هذه قصة حقيقية لإحدى المريضات التي أتت تشتكي من ورم صغير في المنطقة الداخلية من الإصبع الرابع وهذا الورم لاحظته خلال الأسابيع الماضية ودائماً ما تضغط عليه وهي تحس أنه أصبح مؤلماً ولذلك حرصت على مراجعة أحد الأطباء الذي قام بإجراء تحاليل للدم وأشعة لليد والأصابع وأخبرها أن لديها في الإصبع مشكلة كبيرة هي عبارة عن ورم وأن هذا الورم متصل بطريقة ما بالشرايين التاجية ويشكل خطورة عليها وأنها لهذا السبب تحتاج لعملية جراحية لإزالة هذا الورم. ومنذ ذلك الوقت أصبحت المريضة تعيش في هاجس وقلقة جداً ولذلك قامت بأخذ رأي آخر. وعند فحص إصبع المريضة الذي تشتكي منه تبين وجود عقدة صغيرة لا تتجاوز 3 ملم في 4 ملم عند قاعدة الإصبع وهذه العقدة بسيطة جداً وتتحرك عند الضغط عليها من جنب إلى جنب وتشعر المريضة ببعض الألم عند الضغط عليها بقوة. أما بقية الفحص فكان في الحدود الطبيعية ولا يبين وجود أية آثار مرضية. وبالنسبة للتحاليل التي أحضرتها فهي عبارة عن نسبة ترسب الدم ونسبة فيتامين د في الدم. أما الأشعة التي أحضرتها فهي أشعة سينية لليد وكانت في الحدود الطبيعية من دون وجود أي آثار لمرض في العظام أو المفاصل التي تتكون منها اليد. وفي ما يلي سوف نستعرض التشخيص الدقيق والصحيح لهذه الحالة وإذا ماكانت تستدعي هذا القلق الذي تشعر به المريضة وهذا التفسير الذي قام به هذا الطبيب ونحكم على ذلك. ما هو التشخيص؟ في الواقع أن الأعراض التي ذكرناها والتي تعاني منها المريضة هي أعراض مايعرف بعقدة الإصبع (ganglion). هذه العقدة هي عبارة عن كيس زلالي صغير يظهر من بين الأوتار التي تمر في الأصابع ويتعبأ بالمادة الزلالية البسيطة التي تساعد على سهولة حركة الأوتار وتتشكل وتصبح على شكل عقدة صغيرة. وعادةً ما يتم تشخيصها عن طريق الفحص السريري الذي يبين وجود هذه العقدة الصغيرة. والغالبية العظمى من الأشخاص الطبيعين لديهم مثل هذه العقدة في يدهم ولكنها عادةً ما تكون صغيرة وغير مؤلمة ولا تتم ملاحظتها ولذلك فهي غير مقلقة. ولكن في بعض المرضى مثل المريضة التي ذكرنا قصتها سابقاً قد تتم ملاحظة هذه العقدة لسبب أو بأخر ويقوم المريض أو المريضة بالضغط عليها باستمرار مما يؤدي إلى تهيج الأغشية والأوتار المحيطة بها وبالتالي إلى أن تصبح مؤلمة. وفي البعض الآخر قد تكبر هذه العقدة مع مرور الزمن ممايؤدي إلى ظهورها وإحساس المريض بها. ولا يوجد سبب معروف لظهور هذه العقدة ولكنها قد تحدث نتيجة إصابات مزمنة ومتراكمة مباشرة أو غير مباشرة لمنطقة الأصابع مثل الأشخاص الذين يستخدمون أيديهم بكثرة مثل الجراحين أو المهندسين أو العمال أو مبرمجي ومهندسي الكمبيوتر وغير ذلك من الأعمال التي تتطلب استخدام اليد والأصابع بكثرة. ولكن في الغالبية العظمى لا يكون هناك سبب معين لظهور مثل هذه العقدة. أما بالنسبة للتشخيص فإنه يتم بالفحص السريري الذي ذكرناه سابقاً وفي بعض الأحيان إذا ماكان هناك شك في دقة التشخيص فإنه قد يتم اللجوء إلى أشعة الرنين المغناطيسي لأنها الوحيدة التي تبين هذه العقدة حيث أن العقدة أو الكيس الزلالي لا يتكون من عظام ولذلك فهو لا يظهر في الأشعة السينية وإنما يظهر فقط في الأشعة الرنين المغناطيسي. وأيضاً يكون عمل أشعة الرنين المغناطيسي ضرورياً في حال التبس التشخيص أو كان هناك إشتباه في وجود بعض الأورام الحميدة أو الغير حميدة التي نادراً ما تحدث في منطقة الأصابع وتظهر على شكل عقدة. هل هناك خطورة من عقدة الإصبع؟ في الواقع أنه بعد أن يتم التشخيص الدقيق والذي عادةً ما يكون بسيطاً وسهلاً ومباشراً في غالبية الحالات فإنه تتم طمأنة المريضة بأن هذه العقدة ليست لها خطورة وعادةً ما تظل في هذا الحجم ولا تزداد إلا في حالات نادرة وهي ليست لها علاقة بالشرايين التاجية في القلب أو غير ذلك. والإزعاج الوحيد الذي يشتكي منه المريض أو المريضة يكون عادةً من آلام عند استخدام اليد بشكل كبير أو عند الضغط المباشر على العقدة.الخطة العلاجية في البداية يجب طمأنة المريضة بأن هذا التشخيص ليس مرضاً خطيراً وأنه شائع في كثير من الناس وأنه ليست له مضاعفات بإذن الله. وبالنسبة للنصائح فإنه يتم توجيه المريضة إلى ضرورة تجنب الضغط على هذه العقدة بشكل دائم ومحاولة نسيانها وإهمالها قدر المستطاع. أيضاً إذا كانت هناك أية أعمال منزلية أو في العمل أو هوايات تؤدي إلى استخدام اليد بشكل طويل ومكثف ويؤدي إلى ظهور الألم في هذه العقدة فإنه يجب محاولة التخفيف منها. كما أنه يتم إعطاء المريضة أو المريض كورس من الأدوية المضادة للالتهابات التي تخفف الالتهاب في المنطقة المحيطة بالعقدة وبالإصبع وبالتالي تؤدي إلى إزالة الآلام بإذن الله. وفي بعض الحالات البسيطة التي لا تستجيب للخطة الذي ذكرناها سابقاً ويكون الألم فيها شديداً يمكن اللجوء إلى عمل إبرة الديبومدرول موضعية في محاولة لتخفيف الإلتهاب وإزالة الألم. متى يكون التدخل الجراحي؟ في حال فشلت الإجراءات التي ذكرناها سابقاً فإنه يمكن اللجوء للتدخل الجراحي وهو عبارة عن عملية بسيطة من عمليات جراحة اليوم الواحد يمكن إجراؤها تحت تخدير موضعي بحيث يتم إزالة الكيس الزلالي والعقدة من منطقة أوتار الإصبع وبعد ذلك يتم إجراء خياطة تجميلية للجرح الصغير وهذه الجراحة بسيطة ويمكن للمريضة الخروج بعدها في نفس اليوم. ونادراً ما نلجأ إلى الجراحة إلا إذا فشلت الخطوات التي ذكرناها سابقاً في التحكم بالأعراض أو إذا أصبحت هذه العقدة كبيرة أو تؤثر على الأنشطة التي يقوم بها المريض أو المريضة. النصائح والتوصيات عقدة الإصبع شيء شائع في كثير من الناس ليست له أعراض. وعندما تصبح له أعراض فإن علاجها يكون سهلاً بإذن الله. وهذه العقدة ليست خطيرة وليست لها علاقة بأي شرايين خارج الإصبع واليد. وفي غالبية المرضى لايتم علاجها جراحياً وإنما عن طريق المسكنات البسيطة وتجنب الإجهاد وهذا يكون كافياً بإذن الله.