نظمت شعبة التراث العمراني بالهيئة السعودية للمهندسين بالتعاون مع الهيئة العامة للسياحة والآثار والمجلس البلدي بمحافظة جدة والجمعية السعودية لعلوم العمران، (السبت) برنامجا لزيارة ميدانية لمسجد الشافعي بجدة التاريخية، كما أقامت محاضرة علمية بعنوان "الجوانب الفنية في ترميم مسجد الشافعي بجدة" ألقاها الدكتور صالح لمعي مصطفى مدير عام مركز إحياء تراث العمارة الإسلامية بالقاهرة والمشرف على ترميم المسجد، بمشاركة وحضور عدد من المختصين والمهتمين في التراث العمراني والإعلاميين. وقد انطلق البرنامج المعد للزيارة من أمام بيت نصيف التاريخي، حيث تولى المهندس طلال سمرقندي عضو مجلس شعبة التراث العمراني بالهيئة السعودية للمهندسين قيادة المشاركين إلى مسجد الشافعي وقدم خلالها نبذة عن مدينة جدة وتاريخها ومميزات مبانيها ورواشينها وبرحاتها، بالإضافة إلى التعريف بأصالة تقاليدها وعاداتها القديمة المتوارثة. وعند وصول المشاركين إلى المسجد التقوا بالدكتور لمعي والمهندس عبدالفتاح شلبي مدير المشاريع في الشركة المنفذة لمشروع ترميم المسجد، حيث قدما شرحاً وافياً عن جميع الجوانب الفنية في ترميم المسجد، كما تجولوا داخل أروقته ووقفوا على سير العمل، وأجابا على جميع الاستفسارات التي طرحها المشاركون والمختصين، مؤكدين متابعة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، الذي يولي المشروع اهتماما كبيرا، ومشيرين إلى أن مدة العقد تنتهي بعد 3 أشهر وتحديداً في 31/8/2014م. بعد ذلك توجه الجميع إلى بيت البلد في المنطقة التاريخية وذلك لحضور المحاضرة العلمية التي ألقاها الدكتور لمعي بعنوان "الجوانب الفنية في ترميم مسجد الشافعي بجدة" والتي شهدت حضوراً كثيفاً من أهالي ومحبي جدة وعدد من المتخصصين في مجال التراث العمراني والآثار والإعلاميين، وامتدت لأكثر من ساعتين، تناول فيها المحاضر عدداً من الجوانب الفنية والمتخصصة في طرق وآلية العمل في ترميم المسجد، وبدأها بلمحة موجزة عن المسجد، مشيراً إلى أنه يقع في حارة المظلوم، إحدى أقدم حارات جدة القديمة بجانب سوق الصاغة والفضيات القديم وصانعي النحاس، وإلى الشرق منه توجد سوق النسيج والملابس المعروفة بسوق البدو. وأكد الدكتور صالح انه لا بد عند بداية أي مشروع ترميم من القيام بدراسة تاريخية ومسحية للموقع الأثري المراد ترميمه وقراءة جميع النقوش والكتابات على الجدران وتفسيرها، مشيراً إلى أن المسجد تعرض لتدهور شديد وتعديات قام بها من يريد الإصلاح ولكنهم للأسف لم يكونوا متخصصين في هذا المجال، مبيناً أن نتائج التحاليل للمكونات الأساسية المستخدمة في المسجد قديماً بينت أنها تحتوي على 28% رمل و10.3% جبس و61.7%. وتنقل الدكتور مصطفى بين العديد من المحاور الفنية المتخصصة في مجال ترميم التراث العمراني وتأهيله من خلال العرض المرئي الذي قدمه للحضور والذي اشتمل على رسومات وبيانات وصور وإحصائيات وتحاليل، كم شرح العديد من المصاعب والمعاناة التي واجهتهم والتي كان آخرها اكتشاف وجودة مادة الرصاص في قاعدة الأعمدة بالإضافة إلى وجود أساسات بأعماق أكبر نتيجة الردم الأعوام الماضية بهدف الترميم، بالإضافة إلى وجود حركة في الرواق الداخلي بأكثر من 35 سم إلى 70 سم، بالإضافة إلى المحاولات السابقة للترميم باستخدام الاسمنت والتي أفسدت كثيراً من قيمة وجمالية المسجد وتطلب المشروع مزيداً من الجهود والدراسات. وفي ختام المحاضرة القيمة طرح الدكتور صالح مصطفى عدداً من التوصيات والاقتراحات في مقدمتها ضرورة الاستغناء على المحلات والدكاكين الموجودة في إحدى جنبات المسجد والتي يرى أنها لا تخدم الناحية الجمالية لأقدم مسجد في جدة، ولابد من تكاتف جميع الجهود وإعطائه الاهتمام الكامل. وكانت المحاضرة قد بدأت بكلمة للمهندس أيمن زريعة عطية الله الشيخ رئيس مجلس شعبة التراث العمراني بالهيئة السعودية للمهندسين وكلمة للأستاذ عمر طيبة نيابة عن المجلس البلدي بجدة، كما تم في نهاية المحاضرة تكريم عدد من الجهات الداعمة وفي مقدمتها الهيئة العامة للسياحة والآثار تسلمها المهندس سلطان فادن مدير مكتب الآثار بجدة.