لنا الحق أن نزين العبارات وتدبج الكلمات بحق أولئك الأوفياء الذين هم بالتكريم جديرون وبالاحترام هم حقيقون. ولا غرابة في بلد كالبكيرية أن يكرم الصفوة، ويُحتفي بالنخبة، ذلك أنها بلد العلماء وموئل أفئدة الفقهاء. ويحسن عند بدء الحديث عن الوفاء أن نتذكر قوله تعالى: (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان) للتدليل على أصالة هذا المبدأ الإلهي، الذي يقتضي مكافأة المحسن على إحسانه، وإن الوفاء أمر فطري نشأت عليه الحياة الإنسانية، وخلُق جبلت عليه الصفات البشرية. وغني عن البيان أن الإسلام تبنى بصورة إيجابية الدعوة إلى الإحسان، وشكر المحسن وشجعه على هذه الصفة الرفيعة الهادفة إلى إيجاد التضامن بين المسلمين وخلق مجتمع فاضل تتوفر فيه جميع عناصر القوة. فلا تكتمل أخلاق المؤمن بحسن علاقته بربه فحسب، وإنما لابد أن يكون على نفس المستوى من الأخلاق في التعامل مع الناس، والمؤمن المستقيم لا يكون شاكراً لله حتى يكون معترفاً بالفضل لأهل الفضل، وفي ذلك يقول صلى الله عليه وسلم (لا يشكر الله من لا يشكر الناس). فما أجمل استشعار إحسان المحسن ومكافأته على ذلك الإحسان لتبقى دافعية الإحسان قائمة بين الناس، فإن من طبيعة الإنسان أن تقوى بالشكر اندفاعاته وتزيد عطاءاته، وقد أدرك هذا المغزى المعلم الأول محمد صلى الله عليه وسلم فقال: (من أتى إليكم معروفاً فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تعلموا أن قد كافأتموه. * نائب رئيس لجنة أهالي البكيرية