في حالة الجرح السوري المفتوح، هناك آلاف القصص التي يمكن أن تروى: فهناك ماض معتم مليء بانتهاكات لا حصر لها وحاضر مرير ومستقبل غير معروف يحمل الكثير من القلق والأسئلة. كل ما يعرض حتى الآن من أفلام وثائقية، ما زالت لا تتجاوز السطح فيما توثق. ولم نر حتى الآن أفلاماً وثائقية تكشف أيا من المراحل المذكورة بعمق. فقد عرضت قناة العربية مؤخراً، في الذكرى الثالثة لبداية الثورة السورية، سلسلة من الأفلام الوثائقية المختلفة الشكل والمضمون تتناول فيها جوانب معينة من حياة السوريين. الأول والأكثر سينمائية هو فيلم المخرج الفرنسي "أكسل سيلفاتوري سينز" "شباب اليرموك". وهو يحكي قصة شباب من مخيم اليرموك وعلاقتهم بالمخيم وأحلامهم وخيباتهم وطموحاتهم. تم تصوير الفيلم بين 2009 ثم 2011 حيث بدأت الثورة. وقد تم فيما بعد اعتقال أحد شخصيات الفيلم (حسان حسان) وموته تحت التعذيب. لم يذكر الفيلم شيئاً من ذلك، كان المسكوت عنه أكبر من المحكي لكن هناك إلمحات كثيرة عن أشياء لم تذكر صراحة. أما الأفلام التي تلت هذا فهي أكثر مقاربة للوضع الراهن. فهناك" سوريا: وقائع الألم" والذي يروي حكايات وشهادات تنقل بعض الوقائع بشكل بسيط. تتحدث في الفيلم الممثلة مي سكاف ومحامي لاجئ وأطفال يبدو على وجوههم الخوف والحزن على ما فقدوا. صحراء وخيام وتشرد وخرائب. يتكلم مواطن، في إحد المشاهد، بين الخرائب والبنايات المقصوفة والمدمرة لحلب. كانت شهادات أكثر منها وقائع وقد تكلمت قلة عن القلق من التسلح. أما الفيلم الثالث فاسمه "طبيب الثورة" وهو يحكي عن طبيب معارض اسمه رامي حبيب وما يفعله من أجل مساندة الثورة السورية من خلال عمله. والرابع فيلم "لاجئون"؛ وهو يحكي قصص اللاجئين السوريين الذين حاولوا الهروب إلى أوروبا ليقعوا ضحايا أطماع المهربين وحرس الحدود. مازال الوضع السوري الراهن، يحتمل عشرات الأفلام الوثائقية التي تتناول تطورات ومنعطفات الثورة والمآسي الإنسانية التي حدثت منذ اندلاعها، وجرائم النظام السوري، والمجازر والخراب والتشريد وغيرها كثير. ومازال ما يعرض ليس إلا جزءاً يسيراً جداً من المشهد. أما وقائع الألم فهي أبعد من هذا بكثير جداً.