لم يسأل أحد مرتادي شواطئنا نفسه وهو يهم بالتوجه لها: ماذا لو تعرض أحدٌ من أبنائه أو أقاربه للغرق فماذا سيفعل؟! سؤال ربما يخطر بالبال إلا أن الكثير لا يريد أن يتصور السيناريوهات (المزعجة أو المؤلمة) التي قد تحدث له والتي بالطبع ستكون مأساوية، والسبب بكل بساطة هو أن شواطئنا جلها تخلو من متطلبات السلامة والإنقاذ، وربما يسارع البعض بالقول أن حرس الحدود موجود، والرد هنا بسيط وهو أن ما بين الاستغاثة، وحضور زوارق حرس الحدود تحتاج على أقل تقدير (وفي أكثر التصورات تفاؤلا ً ومثالية) من 8 – 10 دقائق وهو وقت يكفي نصفه للوفاة (لا قدر الله)! أرامكو السعودية قدمت نموذجاً رائعاً ليس فقط لسلامة موظفيها والمعامل، لكن كذلك سلامة أرواح مرتادي شواطئها فجسدت شعارها (السلامة أولاً) حقيقة معاشة في ركن من أركان الشركة، ففي شاطئ القرية المخصص لموظفي الشركة على ساحل الخليج لم تسجل الشركة أياً من حالات الغرق رغم مضي أكثر من 40 عاماً على تجهيز هذا الشاطئ، وسبب ذلك يعود إلى توفير منصات عديدة للمراقبة النهارية والليلية، ومعها يقف أسطول من الغواصين المهرة والمزودين بالوسائل التي تمكنهم من تأدية عملهم على الوجه الأكمل من سترات للنجاة وزوارق سريعة وأجهزة رؤية وغيرها، ومعها رقابة مستمرة على العاملين وصيانة مستمرة، كل تلك الخطوات الهامة اتخذتها أرامكو لضمان سلامة موظفيها وأبنائهم فتحقق لها ذلك على مدى أربعة عقود وأكثر. شاطئ القرية يقدم رسالة للشواطئ التي تشرف عليها بقية الجهات الأخرى الحكومية منها على وجه الخصوص، فحالات الغرق تسجل بالعشرات في الجبيل الصناعية وهاف مون وغيرها من الشواطئ التي تشرف عليها الأمانات والبلديات، وكان بالإمكان الحفاظ على تلك الأرواح التي زهقت (وسيزهق غيرها) غرقاً لو وفرنا أمور السلامة، حتى وإن كانت كلفتها عالية فسلامة الإنسان لا يوجد أغلى منها، لكن تلك الأدوات ستمنح الشواطئ "التي تكتظ بمئات الآلاف من المرتادين سنوياً" جانب الأمن والطمأنينة والراحة وقضاء وقت للاستجمام بعيداً عن حالة القلق والتوتر. ماذا لو تم توفير غواصين ممن يعملون في حرس الحدود أو الدفاع المدني، وتزويدهم بالمعدات الخاصة لهذا الغرض وتكليفهم بالدوام كفرق إنقاذ يعملون على شواطئنا أليس هذه الخطوة سيكون له دور كبير في إنقاذ أرواح البعض ممن قد يتعرض لا قدر الله لحالة غرق؟! (الرياض) رصدت من شاطئ القرية التابع لشركة أرامكو مدى المتابعة الدقيقة والحرص على سلامة مرتادي الشاطئ من قبل طاقم متمرس مزود بوسائل السلامة ومتواجد في أبراج للمراقبة مزودة بأجهزة اتصال لا سلكي تمكنه من التواصل مع رؤسائه والجهات الأمنية، ومن أعلى تلك الأبراج يراقب الغواص وعلى مدار الوقت كل من دخل البحر مهما اختلف عمره، وما أن يرى أحداً قد خالف المساحة المحددة لدخول البحر (والمحدد من قبل بالونات وألوان واضحة داخل البحر) حتى يصدر صافرة الإنذار، وإذا تكرر ذلك فإن موظفين تابعون للشركة يقومون بدورهم بإنذار وتحذير مرتاد البحر ومنعه من تكرار فعله، فيما يجوب زورق سريع مخصص للإنقاذ البحر ذهاباً وعودة على امتداد الساحل دون توقف وسط تقدير كل مرتادي البحر، أما إذا حل الليل فإن الجميع يمنع من دخول البحر، فيما يتم منع الجميع في حال هيجان البحر أو وجود رياح شديدة، فيما كل هذا لا يحدث في الشواطئ الأخرى ويترك الأشخاص لقدرهم يتصرفون كيف يشاءون والنتيجة تكرار حوادث الغرق. زورق الأمن يجوب المياه لضمان السلامة