** ذكرت قبل اسبوعين أن سوق الإعلان في المملكة (يعاني من وجود احتكار "غير مباشر" يجب معالجته بسرعة لمصلحة الاقتصاد الوطني والمعلن والمستهلك والشركات المحلية الصغيرة) ** عقبت وزارة الشؤون البلدية والقروية على المقال، ولها كل الشكر والتقدير ابتداء على التفاعل والتعقيب، إذ يسعد أي كاتب أن يسمع لصوته صدى، عنوان تعقيبها (احتكار الإعلان بصفته المعروفة غير موجود) واستشهدت لنفي الاحتكار بالندوة التي عقدتها صحيفة الرياض حول الموضوع، وهي من أكبر الندوات التي عقدتها الصحيفة، وشارك بها 17 شخصية من رجال أعمال في مجال الإعلان، ومتخصصون محايدون، وصحفيون مهتمون، إضافة إلى مسؤول من وزارة الشؤون البلدية والقروية، ومسؤول من أمانة مدينة الرياض، ومشاركة هذين المسؤولين ومداخلاتهما، كانت مؤشرا طيبا على أن هناك رغبة في التعاون على حل مشكلة سوق الإعلان في بلادنا لا نفيها من الأساس. ** لكن التعقيب فسر الماء بعد الجهد بالماء، حيث لم اقل إن هناك "احتكاراً" كاملا لسوق الإعلان، ولا أن هناك احتكارا تاما بصورته المعروفة، كما يوضح عنوان تعقيب الوزارة، فحتى لو – لا سمح الله - حاولت أي أمانة لأي سبب أن تكون مظلة لاحتكار كامل بصورته المعروفة، فستعجز حتما، لأن أجهزة الدولة تمنع الاحتكار المباشر بصورته المعروفة، منذ أيام الغوص!. ** هل نحتاج ميزان ذهب لقياس الفرق بين عبارة احتكار تام بصورته المعروفة، وعبارة احتكار غير مباشر، أم نحتاج عيون زرقاء اليمامة لمشاهدة الفرق؟. ** المفارقة في التعقيب هي الاستشهاد بندوة الرياض التي توافق المشاركون بها على مرئيات مناقضة لمضمون التعقيب، حيث أكد معظم المشاركين على ضرورة خلق بيئة تنافسية قائمة على التعددية، ومواجهة الاحتكار بصوره المختلفة، من خلال توزيع أعداد لوحات الإعلان في مزايدات تضمن مشاركة أكبر عدد من المستثمرين من دون إقصاء، إلى جانب طرح مزايدات جديدة لعدد من المواقع التي لم تحظ باللوحات الإعلانية وبخاصة في الرياض ثم جدة، وعدم منع الإعلانات على المباني الخاصة، بل تنظيمها أسوة بالدول المتقدمة عالمياً وإقليمياً، وكان عنوان الندوة المنشور هو "القوي" يتحكم في السوق والمتنافسون يتفرجون!. ** ولديّ تقرير غير منشور للجنة وكالات الإعلام والإعلان في الغرفة التجارية، يتضمن معلومات وأرقاما تؤكد الخلل في سوق الإعلان، منها أن نحو ثلاثة أرباع مزايدات "بعض"الأمانات تذهب إلى شركة كبيرة واحدة فقط، وأنه بعد انسحاب شركات الإعلان السعودية الصغيرة والمتوسطة من السوق "أو طردها" قفزت أسعار بيع اللوحات الإعلانية في المدن الكبرى أكثر من الضعف خلال خمس سنوات، فتضرر المعلن في تلك الوسائل وهو الماهر في تحميل خسائره على المستهلك النهائي. ** لن أتوسع في ذكر معلومات وأرقام هذا التقرير، فالهدف ليس الإثارة ولا مهاجمة أحد، ولكن الهدف هو التأكيد على أن هناك مشكلة حقيقية تحتاج حلولا جادة عمليا، فهناك قرارات ولوائح لتنظيم سوق الإعلان قد تكون جيدة "نظريا"، بينما هناك خلل كبير في التطبيق من بعض الأمانات، أدى إلى احتكار غير مباشر تضرر منه كثيرون، ويؤمل من سمو وزير الشؤون البلدية والقروية، العمل مع الأمانات لمعالجة هذا الخلل، وهم قادرون على ذلك بعد توفيق الله.