حذر رئيس وزراء أوكرانيا ارسيني ياتسينيوك في نداء الى المجتمع الدولي الاحد من ان بلاده "على شفير كارثة" متهما روسيا باعلان الحرب على بلاده. وصرح ياتسينيوك للصحافيين باللغة الانكليزية بعد يوم من موافقة البرلمان الروسي على ارسال قوات الى اوكرانيا "هذا تحذير واضح وليس تهديدا، انه بالفعل اعلان حرب على بلادي". واضاف "اذا كان الرئيس بوتين يريد أن يكون الرئيس الذي سيبدأ حربا بين دولتين جارتين هما اوكرانياوروسيا، فقد كاد ان يصل الى هدفه. فنحن على شفير كارثة". وناشد ياتسينيوك المجتمع الدولي قائلا "نحن نعتقد ان شركاءنا الغربيين والمجتمع الدولي باكمله سيدعم وحدة اراضي اوكرانيا، وسيبذلون كل ما بوسعهم من اجل وقف النزاع العسكري الذي اثارته روسيا الاتحادية". ووجهت الولاياتالمتحدة السبت تحذيرا شديد اللهجة الى روسيا، مطالبة اياها بسحب قواتها المنتشرة في شبه جزيرة القرم الاوكرانية تحت طائلة مواجهة عزلة دولية وانعكاسات سلبية "عميقة" على العلاقات الاميركية-الروسية. وخلال مكالمة هاتفية استمرت 90 دقيقة السبت، اكد الرئيس الاميركي باراك اوباما لنظيره الروسي فلاديمير بوتين ان روسيا انتهكت القانون الدولي بنشرها قوات عسكرية في اوكرانيا، ودعاه الى التفاوض سلميا مع السلطات الجديدة في كييف بشأن مخاوفه على الناطقين بالروسية في هذا البلد، بحسب ما جاء في بيان للبيت الابيض تميز بلهجة شديدة الحزم. واوضح البيان ان الرئيس الاميركي قال لنظيره الروسي ان تحركات القوات الروسية في اوكرانيا تشكل "انتهاكا واضحا لسيادة اوكرانيا وسلامة اراضيها، ما يمثل انتهاكا للقانون الدولي بما في ذلك التزامات روسيا بموجب ميثاق الاممالمتحدة"، مؤكدا ان "الولاياتالمتحدة تدين التدخل الروسي في الاراضي الاوكرانية". ولكن البيان لفت الى ان اوباما اكد لبوتين ان الولاياتالمتحدة "تعترف بالروابط التاريخية والثقافية المتينة التي تجمع بين روسياواوكرانيا، وضرورة حماية حقوق الناطقين بالروسية والاقليات" في هذا البلد. واضاف ان "الرئيس اوباما قال للرئيس بوتين انه اذا كانت لدى روسيا مخاوف حيال طريقة التعامل مع الناطقين بالروسية والاقليات في اوكرانيا فان الطريقة المثلى لمعالجة هذه المخاوف هي في مخاطبة الحكومة الاوكرانية مباشرة". كما طالب اوباما نظيره الروسي ببدء "حوار بين روسيا والحكومة الاوكرانية بمساعدة دولية اذا لزم الامر، والولاياتالمتحدة مستعدة للمشاركة فيها". كذل جنود أوكرانيون بجانب ناقلة جنود مدرعة في ميناء شبه جزيرة القرم (رويترز) ك فان الرئيس الاميركي "قال بوضوح ان مواصلة الانتهاكات لسيادة اوكرانيا وسلامة اراضيها من جانب روسيا ستكون له تبعات سلبية على مكانة روسيا في الاسرة الدولية". واوضح البيان انه "خلال الساعات والايام المقبلة ستجري الولاياتالمتحدة مشاورات طارئة مع حلفائها وشركائها في مجلس الامن الدولي" وفي هيئات دولية اخرى. وتابع انه في خلال هذا الوقت "ستعلق الولاياتالمتحدة مشاركتها في الاجتماعات التحضيرية لقمة مجموعة الثماني" التي تستضيفها مدينة سوتشي الروسية في يونيو، مؤكدا بذلك ما اعلنه مسؤول اميركي كبير الجمعة عن امكانية مقاطعة اوباما لقمة مجموعة الثماني ردا على التدخل الروسي في اوكرانيا. واضاف البيت الابيض في بيانه محذرا من ان "مضي روسيا في انتهاك القانون الدولي سيقودها الى عزلة سياسية واقتصادية اكبر". وبحسب مسؤول في الرئاسة الاميركية فان المباحثات بين اوباما وبوتين كانت "صريحة ومباشرة". واذا كان بيان البيت الابيض اتصف بالحزم والشدة فقد اعقبه بيان آخر اكثر حزما وشدة صدر عن وزير الخارجية الاميركي جون كيري وتحدث فيه عن "غزو واحتلال" روسي للاراضي الاوكرانية يهدد "السلم والامن" الاقليميين وسيكون "تأثيره عميقا" على العلاقات الاميركية-الروسية. وقال كيري في بيانه مساء السبت انه "ما لم تتخذ روسيا اجراءات فورية وحسية لتخفيف حدة التوتر فان تأثير ذلك سيكون عميقا على العلاقات الاميركية-الروسية وكذلك ايضا على مكانة روسيا على الساحة الدولية". وأضاف ان "غزو الاراضي الاوكرانية واحتلالها من جانب روسيا الاتحادية" لا يشكل فقط "انتهاكا لسيادة اوكرانيا وسلامة اراضيها" وللمواثيق الدولية، وانما يشكل ايضا "تهديدا للسلم والامن في اوكرانيا والمنطقة". وكشف الوزير الاميركي في بيانه انه اجرى مؤتمرا عبر الهاتف مع وزراء خارجية العديد من الدول، الاوروبية بالدرجة الاولى، وذلك بهدف "تنسيق الخطوات التالية"، مضيفا "كنا موحدين في تقييمنا (للوضع) وسنعمل معا بشكل وثيق من اجل دعم اوكرانيا وشعبها في هذه اللحظات التاريخية"، داعيا مجددا موسكو الى سحب قواتها. بالمقابل قال الكرملين ان الرئيس الروسي ابلغ نظيره الاميركي خلال المكالمة التي جرت بمبادرة من الاخير ان روسيا "لها الحق في حماية مصالحها والسكان الناطقين بالروسية" في شرق اوكرانيا وشبه جزيرة القرم في حال حدثت "اعمال عنف". وقالت الرئاسة الروسية في بيان ان بوتين واوباما تباحثا في "الوضع الخارج عن المألوف في اوكرانيا"، وان الرئيس الروسي شرح لنظيره الاميركي "الخطر الحقيقي الذي يتهدد حياة وصحة المواطنين الروس على الاراضي الاوكرانية" وكذلك "الاعمال الاجرامية للقوميين المتطرفين المدعومين من السلطات الحالية في كييف". واتت المكالمة الهاتفية بين الرئيسين في الوقت الذي ترأس فيه أوباما بعد ظهر السبت اجتماعا لمجلس الامن القومي الاميركي لبحث الخيارات السياسية المتاحة لحل الازمة الاوكرانية بعد قرار البرلمان الروسي السماح بتدخل عسكري روسي في اوكرانيا. وكان وزير الدفاع الاميركي تشاك هيغل، الذي شارك في الاجتماع، اجرى في وقت سابق السبت مباحثات عبر الهاتف مع نظيره الروسي سيرغي شويغو عقب موافقة المجلس الاتحادي الروسي على ارسال قوات عسكرية روسية الى اوكرانيا. وفي مجلس الامن الدولي أعلنت السفيرة الاميركية في الاممالمتحدة سامنتا باور خلال جلسة طارئة للمجلس حول الوضع في اوكرانيا ان "الوقت حان لكي تنهي روسيا تدخلها" في اوكرانيا. واقترحت المندوبة الاميركية ان تتشكل بعثة المراقبين هذه من افراد ينتمون الى كل من الاممالمتحدة ومنظمة الامن والتعاون في اوروبا التي تضم في عداد اعضائها كلا من روسياواوكرانيا. وجددت باور ايضا دعوتها الى ارسال بعثة وساطة دولية الى شبه جزيرة القرم. غير ان السفير الروسي في الاممالمتحدة فيتالي تشوركين رفض الاتهامات الاوكرانية، مؤكدا من جديد ان الحل لهذه الازمة يتمثل في "العودة الى اتفاق 25 شباط/فبراير وتشكيل حكومة وحدة وطنية". واشار تشوركين ايضا الى ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "لم يتخذ بعد قرارا بشأن استخدام القوات المسلحة" في اوكرانيا. وفي اطار مشاوراته مع حلفاء واشنطن، تباحث أوباما السبت في اتصالين هاتفيين مع كل من نظيره الفرنسي فرنسوا هولاند ورئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر في التدخل العسكري الروسي في اوكرانيا، واتفق القادة الثلاثة على العمل سويا لتقديم حزمة مساعدات الى هذا البلد. وقال البيت الابيض في بيان انه خلال هاتين المكالمتين "اتفق القادة على ان سيادة اوكرانيا وسلامة اراضيها يجب ان تحترم، واعربوا عن قلقهم العميق ازاء تدخل روسيا في اوكرانيا". واضاف البيان ان القادة الثلاثة "تعهدوا العمل سويا على حزمة مساعدات ووسائل دعم" لكييف، وكذلك ايضا "اتفقوا على مواصلة التنسيق الوثيق، بما في ذلك على الصعيد الثنائي، ومن خلال المنظمات الدولية المناسبة". واثر هذا البيان أعلن هاربر استدعاء السفير الكندي في موسكو للتشاور، وحذا حذو واشنطن بالتهديد بمقاطعة قمة مجموعة الثماني "المقرر حاليا" عقدها في منتجع سوتشي الروسي في حزيران/يونيو. الى ذلك صرح وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الاحد ان فرنسا تأمل في "تعليق التحضير ل(اجتماع) مجموعة الثماني في سوتشي" وترغب في اجراء "وساطة" باسرع وقت لتجنب عملية عسكرية روسية في اوكرانيا. وقال فابيوس في برنامج "غران رانديفو" لتلفزيون اوروبا 1 ولوموند "اننا ندين التصعيد العسكري الروسي، ونرغب في تنظيم وساطة باسرع وقت، يمكن ان تكون مباشرة بين الروس والاوكرانيين او بواسطة الاممالمتحدة او منظمة الامن والتعاون في اوروبا". واضاف ان فرنسا تأمل ان يتم "تعليق التحضير لمجموعة الثماني في سوتشي" المدينة الروسية "طالما لم يعد شركاؤنا الروس الى مبادىء متطابقة مع مبادىء مجموعة السبع او مجموعة الثماني". وتابع الوزير الفرنسي ان "روسيا صديق تقليدي لنا. ونود من صديق تقليدي امرا اخر غير التحضير للحرب". من جانبها قالت وزارة الخارجية الصينية أمس الأحد إنها قلقة للغاية بشأن الأحداث الدائرة في أوكرانيا ودعت إلى إجراء محادثات لإيجاد حل سياسي للأزمة. وأضافت الوزارة في بيان على موقعها الالكتروني "ندين التصرفات شديدة العنف التي تشهدها أوكرانيا في الاونة الأخيرة ونواصل حث جميع الأطراف في أوكرانيا على حل خلافاتهم بهدوء في إطار قانوني وعلى حماية.. الحقوق القانونية لجميع أفراد الشعب الأوكراني." وأضافت الوزارة أن مبدأ الصين الدائم هو عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى وأن الصين تحترم سيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها. وتابعت الوزارة "ثمة سبب وجيه لتصاعد الأحداث لتصل الى ما وصلت إليه اليوم. "الصين ستواصل مراقبة التطورات وتدعو جميع الأطراف لإيجاد حل سياسي عبر الحوار والمفاوضات على أساس احترام القانون الدولي ومبادئ العلاقات الدولية والحفاظ على السلام والاستقرار الإقليمي." كما دعت اليابان العضو في مجموعة الثماني الى احترام "وحدة وسلامة اراضي" اوكرانيا. واثناء زيارته الى جاكرتا السبت بمناسبة انعقاد مؤتمر حول فلسطين، وجه وزير الخارجية الياباني فوميو كيشيدا "دعوة حازمة لكل الاطراف" المنخرطة في هذه الازمة الى احترام "سيادة القانون ووحدة الاراضي" الاوكرانية. الى ذلك اعلن الامين العام لحلف شمال الاطلسي اندرس فوغ راسموسن الاحد ان روسيا "تهدد السلم والامن في اوروبا" ويجب ان "توقف تحركاتها العسكرية وتهديداتها" بشأن اوكرانيا. وقال راسموسن في تصريح ادلى به قبل اجتماع لسفراء الدول ال28 الاعضاء في الحلف الاطلسي حول الازمة في اوكرانيا، "سنبحث في تبعات (الازمة) على السلم والامن في اوروبا وعلى العلاقات بين حلف شمال الاطلسي وروسيا".