يصادف يوم 22 مارس من كل عام اليوم العالمي للمياه وهو اليوم الذي أقرته الاممالمتحدة وحثت دول العالم للاحتفاء به وبذل الجهود على كافة المستويات للمحافظة على المياه وتنمية مصادرها واستخدامها الاستخدام الامثل الذي يحقق استدامتها. ونظرا لارتباط المياه بكل شيء في هذا الكون فيتم في كل عام اختيار شعار لليوم العالمي للمياه وشعار هذا العام هو "الماء والطاقة". الماء والطاقة عنصران مهمان متلازمان يعتمد في الغالب كل منهما في الظروف العادية على الآخر .الماء ضروري لتوليد الطاقة والطاقة ضرورية لتحلية وتنقية ونقل المياه. تستخدم الطاقة في استخراج المياه الجوفية من الآبار, في معالجة المياه الجوفية لإزالة الاملاح وغيرها من الملوثات, تستخدم كذلك في تحلية مياه البحر, وفي نقل المياه من مناطق الانتاج الى مناطق التوزيع وكذلك في توزيع المياه عبر الشبكات العامة في المدن, تستخدم في تجميع ومعالجة ونقل مياه الصرف الصحي. كيف تصل المياه من الخزانات الارضية إلى الخزانات العلوية في المنازل بدون طاقة, وكيف يتم تسخين المياه في الشتاء وتبريده في الصيف بدون طاقة وغير ذلك الكثير. أما استخدام المياه في إنتاج الطاقة فتتمثل في تبريد مولدات الطاقة, ندرة المياه العذبة عامل اساسي في زيادة الطلب على الطاقة. توفر الوقود الاحفوري في دول مجلس التعاون عامل مهم في توفير مياه البحر المحلاة. عمليات تحلية مياه البحر من العمليات التي تستهلك طاقة كبيرة. زاد استهلاك الطاقة الكهربائية في المملكة زيادة حادة خلال الفترة من عام 1990 – 2013 نتيجة للنمو الاقتصادي السريع الذي ترجم إلى النهضة الشاملة في كل القطاعات البلدية والتجارية والصناعية. بلغ أقصى حمل في عام 2001 نحو 24 جيجا وات , قفز إلى 27.8 جيجا وات في عام 2004, ثم 38 جيجا وات في 2008, و53.5 جيجا وات في 2012 , وفي عام 2013 بلغ اقصى حمل نحو 60 جيجا وات. تصل الزيادة السنوية في استهلاك الطاقة الكهربائية حوالي 8% وهذه النسبة عالية في كل المقاييس وتتطلب استثمارات بمئات المليارات من الريالات وعليه فإن الحاجة ملحة لتبني برامج عاجلة لتطوير سياسات لترشيد الطاقة وكذلك البحث عن مصادر جديدة للطاقة المتجددة للوصول إلى التنمية المستدامة. تحلية مياه البحر وتوليد الكهرباء التي تعتمد على النفط والغاز المدعوم من الدولة ساعدت على زيادة الطلب على النفط والغاز الطبيعي بشكل كبير جداً سيهدد الاقتصاد الوطني قريباً إذا لم تتخذ الحلول المناسبة وأهمها ضرورة الاسراع في استخدام مصادر بديلة للطاقة. تشير الدراسات أن المملكة تستهلك نحو 25% من انتاج النفط والغاز لتوليد الكهرباء وانتاج المياه المحلاة ومن المتوقع أن ترتفع هذه النسبة بشكل قد يؤثر على صادرات المملكة التي تعد مصدر الدخل شبه الوحيد للبلاد. على ضوء الاستهلاك المحلي للنفط والغاز الذي يتزايد عاماً بعد عام فإن الامر يحتم علينا أن نبحث وبأقصى سرعة عن مصادر متجددة للطاقة وهناك خيارات متعددة منها الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة النووية والطاقة الحرارية. لا شك أن إنشاء مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة تعد البداية الصحيحة للمضي في هذا الطريق الصعب وأملنا أن تسرع المدينة في الخطى وتختصر المسافات وتسابق الزمن لنصل للطاقة المتجددة ففيها صفة الديمومة وخفض التكاليف الانشائية والتشغيلية على المدى المتوسط والبعيد. مبادرة الملك عبدالله لتحلية المياه بالطاقة الشمسية: تعد تحلية المياه بالطاقة الشمسية حلماً يراودنا منذ زمن بعيد فلدينا في المملكة ميزة نسبية ممتازة وهي أن السطوع الشمسي متوفر على مدار العام وكذلك توفر الامكانات المالية بفضل الله تعالى. جاءت مبادرة الملك عبدالله لتحلية المياه المالحة لتحقيق هذا الحلم وتتلخص بتعاون مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية ووزارة المياه والكهرباء والمؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة وغيرها من الجهات ذات العلاقة في بناء محطة لتحلية المياه بالتناضح العكسي تعمل على الطاقة الشمسية لإمداد مدينة الخفجي ب (30,000) متر مكعب يومياً. كان لنا في لجنة الاسكان والمياه والخدمات العامة بمجلس الشورى شرف زيارة القرية الشمسية, بدعوة كريمة من معالي رئيس مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية , يوم 8/5/1435ه وسرنا بالفعل ما رأينا من جهود تبذل تسابق الزمن وبأيد وعقول سعودية 100% تعمل كالفريق الواحد لإنتاج ما تحتاجه محطة الخفجي من الطاقة الشمسية. وحسب الخطة المرسومة فقد تم تقريباً الانتهاء من إنتاج الالواح الشمسية المطلوبة. وحسب إفادة المختصين فإن ما تم إنتاجه لمحطة تحلية المياه بالخفجي يمثل المرحلة الاولى من مبادرة الملك عبدالله لتحلية المياه المالحة وسيتبعها بإذن الله مراحل أخرى لتحلية نحو 300,000؛ متر مكعب على ساحل البحر الاحمر باستخدام الطاقة الشمسية. نحن نعيش هذه السنوات عصرنا الذهبي ولا بد من استثمار المال المتوفر حاليا لبناء مستقبل مشرق بإذن الله تعالى فبناء الانسان السعودي وتعليمه وتدريبه هو الاستثمار الحقيقي الذي سيحقق الطموحات والاهداف لتتنمية وتطوير مملكة العلم والمعرفة.