مها عبدالحميد إبراهيم هي آخر المتحدثات عن سيرتهن. سيدة رقيقة واثقة، وقفت لتحكي حكاية اخرى جميلة، فهي ليست رقما يمر في هذه الدنيا، من اجل ذلك كانت كيان إنسانة تشق الطريق بمساندة كادر دار التربية الاجتماعية بالاحساء. مها بعفوية جميلة سارت بها لعالم جميل. حكت فتناثر الحب من بين عباراتها، خاصة عندما نظرت للشاشة فرأت صورة صغيرها عليها، ضاعت الكلمات منها، وتفتح ورد أمومتها. ولعل غيري شاركنا ذاك الإحساس. حكت عن طفولة جميلة، حيث جمع الصغيرات والألعاب وتوفر كل الاحتياجات، قالت عنها إن الكثيرين يتمنون العيش بمثلها. المرحلة التي كانت نقطة التحول في، حياتها كانت المرحلة الجامعية، وهي حقيقة نقطة تحول في حياة كل الطلبة بنين وبنات، ونقلة حقيقية كلنا مررنا بها، بغض النظر عن الظروف الاجتماعية، وهذا ما حدث لفتاتنا، مجتمع كبير وواسع ومختلف، الفتيات ومن جهات الشرقية المختلفة، حيث محاضرات في أماكن مختلفة، أضف لذلك البحوث والدراسات وما اليها. انزوت فتاتنا بعيدا وبها خوف من هذا الكيان الجديد، وخوف آخر توالد في داخلها من توالد الأسئلة عن اصلها وفصلها ولمَ اسمها خال من الف التعريف، وهذا الشيء معروف اجتماعيا في نجد والأحساء وبعض مناطق المملكة. لكن تلك العزلة أتت بما لا تحمد عقباه، وجدت فتاتنا ان عزلتها أدت الى عدم تبادل الملخصات والمحاضرات، أدت لتأخرها في مادة، لذا كسرت عزلتها وقررت الاندماج، فكونت لها علاقات جميلة. نقطة التحول الثانية في حياتها فرحة الخطبة ثم زواجها حيث ستكون ملكة في مملكتها الصغيرة، تتحمل إدارة تلك المملكة. تكوين بيت وأسرة، البيت والأسرة ضروريان جدا لأي شاب وفتاة، لكنها لمثل ظروف الأيتام نساء ورجالا اكثر ضرورية حيث تبلور لذة الانتماء فيتكون الانتماء الأسري حيث العائلة الصغيرة الجميلة وطفل ينادي ماما ورجل للبيت، حياة طبيعية وانتماء فعلي. فكانت نقطة التحول الكبرى لدى مها، مها عبدالحميد ابراهيم خريجة اللغة الانكليزية، والموظفة في التعليم. تجمع حروفها وقد تركت بنا الأثر الجميل. تعود ملكة في مملكتها الصغيرة، لكنها تقدم نصائحها لاخواتها عن الصبر والتحمل والكفاح ليبقى البيت عامرا بالحب والسعادة، وهذه النصائح التي قدمتها لاخواتها في دار التربية الاجتماعية تصلح لكل فتاة تقدم على الزواج وتخطط لبقاء البيت عامرا. وأخيرا أقتطع جزءا من حكايتها : ان في داخل بنات التربية أشياء جميلة وقوة وطموحا فعليهن إظهار ذلك وتقبل النصيحة والمساعدة وان تنفض كل واحدة غبار ظروفها وقصة حياتها لتكن هي ذاتها التي تخلق ظروفا جميلة. غادرت مها المسرح وبقيت كلماتها تدور في رأسي، تلك المها الصغيرة الحيية، كانت ساطعة هنا تركت نورها يسير ويذكرنا بالمثل القديم (ليس الفتى من قال كان أبي بل من قال هآنا ذا). هكذا انتهينا من السير لكن بقي كلام عالق في حنجرتي ربما يساعدني الله على عرضه في المقال القادم.. وقبل أن اترك هذه المساحة احب ان أبين ان الفتيات الأربع نموذج فهناك ايضا خريجات اخر وموظفات في قطاعات اخرى . وبقيت كلمة للمجتمع أصرت الشابات عليها كل واحدة بطريقتها الخاصة (تعاملوا معنا بما ترونه منا لا بما تسمعونه عنا).. وإني معهن في ذلك قلبا وقالبا. وتحية لصمودهن. ولمواجهتهن الجمهور بكل شجاعة وقوة، وتحية للمشوار الطويل الذي بذلته جميع سيدات الخدمة الاجتماعية البنين والبنات، ونتطلع لرؤية إبهار آخر للشباب حيث نجح الكثير وكبر الكثير وحصل على بعثات دراسية. ويبقى ان الشجاعة والصمود يمكن ان تولدهما الفتاة او الفتى من داخلهما، مهما كانت الظروف.