لا أملك أيها الحبيب د. إسماعيل البشري إلاّ أن أقول لك صبراً.. أعلم أن الطعنات الخمس في قلبك، ستظل تنزف طويلاً.. وأعلم أن كلمات العزاء مهما كثرت وطالت لن تمسح لك دمعة.. ولكنني أعلم يا حبيبنا، منذ أن عرفتك رئيساً للأندية في بريطانيا، في أول أسبوع من عملي ملحقاً بها، أعلم أنك رجل مؤمن محتسب.. وأن قلبك معمور بحب الله، وأعرف أن فيك من مزايا المؤمن المخبت، ما يجعلني أثق في إيمانك، وصبرك واحتسابك.. وتعلم يا حبيبنا أن هذه الدنيا امتحان وابتلاء وأن الإنسان فيها في نكد وبلاء وتلك حكمة الله يوم خلقه ولم يستشره لا في خلقه ولا فيما قدّر له.. قلت يا حبيبنا إن الكلمات أكبر من الفجيعة.. وأن وقع السهام في القلب أليم.. وأن نزعها منه أشد وجعاً وألماً.. ولكن لا تنسى أيها الحبيب أن الله ألطف.. وهو أعلم كيف يكون لطفه.. وأنه رحيم وهو أعلم منا كيف تكون رحمته، وهو أكبر من الجميع في معرفة سر ما قدر، وكتب.. فاحتسب لمصابك.. واحتسب أبناءك عنده.. وما تدري لهذه الأنفس الزكية الطيبة، والأرواح الطاهرة التي طارت إلى سماء ربها، لا تدري أيه أزكى لها التعب في هذه الدنيا وشقاء.. أم مغفرة ورحمة ورضوان..؟!! ولك أسوة فيمن أصيب بمثل ما أصبت به من أولئك الذين فجعوا وأصابتهم حطمة «كما أصابتك» بل لك أسوة في ذلك الصحابي الجليل أبي ذئيب الهذلي الذي فجع في خمسة من فلذات كبده.. فرثاهم بتلك المرثية التاريخية التي تعبر عن الوجع والفجيعة والتي يقول منها: أودى بني فأعقوبني حسرة بعد الرقاد وعبرة ما تقلع فالعين بعد همو كأن جفونها سملت بشوك فهي عور تدمع إلى قوله: لابد من تلف مقيم فانتظر أبأرض قومك أم بأخرى المضجع نعم لابد من تلف، أفي اليوم أو في غد، وهذه هي الدنيا تزرع الناس فتحصدهم يد المنون.. ولكل أجل كتاب.. وأجزم يا حبيبنا بأنك تعلم أن ما أصابك هو شيء من الابتلاء.. «ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات» وإن الله ليبتلي أنبياءه وعباده الصالحين وعليك بالصبر والاحتساب لأنك موعود بأجر عظيم.. «وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم، وأولئك هم المهتدون».. أدعو الله أن تشملك صلاة ربك، وهدايته وأن ينزل عليك سكينته، أنت وأهلك وذويك.. ولك العزاء وخالص الدعاء، منا جميعاً بالثبات والصبر في مصابك الجلل.. (إنا لله وإنا إليه راجعون).