أقام مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية مؤخراً محاضرة بعنوان "لمع الإسلام من تراثنا العربي الإسلامي- تاريخنا وحضارتنا ركيزتان لحوار الحضارات-" للبروفيسور فيكتور إلكك، الذي أوضح في بداية المحاضرة أن كل مؤرخي العرب تناولوا حروب الغرب على المسلمين تحت مسمى حروب الفرنج لأنها كانت لمجرد الاستعمار بسبب الأزمة الاقتصادية التي عانت منها أوروبا آنذاك ولم يأخذوا الدين واجهة لاستعمارهم، معتبراً أن السلام يستلزم كل من عرف الله وما خلق ولا يمكن أن يكون الآخر آخرا، حيث إنه أخونا في الإنسانية وهذا ما يرسخ أسس السلام العالمي بين الأمم بمراحله الثلاث العالمي، الأهلي، والسلام مع الذات. وأضاف فيكتور عن مؤلف هانس كينغ الألماني والذي ترجم في التسعينات إلى العربية تحت عنوان (مشروع أخلاقي عالمي) الذي استهل مقدمة كتابه قائلا: "لا استمرارية من دون أخلاق كونية ولا سلام عالمياً من دون سلام ديني ولا سلام دينياً من دون حوار بين الديانات، إذ يعتقد إلكك أن الحوار بين الديانات يعتبر حواراً بين الثقافات وتفاعلاً فيما بينها من شأنه أن يفضي إلى الفهم والتفهم عبر التفهيم، حيث إن أسس الثقافة على طبيعة الحال هي الديانات" كما انتقد المحاضر المناهج الأدبية على المستويات الثانوية والجامعية، التي وصفها بأنها تعمل على نظرية فحولة الشعراء والفنون والأغراض الشعرية، بعيدة عن إنسان يكتب ذاته ويسهم في تطوير مجتمعه، ويسعى إلى السلام بين الشعوب والأمم، متطرقا إلى المؤلف الضخم للفيلسوف البريطاني الشهير أرنولد توينبي، الذي يحمل عنوان (دراسات للتاريخ) الذي تحدث فيه عن لوحة شاملة بتاريخ ثقافات العالم، أحصى منها ستاً وعشرين حضارة، نصفها رقدت في ذاكرة التاريخ وبقي النصف الآخر يعيش إلى هذا اليوم متواكبا مع كل التطور التي كان للمسلمين جزء مرموق فيه. كما أكد فيكتور من خلال استعراضه واستقرائه للعصرين الأموي والعباسي، مشيرا إلى أن الحضارة الإسلامية كانت حضارة إنسانية عالمية بكل ما تعنيه الكلمة تجسدت في كتابات الأدباء الأوروبيين، حتى أصدر الأديب الألماني جوتيه كتابا أسماه الديوان الأربيني الشرقي، ابتدأ فيه بشعر لحافظ الشيرازي وشعر المعلقات، كما دفعه إعجابه باللغة العربية والمعلقات إلى ترجمة قصيدة لامرئ القيس وبعض المعلقات الأخرى في الديوان ذاته. وقال إلكك في هذا السياق: إنها كنوز رائعة، فأحد الألمانيين ألف مسرحية عن خاتم الأنبياء، وكانت تحمل إساءة إليه وكانت أخت جوتيه مرشحة للتمثيل فيها فمنعها من التمثيل وحاول جاهداً أن يمنع المسرحية بأكملها، مختتماً حديثه بالتطرق إلى ضرورة تتبع تأثير تراثنا الأدبي وحضارتنا الإسلامية على الثقافات الأخرى في مجالها الأدبي، حيث إن أغلب القصائد تستهل بصدر عربي مستدلاً بقصيدة لحافظ الشيرازي.