن كوريا الشمالية تمتلك أسلحة نووية، فمن غير الممكن أن تؤيد ذلك. وعقب الياباني نيشيهارا على الموضوع بتشاؤم حيث قال انتهى مؤتمر معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية الذي انعقد مؤخراً في نيويورك إلى الفشل. فقد سُحق قرار إدانة كوريا الشمالية. ويبدو الوضع قاتماً بالنسبة لليابان. وعن امكانية أن تقدم الولاياتالمتحدةالأمريكية عرضاً بإقامة علاقات دبلوماسية مع كوريا الشمالية أجاب دون بالقول لهذا الغرض يجب أن تبدأ بتأسيس مكتب ارتباط لكي تقيم علاقات وثيقة. ولكن الأمر صعب جداً... فالشروط المعروضة على كوريا الشمالية لتطبيع العلاقات الثنائية هي إزالة الأسلحة النووية أولاً ثم التخلص من خطة إنتاج اليورانيوم المخصّب ثانياً. وإذا تمكنوا من حل هذه المشاكل فقد يتمكنوا من إجراء محادثات حول تطبيع علاقاتهم لكن قبل ذلك، يوجد قضايا كبيرة من بينها قضية حقوق الإنسان. .