أجمع المشاركون في الندوة الوطنية حول الانتخابات على ضرورة تحييد الإدارة التونسية من كل لون سياسي قبل الانتخابات وفق مقتضيات الفصل 15 من الدستور من أجل إجراء انتخابات حرة ونزيهة وشفافة. وأكد قاسم عفية الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل على وجوب مراجعة التعيينات التي تمت على أساس الولاء الحزبي خاصة في أسلاك الولاة (أمراء المناطق) والمعتمدين وأعضاء النيابات الخصوصية (البلديات) بالإضافة إلى بعض التعيينات بوزارة الداخلية والسفارات والقنصليات باعتبار أن عملها من شأنه أن يؤثر على سير الانتخابات مؤكدا تشبث منظمة الاتحاد العام التونسي للشغل بتطبيق بنود خارطة الطريق التي أعدت برعاية الرباعي الراعي للحوار الوطني.. وقال الباجي قائد السبسي رئيس حركة نداء تونس أن من تسلموا السلطة منذ انتخابات 23 أكتوبر 2011 (حكومات الترويكا) قاموا بسلسلة من التعيينات بحكم الولاءات الحزبية على أساس اعتزامهم البقاء مدة طويلة في الحكم وأكد أنه لا يمكن ضمان انتخابات نزيهة وشفافة إلا بالرجوع عن هذه التعيينات التي تعد بالآلاف من أجل تحييد الإدارة. واتهم رئيس حركة نداء تونس الحكومة الحالية بقيادة مهدي جمعة بعدم التحمس للتراجع عن هذه التعيينات مشككا في قدرتها على القيام بذلك قبل نهاية السنة الحالية.. ومن جهته دعا راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة - المتهمة بالسيطرة على مفاصل الدولة - الى توسيع الفترة الواجب مراجعتها لتشمل الفترة الماضية كلها التي عملت فيها الإدارة في ظل سلطة سياسية وصفها بالفاسدة مقترحا العمل على تطوير مرفق الإدارة لإنجاح الثورة بما يحقق الشفافية والمساءلة ويضمن اطمئنان الجميع لهذا المرفق، مؤكدا دعمه كل إجراء يهدف الى تحييد الإدارة والنأي بها عن الانتماءات السياسية عبر الابتعاد عما أسماه الاجتثاث من خلال وضع مقاييس يتم تطبيقها على جميع المنتسبين للإدارة. ومن جهته انتقد القيادي في الجبهة الشعبية أحمد الصديق بطء الحكومة الحالية في مراجعة التعيينات التي قامت بها حكومات ما بعد انتخابات 23 أكتوبر والتي قال عنها أنها أربكت الإدارة التونسية لاحتكامها إلى منطق المحاصصة الحزبية مما قاد البلاد الى أزمة سياسية واقتصادية. وفي ردّه على الانتقادات الموجهة للحكومة الحالية أكد أنور خليفة كاتب الدولة لدى رئيس الحكومة المكلف بالحوكمة والوظيفة العمومية التزام الحكومة بتنفيذ خارطة الطريق مشيرا الى قيامها بمراجعة التعيينات بطريقة منظمة وعقلانية عبر اعتماد الكفاءة كأساس للتعيين أو العزل. معتبرا ان تناول مسالة حياد الإدارة في هذه الفترة الحساسة من الاستعداد للانتخابات القادمة يعكس توجساً من احتمالات الانحياز أو الانحراف عن مقتضيات النزاهة قائلا إن الحكومة الحالية الخالية من أي لون سياسي والمجردة من أي مطامح انتخابية حريصة على توفير كل الظروف الملائمة لإجراء الانتخابات التي تشرف عليها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والنأي بالإدارة لاسيما ذات الصلة المباشرة بالانتخابات عن كل تجاذب سياسي. وقال إن الحكومة شرعت في ضبط قواعد جديدة داخل الإدارة العمومية بإرساء مراجعات على مستوى التشريع والمؤسسات من أجل الانتقال من مفهوم الإصلاح الاداري التقليدي الى حوكمة الإدارة.