يظل الحديث عن التقاعد أمراً لا يخوض فيه إلا من فكر في الاقدام عليه وأخذ يستقرئ مستقبله، او شخص قد ذاق اللامبالاة والتهميش او النكران لخبرات طويلة ستكون في طيات الكفن الابيض دون ان يستفاد منها، ومن كانوا لا يدعمون أي برنامج او لفتة للمتقاعد وهم على رأس العمل ينادون الآن بعد تقاعدهم بشيء من الاعتراف بهم، ولذا بقيت مشاعرهم حبيسة أذهانهم أو احاديث مجالسهم التي يضيق من يدخل معهم في جدال بان واجباً كان عليهم القيام به في السابق ليجدوا ثمرة الان ولم يفعلوا، والان يجب ان يكونوا اصحاب مبادرات جريئة وايصال صوتهم الا المعنين في مصالحنا العامة، وان لا يتعاملوا مع الموقف بسلبيه لان الاجيال تتعاقب والحراك لا يتغير ودولتنا لم تجد مخرجاً لهذا الهم الذي يعاني منه قرابة المليون والعدد يزداد. نعم الانسان هو الذي يدفن نفسه اذا ارتفعت لديه النظرة السوداوية بعد التقاعد، وهو الذي يجعل طموحه بعد التقاعد ابعد مما كان في ظل التحرر من القيد الوظيفي الى اعمال تطوعية او تجارة خاصة او برنامج شخصي مقنن يشعر معه بالعطاء والراحة والفاعلية المجتمعية. ولكن نحن لا نفترض ان كل المتقاعدين بهذه الصورة وبتلك الامكانيات والطموح، بل الاغلب ينتظرون من دولتهم ن تحتضن غربتهم بعد العمر الطويل الذي قضوه في خدمتها وساهموا في عطاءات الوطن الرائعة وهذا حق لهم و واجب على كل المصالح الحكومية التي عملوا فيها ومن بعدهم المؤسسات المعنية بالتقاعد التي تحتاج الى من يلزمهم بالمشاركة في تعزيز ثقافة احتضان المتقاعد ولا تتركه رفيقاً للمرض والعوز والاستجداء خاصة وان الاغلب لا يتقاضون رواتب تقاعدية تكفيهم لسد الاحتياجات الضرورية في هذا الزمن الذي ارخص موجوداته الانسان بكل كرامته. ان الحديث عن التقاعد والمتقاعد يجعلنا نخرج عن دائرة التفكير العادي وعن صياغة الاسباب والمبررات وان هذه هي سنة الحياة الى تفكير وطني يحتوي الجيل الحالي من المتقاعدين والاجيال القادمة لان التلقائية مؤلمة جداً مع مرور الوقت حتى وان كانت ايجابيات الفكرة لن تفيد المعنين الان بالتقاعد ولكننا سنبني للأجيال القادمة مستقبلا اكثر اشراقاً من مستقبل المتقاعدين الحاليين وهذا منتهى الإيجابية. ونحن سنطرح فكره كي تكون بداية الانطلاقة ونفتح معها الباب للأذهان لنحظى بأفكار اخرى ويجتمع لدينا عدة مبادرات عن التقاعد والمستقبل المضيء للأجيال لا بد من استحداث برنامج وطني للتقاعد ويكلف مجلس الشورى بدراسته وتبني الافضل منه وتحقيقه في دورة واحدة وليس مثل بقية الملفات التي توارثتها الدورات المتلاحقة دون فائدة، فمجلس الشورى هو حديقة الخبرات ومجتمع الاعمار والاجناس وهو الاقرب لولي الامر كي يكون التوجيه ملزم والتنفيذ متحقق، تشاركه جميع المصالح العامة والخاصة بحسب احجامها بما في ذلك مؤسستي التقاعد والتأمينات لضمان استمرار العطاء للمتقاعد وفق آليات دقيقة وبيئة عمل مناسبة ونظام مؤسسي واضح المعالم لا يقبل الاجتهاد او الشخصنة مع ترك الخيار بالتطوع للقادرين عليه والمتطلعين له او العمل بمقابل رمزي يضمن له الحد الادنى للأجر الشهري الذي يتواكب مع مستوى المعيشة، وضمان التغطية الصحية للمتقاعد ولأفراد اسرته، وتأمين السكن المناسب له او تقديم القروض من بنك التسليف بضمان الراتب. إن واجب مصالح الدولة الحكومية وشبه الحكومية وقطاعات الاعمال الخاصة ان تجعل لمنسوبيها شيئاً من اهتماماتها يتواكب مع ما قدموا والتواصل معهم في كل المناسبات لان في تجاهلهم نكران للدور الذي قاموا به والجهد الذي قدموه على ان يكون ذلك عمل مؤسسي دقيق وملزم عند تقديمه مع التطلع الى ان يتم تبني الجمعية الوطنية للمتقاعدين وبرامجها وتطلعاتها لما في ذلك استمرار للعطاء من المتقاعد وشعور إيجابي من ابنائه وتطمين للمستقبل القادم للمتقاعدين. ولن تنطفئ الشمعة طالما ان الرئيس الفخري للجمعية هو صاحب السمو الملكي الامير محمد بن نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية الذى يرى فيه المتقاعدون حاضراً مجيداً ومستقبلاً مشرقاً.