مشهد القتل مؤلم وأنت تشاهده في شريط سينمائي... وأتوقع أن يكون مخيفاً إلى حد الرعب لو شاهدته في عرض الطريق.... ولكن بدم بارد تم التصوير وبدم لا يقل بروده تم النشر... وذلك لجريمة القتل التي تمت في السويدي... شاب متعاطي مخدرات إلى حد الإدمان.. اختلف على علبة سجائر مع صاحب البقالة الآسيوي والنتيجة انه قتله وسط الطريق... الجريمة أكرر مرعبة في مشهدها ومكانها وأسلوبها والمعطيات المحيطة بها حيث للأسف لم يكن هناك أي محاولة لإيقافه أو ردعه بل تم التوثيق بالصورة.... هل الجريمة كانت فقط في الطريق أم كانت هناك جريمة أخرى... خلف هذا الطريق وخلف الكواليس الإدارية التي للأسف اكتفت بإيقاف علاجه وأغلقت الاذان للاستماع لشكوى أهالي الحي المقيم فيه وربما شكاوى أسرته..... إشكالية الجريمة تلك تتنوع في مخاطرها فهي جزء من مشكلة المخدرات حيث ارتفاع نسبة التعاطي بين الشباب وخطورة استهداف شبابنا بهذا الداء الخطير... وهي أيضا جزء من مشكلة ضعف الخدمات المفترض تقديمها للمرضى النفسيين ومدمني المخدرات... وهي أيضا جزء من مشكلة قيام المؤسسة الأمنية في مكافحة هؤلاء الخطيرين المنتشرين في بعض الأحياء وعدم الأخذ بجدية لشكاوى أهالي الأحياء من بعض المرضى ممن يسرحون ويمرحون في الطرقات مهددين أمن وسلامة الآخرين بما فيهم أسرهم.... أيضا هي جزء من مشكلة عنصريتنا تحاه الآخر لأنني على ثقه انه لو كان المجني عليه غيره لما تم تصويره بدم بارد ودون أي محاولة لمساعدته وإنقاذه من بطش هذا المجرم.. أيضا هي جزء من مشكلة ضعف تحمل الأسر السعودية في التعامل مع أبنائها الخطرين لافتقادها للمؤسسات المساندة من ناحية وانخفاض الوعي عند البعض من ناحية أخرى... تلك الحادثة ليست الأولى ولكن تفاصيلها مختلفة ومتنوعة وذات امتداد مختلف الاتجاهات كما سبق وذكرت.. وربما لن تكون الأخيرة.. والأهم اننا لا نريد أن ننتظر حادثة وأخرى لتأتي ردود الأفعال... فجميعنا لن ينسى حادثة الطفله التي تحرش بها أحد الشباب عند المصعد لتأتي الأخبار فيما بعد موضحة أنه أيضا لديه مشاكل سلوكية ومعروف عنه خطورته على أهل الحي ولم يتم إيقافه إلا بعد تصوير واحدة من جرائمه.... لابد من معالجة الوضع من جذوره في تحميل جميع الأطراف مسؤوليتها. فالمصحات النفسية أو العلاجية ليس من حقها إخراج المريض قبل شفائه خاصة إن كان يعاني مرضاً نفسياً أو عقلياً يهدد الآخرين بالخطر أو يعرض نفسه للخطر....، أيضاً على الجهات الأمنية سرعة التجاوب مع أي بلاغ أو تنبيه عن خطورة هؤلاء مع ضرورة تحميل أسرهم أيضاً مسؤوليتها تجاههم بحيث لا يكونون مصدر رعب للآخرين خاصة وان بعضهم يرتكب جريمته بكل صلافة في وضح النهار مما يؤكد وضوح خطورته ..... في الجانب الآخر أتوقع أن تصوير تلك الجريمة في حد ذاته بداية يحسب لصاحبها التوثيق وأيضاً نتوقع من ضميره التأنيب لأنه كان متفرجاً بدم بارد على قتل إنسان بريء جاء بحثاً عن رزقه في بلادنا فكانت منيته قتلاً... لا نريد أن تستمر مواقفنا على شكل ردود أفعال..بل حان الوقت أن نعتلي قمة الفعل فنحن نملك رأس المال ببعديه البشري والمالي... وتبقى إداره تلك الإمكانيات في مقدورنا من خلال التنظيم المؤسسي فحياة الأفراد ليست رخيصة والشعور بالأمن يمثل احتياجاً وأهمية إنسانية لتحقيق البناء والنماء واستمرار التقدم .... لن يطمئن طفل وهناك مريض يتحرك بكل حرية في حيّه ولن تطمئن امرأة وهناك مريض عقلياً يعيش في بيتها ويتولى أمرها ولا تجد من يحميها منه... لأنها امرأة وهو رجل... لن تقف تلك الجرائم لأن هناك مؤسسات ترمي مسؤوليتها على غيرها دون أدنى مبالاة.