وضعت وزارة الاسكان المواطنين أمام مفترق طرق عبر إعلانها بدء تسليم مشروع «أرض وقرض» خلال سبعة أشهر انقضى منها شهران حتى الآن، ومع هذا الإعلان حدث ركود في تداول العقار بشكل عام، وأصبح هناك انتظار وترقب لما سيسفر عنه هذا القرار، وهل فعلاً الوزارة قادرة على التنفيذ؟. تنفيذ الخطط يُجبر أسعار العقار على النزول لمستويات معقولة وغير ذلك يعني الفشل ويتمثل مفترق الطرق الذي أحدثته وزارة الإسكان في قسمين؛ الأول: إن تم التنفيذ واستلمت الدفعة الأولى المستحقة فهذا يعني أن طريق العقار يتجه نحو النزول الاجباري؛ لأن العرض سيكون من قبل الحكومة، وستنتظر البقية الأخرى تكملة المشروعات، وعندها لن يكون هناك طلب على أراضي القطاع الخاص، الثاني: هو عدم قدرة الوزارة على التسليم في نفس التوقيت، وهذا يعني الفشل، والذي سيتسبب في مضاعفة أسعار العقار أضعافاً عن الأسعار الحالية، والتي لا يقوى عليها متوسط الدخل. إن غالبية مواطني المملكة يقطنون في وحدات مستأجرة ونسبة أخرى يقطنون مع أُسرهم، وبالتالي أصبح لزاماً على الجهات الرسمية أن تسعى جاهدة بتوفير آليات لتمكين الأسر من امتلاك المنازل، وهذا لن يتحقق إلاّ بتكثيف الجهود عبر ضخ الصندوق العقاري ووزارة الاسكان قروضاً جديدة تغطي قائمة الانتظار، كذلك على وزارة الاسكان أن تسعى جاهدة في تنفيذ خططها وبأسرع وقت ممكن «أرض وقرض»، «أرض بدون قرض»، «وحدة سكنية». وفي ظل عدم رؤيتنا لمشروعات وزارة الاسكان، يبقى الحل بالضغط على أسعار العقارات، حتى تعود إلى رشدها، وحتى يستطيع المواطنين أن يجدوا المساكن وشراءها بسعر معقول، كذلك من المهم وضع رسوم على الأراضي المهملة -البيضاء- في النطاق العمراني، والتي تبلغ مساحات شاسعة، والتي يكتنز أصحابها قيمتها، مما أثر سلباً على المواطن؛ عبر طلب أصحابها مبالغ باهظة تفوق قدرته الشرائية. عصام القرشي مُتحدثاً للزميلة منى الحيدري دخل محدود وقال المواطن «أسعد الحارثي»: أعتقد مع الغلاء الذي نعيشه والذي طال جميع مرافق الحياة وارتفعت معه أسعار الأراضي، أصبح من الصعوبة تملك عقار، وعندما نستنجد بالبنوك لشراء منزل فإنها تلتهم حصة كبيرة من الراتب، وعلى مدى (15) عاماً تظل مرهوناً لهم، مضيفاً أن بعض الأفراد من ذوي الدخل المحدود عندما يحالفه الحظ لشراء قطعة أرض يظل لسنوات يسدد قيمتها، وقد تظل لأمد بعيد مجرد أرض يعجز عن بنائها، في ظل غلاء الحديد والإسمنت، مبيناً أنه لجأ البعض لشراء شقق التمليك، متحملاً متاعب هذا النوع من السكن، مؤكداً على أن بيت العمر سيظل مجرد حلم!. وأوضح المواطن «نايف الشريف» -والذي اشترى مؤخراً منزلاً بمساعدة من والده- أن الحل لتملك عقار بيد وزارة الإسكان، والتي يصطف الآلاف من المواطنين أمامها من أجل أن تحقق لهم حلم تملك السكن، متوقعاً أن يكون ذلك خلال أربعة أعوام قادمة. أسعد الحارثي انتظار سنوات وأكد «فيصل العتيبي» -موظف- على أن المواطن الذي ولد في أسرة ثرية وفي فمه ملعقة من ذهب هو من يستطيع تملك عقار سكني في الوقت الحالي، أو من يضطر لأخذ قرض سكني من البنوك ويوافق على شروط البنوك على مضض، معتقداً أن الحل الحقيقي لحل هذه المعضلة يكمن في تقديم البنوك تسهيلات أكثر وتخفيضات في نسب هوامش الأرباح، لافتاً إلى أن البحث عن قطعة الأرض التي سيبني عليها حلم المنزل سيكون خارج الاطار العمراني، نظراً لغلاء الأسعار، مما يجعل المواطن ينتظر سنوات لتصله الخدمات. وتساءل «خالد العجمي» -موظف قطاع خاص-: متى يمكن أن أتملك العقار؟، مضيفاً أن الإجابة ربما تطول، مبيناً أنه يجب على الجهات المعنية وضع ضرائب على العقار، تحد من سقف أرباح هوامير العقار، مؤكداً على أنه وصل إلى قناعة استحالة تملك عقار!. وتحدث «عصام القرشي» -أختصاصي اجتماعي بمستشفى الأمل- قائلاً: إن أسباب كثيرة تقف وراء تملك الفرد للمنزل، أولها ضرورة ارتفاع دخله، وأن يكون هناك تحديد لإيجار الشقق السكنية، بحيث لا تترك ايجاراتها على أهواء الملاك، مبيناً أن أكثر ما يرهق كاهل المواطنين القروض البنكية وهوامش أرباحها، ولا ننسى أن تكاليف الحياة أصبحت مرتفعة، مقترحاً بعض الحلول التي قد تسهم في حل مشكلة العقار، منها ضرورة أن تفرض ضرائب على الأراضي البيضاء، ووضع حد أعلى لغلاء المعيشة، فكل مواطن راتبه بالكاد يفي باحتياجاته الأساسية مثل فاتورة الهاتف وقسط السيارة وفاتورة الكهرباء. عبدالله الأحمري نمو سكاني وأكد «د.عبدالله بن أحمد المغلوث» -عضو لجنة الاستثمار والأوراق المالية بغرفة الرياض- على أن المملكة إحدى الدول المعروفة في زيادة النمو السكاني، وهذا النمو له تأثير في تملك أفراد المجتمع لوحدات سكنية، مضيفاً أن عمل الخطط الاستراتيجية في تمليك المواطنين وحدات مقابل هذه الزيادة جعل هناك فجوة كبيرة، بل أصبح (60%) من المواطنين -أي الأسر- لا يمتلكون وحدات سكنية، بل نسبة كبيرة منهم في وحدات مستأجرة ونسبة أخرى يقطنون مع أُسرهم، وبالتالي أصبح لزاماً على الجهات الرسمية أن تسعى جاهدة بتوفير آليات لتمكين الأسر من امتلاك وحدة سكنية، وهذا لا يكون إلاّ بتكثيف الجهود عبر ضخ الصندوق العقاري ووزارة الاسكان قروضاً جديدة تغطي قائمة الانتظار في الصندوق، بل وعلى وزارة الاسكان أن تسعى جاهدة في تنفيذ خططها وبأسرع وقت ممكن في تقديم المنتوجات السكنية التي صرح بها الوزير من أرض وقرض، أو أرض بدون قرض، أو وحدة سكنية متكاملة. د.عبدالله المغلوث وشدّد على أهمية تنفيذ مؤسسة النقد آلية التمويل والرهن العقاري الذي سوف يساعد على ضخ أموال كقروض لطالبي البناء، أو التوّسع في الوحدات السكنية، ذاكراً أنه لو نظرنا على سبيل المثال أن (48%) من حيازة المسكن مُلك، و(45%) إيجار، وأن وزارة الاسكان تسعى حالياً لانشاء ضواحٍ سكنية في الرياض والشرقية. منظومة التمويل وأوضح «د.المغلوث» أن أحد العوامل في إنجاح تملك المسكن هو أن تسعى البنوك جاهدة في إعطاء الأفراد قروضاً تسهم في تمليك المواطنين الوحدات السكنية، مضيفاً أن إقرار منظومة التمويل العقاري والتأجير التمويلي سيكون له أبعاده الإيجابية في تغيير واقع سوق التمويل العقاري في المملكة، وترسيخ دعائمه من خلال ما ستتيحه تلك المنظومة من تفعيل الضوابط اللازمة لمزاولة نشاط التمويل العقاري، وكذلك حماية حقوق المتعاملين فيه، والتمهيد لنشوء سوق ثانوية للتمويل العقاري، فضلاً عمّا سينتج عنها من تعزيز المفاهيم العملية الاحترافية لبيئة نشاط التمويل العقاري، وتوفير قدر عال من الشفافية يتمثل في نشر المعلومات المتعلقة بنشاط الشركات، مُشدداً على أهمية وجود مواءمة إيجابية بين القطاع الخاص وشركات ومؤسسات التطوير العقاري وما يتم طرحه من قبل القطاع الحكومي، التي تسعى الجهات ذات العلاقة إلى توفير الحلول الحقيقية للسكن طويل الاجل وأخرى قصيرة الأجل. وأضاف: حتى ننجح في تمليك المواطنين وتقليل نسبة الانتظار نحن في حاجة إلى خمس سنوات قادمة، لكي تتمكن الأسر من الحصول على وحدات سكنية، لكن كما أشرت إذا استمرت وزارة الاسكان بالتزامها بتنفيذ مشروعاتها في الوقت المحدد، وكذلك إعطاء القروض باستمرار للمواطنين. رسوم أراضٍ وأوضح «عبدالله الأحمري» -رئيس لجنة التثمين العقاري بالغرفة التجارية بجدة- أن المواطن يستطيع أن يتملك سكناً متى ما فرضت الدولة رسوماً على الأراضي المهملة في النطاق العمراني، والتي تبلغ مساحات شاسعة، والتي يكتنز أصحابها قيمتها، والتي أثرت سلباً على المواطن السعودي وسكنه، مضيفاً: «يجب أن يكون هناك تحرك من الدولة ويكون هناك حلول جذرية، والتي تكمن في وضع الرسوم على هذه الأراضي، إضافةً إلى مضاعفة النسبة أو زيادتها التي تستقطع من هذه العقارات؛ لأن هذه المساحات أثرت سلباً على الوطن قبل المواطنين، وأصبحت عبئاً على كاهل الدولة، ناهيك عن مطالبتهم في نهاية المطاف لإيصال البنية التحتية مثل الماء والكهرباء والخدمات الأخرى، وهذه فيها عقبة ومشقة على الجهات التي تقدم خدماتها لهذه المخططات، ثم طلب مبالغ باهظة تفوق قدرة المواطن الشرائية، خاصةً أن هناك زيادة في عدد السكان في المملكة». وأشار إلى أنه وفي ظل عدم رؤيتنا مشروعات لوزارة الاسكان الحل هو الضغط على أسعار العقارات، حتى تعود إلى رشدها، وحتى يستطيع المواطنون أن يجدوا مساكن ويشتروا بقيمة عادلة، أو أن تعطيهم الدولة أراضي مملوكة لها بقيمة رمزية. خفض أسعار الأراضي يُسهم في إفادة المواطن من القرض العقاري خمس سنوات وقال «عوض الدوسي» -عقاري-: أنا متفائل أن مشكلة السكن ستحل خلال الخمس سنوات القادمة، ووزارة الإسكان حالياً تُعد قاعدة بيانات للمدى الطويل بالنسبة للمستحقين للسكن والقروض، لكن العملية بحاجة إلى مزيد من الوقت، مضيفاً أن الوزارة تفصح عن بعض المعلومات، ونحن مازلنا بحاجة لأن تكون المعلومة واضحة للناس، متوقعاً نجاحها في حصر أعداد المحتاجين للسكن، مؤكداً على أن الإحصائية التي تشير إلى أن (70%) لا يملكون سكناً نسبة مبالغ فيها، إلاّ اذا كانت المقارنة تعني أن (70%) من الشعب دون ال(30) عاماً، وأن هذه الفئة تبحث عن وظيفة وزوجة وهي معادلة أعتقد أنها غير مقبولة، موضحاً أنه وخلال لقاء جمعه ب»د.شويش الضويحي» -وزير الإسكان- أكد على أنه خلال العشر سنوات القادمة سنكون بحاجة لمليون و(500) ألف وحدة سكنية، بينما الإحصائيات من بعض البنوك والاقتصاديين تشير إلى أننا بحاجة إلى مليون وحدة سكنية سنوياً، معتقداً أن ذلك غير منطقي ونحن في النهاية يجب أن نتبع وزارة الإسكان بحكم ما تملكه من معلومات صحيحة بناء على قاعدة البيانات التي لديها. وأضاف: صدر مؤخراً من «د.شويش الضويحي» -وزير الإسكان- أن الوزارة تسعى إلى تخفيض العقار بحوالي (50%)، وهذا خبر جيد، لافتاً إلى أن حالة سوق العقار حالياً انحصرت في شقق التمليك لمواطنين اقترضوا من البنوك.