في البدء حسناً حينما سمّى بيان الداخلية الأخير بأن ما يحدث في العوامية من جرائم هو اعتداءات إرهابية. وحين نقول إنها أعمال إرهابية قد لا نحتاج للتذكير ببعض البدهيات؛ أن الإرهاب لا مذهب له، ولا طائفة له، بل له أيديولوجيا واحدة ومنظومة فكرية متشابهة ومتشابكة. وكل إنسانٍ يدرك معنى المواطنة ويفهمها من جذروها يؤمن تماماً بأن الذي جرى في العوامية أمر مرفوض ولا مناطق رمادية في الحياد أو حتى مجرد الصمت إزاءه فهو لا يشكل إلا عملا إجراميا وإرهابيا بكل المقاييس. كان للضربات والمعالجات الأمنية تجاه الأعمال الإرهابية في العوامية فرصةٌ لادعاءات البعض الطائفية والتشنيع المذهبي. وكأن الجهات الأمنية لفئةٍ من الناس دون غيرها. القتلى الذين اصطادتهم الجهات الأمنية خلال أحداث الإرهاب ونشاط تنظيم القاعدة من السنة أضعاف أضعاف المتطرفين من المذاهب الأخرى، ومع ذلك لم يقل أحد من الناس أن العمليات الأمنية ذات أساليب طائفية ومسوغات مذهبية. في تفاعل المغردين في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" لعلّه من المدهش لدى البعض ليست ردّة فعل أولئك المرتهنين والمنضوين أيديولوجياً، وإنما ردة فعل أولئك الذين لا يزالون - على ما يبدو - يعيشون وهماً سياسياً. اللغة التحريضية التي يستخدمها البعض حتى بصمتهم والتي تحاول تكوين مشاعر العداء ضد الإجراءات الأمنية التي تتخذ لحفظ أمن الوطن وشعبه تحت حجج وهمية يخدعون بها بعض أتباعهم بذريعة حقوق ومظلوميات طائفية زائفة نذكرهم بأنهم لا يمكنهم أن يتغافلوا عن عشرات العمليات التي قمعتْها القوى الأمنية استباقياً بفضل وعيها لحماية من؟ لحماية شعبٍ بأكمله بملايينه العشرين على مدى أكثر من عقد من الزمان في حرب المملكة ضد القاعدة السنية وإرهابها. في أزمان الأزمات تستشري ظاهرة التهييج من قبل بعض الطامحين سياسياً من أحزابٍ أيديولوجية تتمنى أن تهتز الحكومات وتتغير وتتأثر بالأحداث الحاصلة إقليمياً، مع كل حدثٍ كان يجري ترتفع بعض الأصوات التي تتشفى من الأنظمة السياسية محاولةً إثبات قوتها وخطورتها، وفي الإجراءات الأمنية للقضاء على الفتنة في العوامية وغيرها كانت تضيق بعض الصدور صمتاً وهي التي لا تبقى شاردة أو واردة صغيرة أو كبيرة إلا ويتسابقون برفع أصواتهم فيها. أما فيما يحدث بالمملكة ومواقفها التي ترسخ الاستقرار والأمن في الخليج، وتحرسه وتحميه فلا ينبسون ببنت شفه! تحاول بعض الرؤى التي تنطلق من مرجعياتٍ إقليمية قريبة وبعيدة أن تجيّش الرأي العام ضد المملكة على اعتبار أنها تمارس القمع ضد الحريات. وهذه رؤية ضيقة. الغريب أن الكثيرين يحكمون على المتهم تبرئةً وإدانةً بخطّ القلم. إذا كان البريء والمدان يعرفان حالهما من خلال هؤلاء الناشطين أو غيرهم فما فائدة المحاكم والقضاء والأساليب التحقيقية؟! لا شك أن هناك تواطؤاً بين بعض أصحاب المشاريع السياسية المتعددة، فترى الفرد من تلك الجماعة يدافع عن جماعة أو حزب أو طائفة مغايرة، وهذا ليس تسامحاً بل هو تواطؤ من قبل التيارات السياسية للتآمر ضد الحكومات في البلدان المستقرة. منها محاولاتهم المكشوفة لامتطاء قضايا الشيعة في المملكة من أجل التشنيع على الحكومة، لهذا نجد كم أن الإسلام السياسي يتكاتف ويتعاطف، سواء أكان من السنة أم الشيعة. رعاية إيران لإرهابَيْ حركات الإسلام السياسي من السنة والشيعة هي لهدف واحد، وإذا رجعنا إلى التسجيلات والتغريدات والمحاضرات لرموزهم لرأينا كيف أنهم كانوا ينفون الشرعية لأنظمة الخليج، وإنكار مشروعية الأنظمة وعلى الرغبة بإسقاطها. ففيما سمي ب"الثورات العربية" كشفت وأعادت التكتلات والتشكلات بين التيارات، فصارت الشمولية والعمى السياسي والحماقات الحركية العنفية هي ما يجمع بين تلك التيارات! للتذكير أن من أساليب إيران المكشوفة توجيه بعض الأقلام المرتهنة والمأجورة لتكون موجهةً ضد بلدانهم ومجتمعاتهم تحت ادعاءات الطائفية، والطائفية بعيدة كل البعد عن العمل الأمني ذلك أن الحفاظ على مكتسبات الوطن ومقدراته فوق الجميع. وهذه الصيغة من المعالجة بحيث يوضع كل حدثٍ ضمن سياقات مذهبية وطائفية وأن نتأمل بالفعل في محيطنا المضطرب لنتكاتف كمواطنين بكل فئاتنا لحماية هذا الوطن من كل أذى!